كتّاب الأنباط

إبراهيم أبو حويله يكتب : لماذا يخافونهم ...

{clean_title}
الأنباط -

أن تتفاجأ بألاف الرسائل الإلكترونية الغاضبة ، فهو أمر يدعوك إلى التساؤل ما الذي قمت به بالضبط وإغضبت كل هؤلاء البشر ، ثم يتبع ذلك عدد كبير من المكالمات الغاضبة ، وإجراءات عقابية من مجموعة من اللوبيات الضاغطة والتي تمتاز بقدرة كبيرة على إحداث الضرر على المستوى التشريعي والتنفيذي والمالي ، فأنت تواجه إيباك وكميرا ومجموعات الضغط الصهيونية والتي تعتبر الأقوى والأكثر تنظيما في العالم .

كمواطن أمريكي تستطيع ان تواجه الرئيس وتوجه له ما تشاء من كلام وإنتقادات ، ولكنك لن تستطيع حتى مجرد التفكير في القيام بإنتقاد الكيان بأي شكل من الأشكال فهذه قد إستطاعت الجماعات الصهيونية خلق نوع من الرقابة الذاتية على المؤسسات الإعلامية والرسمية والتشريعية (تابو) لا أحد يجرؤ على الإقتراب منه، ومن يتجرأ على ذلك يواجه بجملة من الإجراءات التأدبية والقضائية التي تبدأ بالرسائل الإلكترونية الغاضبة ، والمكالمات الهاتفية الغاضبة ، وقد يصل الأمر إلى تحريك مظاهرات في عدة ولايات إذا كان من قام بالإنتقاد مؤسسة إعلامية أو صحيفة مشهورة ، أو حتى رئيس أو مسؤول كبير مثل ما حصل مع الرئيس جمي كارتر والذي طالب بالمساواة وإيقاف الفصل العنصري، أو في إحدى الولايات إذا كان نائب أو سيناتور الذي قام بالإنتقاد ، وتحريك جماعات الضغط ضده ، وقد يصل الأمر بالمنتقد مثل ما حصل مع كريس فان هويلين أن يصل إلى الكيان راكعا معتذرا ولن يقبل منه حتى يكون عبرة لغيره ، وحتى لايفكرغيره مجرد تفكير في الإقتراب من هذا الكيان .

يتعلم الصها ينة درسهم جيدا ، فهم يكافؤن من يقف في صفهم ، ويعاقبون بشدة من يقف ضدهم ، او حتى يفكر مجرد التفكير في إنتقادهم ، ويستعملون كل الوسائل بدون تحديد ولا أخلاق ، ولا يوجد سقف لهذه الوسائل التي من الممكن أن يستخدموها لتحقيق أهدافهم .

فهم في فترات السلم يقومون بدعوة الشخصيات السياسية والإعلامية المؤثرة ، ويعدون لهم جولات منظمة ، يتم إطلاعهم فيها على ما يقومون به من أعمال وبناء وتحديث ومصانع ومزارع ، وعرض جنود الإحتلال ممن يشبهون الغرب بالعيون الزرقاء والشعر الأشقر ، وأن هؤلاء مخلوقات لطيفة وليست شريرة ، وأنها لا يمكن أن تؤذي أحدا ، طبعا بدون الإشارة إلى الكيفية التي تم فيها تفريغ هذه الأراضي من أهلها ، وبدون الإشارة إلى الألية التي يتعامل فيها الكيان مع السكان الأصليين بواقع الفصل العنصري ، وتكون هذه الإستضافة مجانية وفي أفخم الفنادق ، ويتم الإحتفاء بهم بطريقة مبالغ فيها ، وكان لهذه الوسيلة أثر بالغ في التأثير على الكثيرين .

بعد حرب لبنان في العام إثنان وثمانون ، وبعد أن قامت العديد من الصحف والمؤسسات الإعلامية الأمريكية بنشر تقارير تظهر مدى الوحشية في التعامل مع البنية التحتية والمستشفيات والمدارس والمدنيين نشأت لجنة دقة التقارير ، تخيل دقة إختيار الإسم دقة التقارير (CAMERA ) ، والتي توحي بأن الدقة المطلوبة في نقل الخبر هدفها فقط التركيز على الجانب الإنساني في قصف المدنين والمستشفيات والنساء والأطفال ، وأن الهدف هو ضرب الإرهابيين والمجرمين ، وأن الخسائر الجانبية غير مقصودة نهائئا ، وأن عدد الأموات الكبير في المدنيين هو مجرد صدفة في كل الحروب التي يقودها الكيان ضد أعدائه ، وأنه دقيق جدا في تحديد أهدافه ، رغم العدد الكبير من المدنيين الموتى ، والمستشفيات والمدارس وأماكن النازحين والبنى التحتية التي تم إستهدافها رغم دقة الطائرات و القذائف الذكية الموجهة، فكل هذه الخسائر تعتبر خسائر جانبية غير مقصودة ، وليس المقصود منها خلق الردع والخوف في قلوب المدنيين من العدو لا قدر الله ، وليس الهدف منها خلق حالة من الخوف الشديد لكل من يجرؤ على مقاومة الإحتلال ، ومن يجرؤ على إنتقاد هذه السياسة عليه مجابهة اللوبيات الصهيونية وجماعات الضغط الخاصة بها فقد تم التوضيح سابقا أن الأهداف عسكرية ، ولكن سقطت هذه الأهداف المدنية بشكل خسائر جانبية رغم فداحة الإعداد والمناظر والخسائر .

وهكذا سكت صوت الإعلام الحر الأمريكي عن نقل أحداث لبنان في 2006 ، وصمت بعدها صمت الأموات عن كل ما يتعلق بالعرب والمسلمين وفلسطين ، إلا أن ظهرت مواقع التواصل التي إستطاعت كسر هذا الصمت والوصول إلى المواطن الغربي والأمريكي، وإيصال الحقيقة له مجردة بدون لجان الدقة والرقابة التي تفرضها على الخبر الجماعات الصهيونية، وبدأت تظهر جماعات تعارض ما يقوم به الكيان بحق السكان العزل والمدنيين وأن هذه تعد جرائم حرب، وأن قطع الماء والكهرباء والغذاء عن المدنيين أيضا جرائم ضد الإنسانية ، والعقاب الجماعي وضرب المستشفيات والمدارس وامكان اللجوء بالقذائف الثقيلة المخصصة للعمليات العسكرية يعد أيضا جرائم ضد الإنسانية .

ولكن إذا لم نستدرك هذه الحالة جيدا ونحرص على إستغلالها وتوظيفها لإظهار الحقيقة ، فإن الكيان يدرس وبقوة هذه الظاهرة ويسعى من خلال الضغط المالي والسياسي إلى التأثير على هذه المواقع وإدخالها في منظقة نفوذه وسيطرته، لتقع هي الاخرى تحت رقابة لجانه ومنظماته التي لا تسمح بأي إنتقاد أو خبر يمس هذا الكيان بالمرور ، وفرض رقابة دكتاتورية على الأخبار لمنع وصولها بشكل عادل إلى جميع الأطراف ، خاصة إذا علمنا بأن أكثر من مائة وخمسين مليار هي حجم المساعدات التي يتلقاها الكيان من الولايات المتحدة فقط، وأنها من الممكن أن تتأثر إذا تم الوصول إلى الإعلام والسياسين والشعوب وتحريرهم من القبضة الحديدة التي تفرضها اللوبيات الصهيونية عليهم .

لذا يجب الإنتباه إلى تشكيل تنظيمات وجمعيات ومجموعات ضغط عربية إسلامية عالمية، لتقابل المجموعات الصهيونية وتحاول إيصال الصورة الحقيقية بعيدة عن رقابة جماعات الضغط الصهيونية وحجبها للحقائق .

مع الشكر الخاص لموقع المخبر الإقتصادي للعديد من المعلومات الواردة في التقرير .

إبراهيم أبو حويله ...
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )