الأنباط -
أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق ناصر الشريدة في تصريحات صحفية سابقة أنه "سيتم إصدار التقرير النهائي عن معدلات الفقر خلال الثلث الأول من عام 2023"، لكن ذلك لم يحدث حتى هذه اللحظة.
مع ذلك، فإن عدم نشر الحكومة لنسبة الفقر يثير تساؤلات حول شفافيتها والتزامها بمعايير الديمقراطية والمساءلة، إذا كانت الحكومة تمتلك بيانات محدثة وموثوقة حول معدلات الفقر، فلماذا تمتنع عن الكشف عنها؟ وما هي الدوافع وراء هذا القرار؟
عندما نتحدث عن عدم نشر الحكومة الأردنية لنسبة الفقر منذ عام 2010، فإننا ندخل في مناقشة حساسة ومهمة تتعلق بالشفافية والمساءلة وتقديم المعلومات الحكومية للجمهور، حيث تعتبر نسبة الفقر مؤشرًا حيويًا لتقييم حالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلد، وتوفر صورة شاملة للتحديات التي يواجهها المجتمع.
من الناحية النظرية، يعد النشر المنتظم لبيانات الفقر مبدأً أساسيًا للحكومات الديمقراطية، و يتطلب النظام الديمقراطي المشاركة الفعالة والشفافية للحكومة وتقديم المعلومات اللازمة للمواطنين لتمكينهم من المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بمستقبلهم وحياتهم.
من الجانب الاقتصادي، يعتبر الفقر مشكلة حقيقية في الأردن، إذ يواجه الكثير من المواطنين صعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء يعكس وضعًا اجتماعيًا غير مستدام.، ويعد نشر نسبة الفقر بانتظام أداة هامة لمراقبة وتقييم البرامج والسياسات الحكومية المتعلقة بالحد من الفقر وتحسين حياة المواطنين.
من الناحية السياسية، قد يكون السبب وراء عدم نشر نسبة الفقر هو تجنب الحكومة للضغوط السياسية والاحتجاجات الاجتماعية التي قد تنشأ نتيجة لتصاعد معدلات الفقر، يمكن للحكومة أن تخشى أن ينعكس ذلك سلبًا على شعبيتها وصورتها العامة، وقد تفضل الاحتفاظ بمعلومات الفقر والتعتيم عليها.
ومع ذلك، فإن هذا النهج يشوبه الكثير من المخاطر، عدم النشر المنتظم لنسبة الفقر يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الثقة في الحكومة والتشكيك في جدارتها بمكافحة الفقر وتحسين المعيشة ةهذا ما حدث بالفعل !، قد يتساءل الناس عما إذا كانت الحكومة تحاول إخفاء حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وهذا يزيد من عدم الثقة والانقسامات في المجتمع.
بدلاً من ذلك، يجب على الحكومة أن تلتزم بالشفافية وتقديم بيانات موثوقة ودقيقة حول نسبة الفقر، وأن تكون هذه البيانات متاحة للجمهور وتدعمها بحوار مفتوح وشفاف مع المواطنين والمجتمع المدني، وأيضاً ينبغي أن تستخدم هذه البيانات لتحديد الأولويات وتوجيه السياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية بطريقة تعزز المساواة وتخفض معدلات الفقر.
علاوة على ذلك، يمكن للحكومة الاستفادة من الاحتجاجات والانتقادات العامة بشأن قضية عدم نشر نسبة الفقر لتعزيز جهودها في مكافحة الفقر، كما يجب على الحكومة أن تتبنى استراتيجية شاملة تتضمن تعزيز الوعي وتوعية الجمهور بأهمية نشر البيانات المتعلقة بالفقر، وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية والأكاديميين في جمع البيانات وتحليلها.