هل سبقَ لكَ أن تكلمتَ معَ نفسك؟ الإجابة في الغالب ستكون: نعم، كونها في الواقع عادة طبيعية أن يتكلم البشر مع أنفسهم، سواء من أجل التخطيط أم ترتيب الأفكار، أم الندم على القيام أو عدم القيام بشيء ما، لكنّ هذا الأمر لا يستغرق سوى دقائق معدودة فقط.
ولكن في حالة متلازمة جوسكا، يتحدث الإنسان المصاب بها مع نفسه لوقتٍ طويل قد يستمر لعدة ساعات، ومنَ المُمكن أن تخلق هذه المتلازمة عدداً من المشاكل النفسية للمصاب بها، كما أنها تجذب إليه السلبية، دون إنصات الآخرين له أو الانتباه لحديثه الداخلي، لأنهُ لا يُبدي أي ردّة فعل، فالمصاب بمتلازمة جوسكا يتّخذ ركناً منَ المنزل ويُمارس شروده الذهني، فما هي متلازمة جوسكا؟ وما هي طرق تشخيصها وعلاجها؟
ما متلازمة جوسكا؟
متلازمة جوسكا إحدى الاضطرابات النَفسية الشَائعة بَصورة كبيرة جداً، والتي تُؤثر على نفسية الإنسان، بحيث يتحدّثُ الشخص المصاب مع نَفسه في حِوار طويل، ويكون هذا الحوار مع العقل إمّا بصورة إيجابية أو سلبية، ولكن أغلب الأفراد المُصابين بهذه المتلازمة لا يُفكّرون إلّا بسلبية.
تجدر الإشارة إلى أنّ الشخص المصاب بهذه المتلازمة يُمكنه الحديث بِصوت مَسموع أو التحدث بِصمت، لذلك تَجد أنّ المُصاب بِهذا المرض يكون دوماً وحيداً وغالباً ما يَفضل العزلة عن الاختلاط بالناس، بِحيث إنّ السبب الرئيسي لإصابة الشخص بها قد يَرجع إلى العَجز الاجتماعي.
ما أسباب الإصابة بمتلازمة جوسكا؟
ترجع الإصابة بهذه المتلازمة إلى عدة أسباب، أبرزها كما سبق ذكره العجز الاجتماعي الذي يعدّ السبب الأبرز للإصابة بهذه المتلازمة، والذي من شأنه أن يجعل الكثيريين عرضة للإصابة بهذا المرض النفسي.
فعندما يشعر الفرد بالوحدة وعدم وجود أصدقاء حقيقيين بجانبه، يهتمون لأمره ويستمعون له، قد يتّخذ من نفسه صديقاً ويُمارس أفكاره وحواراته في عقله فقط، وخاصةً إذا تعرّضَ الإنسان في طفولته لقسوة وإهمال من الوالدين وعدم الإنصات له.
كما أنّ تعرض الفرد لخذلان أو خيانة أو فقدان شخص قريب منه كان يشاركه تفاصيل حياته، قد يكون سبباً في الإصابة بالمتلازمة، فحينها سيشعر الفرد بالوحدة والقسوة وينعزل على نفسه.
إضافة إلى ذلك، قد يسبب الحرمان والكبت الإصابة بمتلازمة جوسكا، لما يخلّف من شعور بالوحدة ورغبة في العزلة بعيداً عن المجتمع.
أعراض متلازمة جوسكا
توجد عدة أعراض لمتلازمة جوسكا، يتم من خلالها تشخيص هذا المرض النفسي، أهم هذه الأعراض: عدم حديث الشخص المصاب مع محيطه، والعزلة والانغلاق، وكره المناسبات والتجمعات العائليَّة بشكلٍ مبالغ فيه، إضافةً إلى التفكير الدائم بشكلٍ سلبي ونظرة سوداويّة للحياة.
كما أنّ المصاب بالمتلازمة يحاول دائماً إثبات أنّه سليم ولا يُعاني من أي شيء، بل يجد لنفسه أيضاً الحجج والمُبررات.
علاوة على ذلك، يصاب المريض بمتلازمة جوسكا بالاضطراب النفسي، والعقلي، والإدراكي، وقد يتطوّر الحديث مع النفس إلى أشكال وصور عنيفة تصل حد الأذى.
ما طرق علاج متلازمة جوسكا؟
حسب موقع فنجان، فإنّ الاعتراف بالإصابة بهذه المتلازمة هو أوّل الطرق للعلاج منها، فمن خلال اعتراف الشخص بإصابته بها، يتّضح مدى تأثيرها عليه من خلال التغيّرات التي تطرأ على حياته ونفسيته.
وللعلاج من متلازمة جوسكا على محيط الشخص المصاب أن يساعده في البوح بما يجول في خاطره وتجنّب الكتمان، كون الكتمان يؤدي بالمريض إلى مساءلة نفسه والحديث معها، وبالتالي فإن الحديث مع المريض سيُساعده في السيطرة على تشتيت أفكاره، ويُسهم في التخفيف عمّا بداخله وشعوره بالاطمئنان ومساعدته على ترتيب الأفكار داخل عقله وحلّ المشاكل التي تُواجهه.
لذا إذا لاحظت أنّ صديقك أو أحداً من معارفك يعاني من هذه المتلازمة، فحاول الإهتمام به وساعده على الحديث والبوح بما في داخله.
هناك طريقة ثانية لمساعدة مرضى المتلازمة على العلاج، وهي زيادة ثقتهم بنفسهم، وذلك بنزع الأفكار السلبية من عقولهم واستبدالها بأفكار إيجابية عن الحياة، وهناك عدة أساليب تُساعد على زيادة الثقة بالنفس، مثل تغيير الروتين اليومي، والاختلاط بأشخاص جدد.
كما ينصح بملء أوقات الفراغ لدى المصابين بهذه المتلازمة، بحيث إن أغلب المُصابين بهذه المتلازمة يُعانون من الفراغ الكبير في حياتهم، فيُمارسون أعمالهم دون متعة، ويتوّجهون إلى غرفهم الخاصة للانعزال والتفكير بها.
فالأفضل عدم ترك مساحات فراغ كبيرة في حياة المُصاب، فينصح بملئها بنشاطات مفيدة كالرياضة، والمشي وممارسة الهواية المفضلة والتطوّع أو حتى مشاهدة مباريات كرة القدم.
وأخيراً يمكن لعادة التدوين أن تساعد المصابين بمتلازمة جوسكا على تخطي هذا المرض النفسي، بحيث إن الاعتماد على تدوين الأفكار على الورق بشكلٍ يومي، يُساعد المُصاب في السيطرة على أفكاره وتنظيمها.