الأنباط - بقلم: الدكتور اياد الخصاونة
عندما تلتقي فلسفتان متضادتان، الأولى عنوانها البطولة والرحمة والمحبة، والثانية عنوانها التجبر والخوف والتيه ،فإنه يتوجب التوقف عند هذا المشهد والتمعن فيه وتقييمه .
قبل حوالي ثلاثة الآف وخمسمائة عام أنزل الله -سبحانه وتعالى – على بني اسرائيل المن والسلوى (طعام من السماء) الا انهم طلبوا من سيدنا موسى -عليه السلام- استبداله بالبصل والثوم والبقوليات، فاستبدلوا الأدنى بالأعلى ،تجبرا وتعنتا، ثم بعد ذلك بحوالي ألف وخمسمائة عام طلبوا من سيدنا عيسى عليه السلام أن يدعو الله لينزل عليهم مائدة من السماء،فكان لهم ذلك, الا انهم لم يستجيبوا لتحذيرات سيدنا المسيح فخانوا العهد وغدروا وسرقوا، فغضب الله عليهم وعذبهم عذابا شديداً.
خيانة الموائد التي أنزلت على بني اسرائيل وبأيديهم هي خيانة موروثة وليست بالجديدة، فإذا لم يسلم الانبياء والرسل من هذه الخيانة بعد العهود الغليظة التي قطعوها على انفسهم، وخانوا موائدهم والطعام الذي أنزله االله عليهم ولهم،فكيف بالموائد التي تنزل اليوم على جياع المسلمين في غزة وهم يعتبرونهم ألد أعدائهم في الأرض.
إن فلسفة الملك عبدالله الثاني بإنزال الطعام على غزة بيده وباستخدام الطائرات، انما تمثل مقاربة روحانية، لم تكن لتتم وتنجح لولا انها جاءت بهدي رباني،لا بل أنها شكلت مثلاً وقدوةً حسنة سارت على نهجها العديد من كبرى دول العالم, وأصبحت هي السبيل الانجع – في ظل الظروف الراهنة- لانقاذ أرواح الابرياء من الشيوخ والنساء والأطفال من أهل غزة، وعندما حاولت اسرائيل ارهاب ابناء هذا الشعب وقتلت المئات من الذين هبَوا لالتقاط لقمة طعامهم،جاءت موائد السماء مجدداً،ولكن هذه المرة ليست بمعجزة نبي،وانما بحكمة ملك وبهدي من الله، ولتبقى لعنة موائد السماء تلاحق بني اسرائيل الى يوم الدين.