الأنباط -
وعود الغرب ...
يبدو أن حكام أوروبا نتيجة القداسة الكاذبة التي احاطتهم بها ثلة من السياسين ورجال الدين الفاسدين ظنوا أنفسهم فعلا ناطقين باسم الله في الأرض ، ولهم القداسة ليغفروا لهذا ويلعنوا ذلك ، فهذا لن يدخل جنتهم وذلك سيدخل نارهم .
وما فرعون عنهم ببعيد { قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَاۤ أُرِیكُمۡ إِلَّا مَاۤ أَرَىٰ وَمَاۤ أَهۡدِیكُمۡ إِلَّا سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ } شعوب الأرض اليوم يجب أن تهتدي بهديهم وتنصاع لاوامرهم ، وإلا فهي مارقة كافرة تستحق العقاب والابادة ، ومن يقاوم مخططاتهم إرهابي لا يستحق الحياة ، فيجب ابادته وكل ما ومن حوله .
بالأمس أقتطع ملك أوربي قطعة من الأرض بأهلها وثمارها وحدودها ووهبها لفرسان الهيكل وهي اليوم أسبانيا بكل ما فيها ، وتركتم روسيا لقمة سائغة ولكنها لم تكن تلك اللقمة بل كانت الغصة المؤدية للنهاية وكل ذلك خوفا وطمعا ، وبعدها وقعتم للإتحاد السوفيتي بكل تلك الجمهوريات الإسلامية وغيرها ويوغسلافيا بما ضمت من مقاطعات وأجناس وأعراق ، وقبلها وبعدها ستبقى هذه الأرض وشعوبها رهن للقوي يتصرف في الأرض والأرواح والأعراض كيف يشاء .
وغريب أمر الإنسان كيف ينسى سريعا ما حدث وما سطره التاريخ من أحداث ، وكيف قامت دول ونامت دول، وكيف ينسى القوي ما حدث وينسى الضعيف ما حدث أيضا ، ونعلق في أحداث وكأنها مجردة من الماضي وغير متصلة بالمستقبل بل هي حاضر فقط ، وهل كانت البشرية في يوم حاضراً فقط ، إليس كل حدث هو أبن ماضيه ورهن بمستقبله ، وما تزرعه اليوم من أحداث تحصده غدا مضاعفا مهما كانت طبيعته .
الغرب فيه منظمات تخطط وأخرى تحكم ومؤسسات تسعى وتنفذ ، ومنها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف .
هل قامت ممالك وأندثرت ممالك وقامت أمم وأندثرت أمم إلا بإنفعال من فعل وتأثر بحدث ، ولكن هناك فرق بين الحدث الناتج عن حدث ، وبين تلك النبوءات التي أصبحت تملأ هذا الفراغ بالفراغ الذي لا طائل خلفه تارة بنبوءة عن سنة معينة وتارة بأحداث تم إفراغها من محتواها ومعناها ، وهل تحدث النبوءة والحلم إلا بجرار السمن والعقول الفارغة .
لن يتغير واقع إلا إذا تغير واقع، ولا تَبني الأحلام ولا النبوءات إلا قصورا في الفراغ وبطولات في الخيال ، القوم يعلمون ويعملون ويدرسون ويجدون ويسهرون ليصبح الحلم حقيقة ، ويسعون بكل قوة لضرب كل صحوة أو فكرة أو نهضة أو وحدة ، هم يغيرون على الواقع ، ويطلبون منّا فقط أن نحلم بالتغيير .
ولكن هل يحدث التغيير إلا إذا حدث التغيير في الواقع وتغير التصرف والفعل والإنفعال لتلك الأفعال التي نراها يوميا ، وهل تحدث المهرجانات والإضرابات والمظاهرات أثر في عدو كما يحدث علم ومعرفة وتطور وتصنيع أثر ملموس على أرض الواقع .
هناك نشوة انتصار نعيشها في مواقع التواصل الإجتماعي ولكنها نشوة مضرة تضر الجسد والفكر ولا تصنع شيئا على الأرض ، وهي مستحقة نعم ولكن إذا لم يتبعها تغيير في الفكر والطريقة التي نتعامل بها مع الأحداث، وحركة صناعية وثقافية وعلمية فلن يحدث أثر على أرض الواقع .
وهناك عناصر تساهم في بناء الأمة أهمها حسب ما أرى هو بناء الإنسان المنضبط المنفعل بتاريخه وحضارته وماضيه، والمنطلق منه لبناء واقع آخر مختلف. ويصبح للعلم والتعلم والمعرفة والتاريخ والمجتمع والدين فيه مكان .
عندها من الممكن أن تصنع هذه الأحداث حضارة ومكان تزهر فيه الشفافية والعدالة ، وبعدها من الممكن أن نتكلم عن الممكن وغير الممكن .
إبراهيم أبو حويله ...