الأنباط -
بين حياة ورقم ...
أن تكون منحازا هو أن ترى الحياة هناك ولا تراها قصة وذكريات وأيام جميلة ويد بيد هنا ، لتلك الجميلة التي تضيء لك الحياة ، تجعل لك فيها هدفا ، تسعى بعد إنتهاء يوم متعب وان تلقي كل تلك المشاكل والأحداث ، وتسعى لأن يلتقي القلب بالقلب ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
طفل هناك بوجه يحاكي سمات الأجداد ويبعث الرسم في الوجوه التي إندرست عبر أيام القصف والحصار والتضييق والأدوار الطويله ، والبحث عن ما تقيم به الحياة ، ترسم له مستقبل تراه ، تراه يكبر يوم بيوم ، بشقاوة بضحكة بخوف بحرص ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
وتلك الطفلة التي تجعلك بإبتسماتها تنسى كل تلك المآسي التي مرت عليك ، تلقي نفسها في حضنك ما أن تدخل البيت ، تبحث في الأكياس الشبه فارغة عمّا إستطعت أن تحمله إليها في يومك ، وتراها يوم تكبر ويوم تطيل شعرها ، وفي أخرى تلبس حذاء أمها ، وفي ثالثة تبحث في الفساتين عما يجعلها أجمل ، ولا تدري أن كل الدنيا لا تعدل عندك ظفرها ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
حتى في أكثر الأيام إنشغالا وتعبا ، تحرص على أقل تقدير أن ترفع سماعة الهاتف لتسمع صوتها ، ذلك الحنان العجيب الذي بين نبراتها ، تلك الدعوات الخالصات التي تشعر بعدها بهبة قوية من الراحة والطمأنينة ، ولا تنسى لمستها في الايام التي تحتاج إليها ، حتى بعد ان تجاوز فيك العمر عقودا ، ما زلت تشعر بالحاجة اليومية إليها .. أمي ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
مع أنه لا يكثر الكلام ولا يحرص على اظهار مشاعره ، وتظنه جبلا هناك يكاد يعانق جبل الشيخ في عزة وكرامة ، ولكنك تشعر في كل لقاء في كل كلمة على كم المشاعر الكبير الذي يحمله لك ، وذلك الحرص والنصح العجيب الذي يحوطك به ، تشعر كم هي الدنيا صغيرة بوجوده ، حتى ذلك التحالف الذي تجمعت فيه الأمم لتحارب ذلك الشريط الذي يقترب من العدم ، كل ذلك لا يعني لك شيئا بوجوده أبي ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
مع أنه يحرص على إستفزازك دائما ويسعى بكل السبل لأن يسجل عليك ذلك الموقف ، ولكني لم أذكر يوما أنني احتجت إليه ولم أجده بجانبي..أخي ، وتلك التي تنظر إليك بعين المحبة والإحاطة والدعاء وتحرص عليك بكل الحب حتى من نفسها ، وتفخر بك حتى لو كنت في الحقيقة على هامش الحياة .. أختي ، ثم يأتي المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
تبحث في ذاكرتك عن ذلك الصديق الذي يحمل حقيبة أسرارك ، وتسعى إليه عندما تشعر بالضيق والتعب ويكون اللقاء لقاء أرواح تبث فيه كل روح شكواها للأخرى وتخرج من هذا اللقاء وكأن الدنيا غسلت همامها وألامها بكفيه وتسعى ليوم جديد ، ثم يأتي ذلك المحتل الغاشم ليضع نهاية لتلك الحياة .
عليك أن تعلم جيدا أن هؤلاء حياة ، ولهم حياة لغيرهم وكانت لهم أحلامهم وكانوا يسعون لحياة سعيدة في هذه الحياة ، ولكنك أيها الإحتلال الغاشم وضعت حدا لكل ذلك لن ننسى .
إبراهيم أبو حويله...