الأنباط -
ديانا البطران
جاء اعتماد قرية أم قيس الواقعة في محافظة إربد شمالي الأردن إحدى أفضل القرى السياحية في العالم من قبل منظمة السياحة العالمية، تأكيدا لقيمتها السياحية والتراثية والاثارية.
ويأمل سكان القرية التي تطل على نهر اليرموك وهضبة الجولان وبحيرة طبريا، ان يؤدي هذا الاعتماد الى تحسن حياتهم المعيشية وظروفهم الاقتصادية بزيادة عدد السياح إليها؛ للاطلاع على المعالم الأثرية والتاريخية التي تحتضنها.
ويطالبون بتكثيف ترميم بعض المواقع الأثرية والمحافظة على الآثار والبيئة؛ ليتم ادراج القرية بقائمة التراث العالمي في اليونسكو، لما تتمتع به من تاريخ عريق وجمال عمران وتفرد هندستها وألوانها ونسيجها الاجتماعي المتنوع والمتكامل .
وتبلغ مساحة الموقع الأثري لقرية "أم قيس" نحو 550 دونما، حيث تتنوع فيه الآثار والمباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، المبنية بحجر البازلت الأسود، ومن أبرز آثارها: أسواقها المتعددة وبواباتها، وكنائسها وأضرحتها المذهلة الري، والمدرج الغربي وشارع الأعمدة وكنيسة المقابر المزينة، ومجمع الحمامات الرومانية، والدكاكين المقنطرة، والمسرح الشمالي والغربي، وساحة الكنائس، والشرفة، والشارع الرئيس، وسبيل الحوريات، والمقبرة الملكية، وبوابة طبريا، والقرية العثمانية، وأنفاق مياه تسير لمسافات طويلة تحت الأرض، تجسد الذكاء في هندسة الري، والمتحف، ومركز الزوار.
وتقول الدراسات التاريخية ان أم قيس الضاربة جذورها في التاريخ عُرفت قديمًا باسم جدارا، وتميزت في الحقبة اليونانية بأنها مدينة الحكماء والفلاسفة واشتهرت في ذلك الزمان بالعديد من الشعراء، ومن اشهرهم ارابيوس الذي يخاطب زوار ام قيس:" أيها المارّ من هنا، كما أنت الآن كنتُ أنا، كما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة..إنك فان".
وام قيس إحدى المدن اليونانية- الرومانية العشر في حلف (الديكابوليس)، حيث كانت تقع في موقع استراتيجي يمر بها العديد من الطرق التجارية التي كانت تربط بين سوريا وفلسطين.
ويطالبون الجهات المختصة والمعنية بتطوير المرافق العامة والأثرية في القرية، وبذل جهد اكبر لترويج أم قيس من أفضل قرى العالم السياحية .
وقال وزير السياحة والآثار السابق نايف حميدي الفايز، إن اختيار قرية ام قيس من أفضل القرى السياحية على مستوى العالم، سيساهم في زيادة الحركة السياحية اليها، والأردن بشكل عام، وتمكين المجتمعات المحلية، وزيادة فرص العمل، وترويج القرية جهة رئيسة على خريطة السياحة الأردنية.
وقالت مديرة سياحة إربد الدكتورة مشاعل الخصاونة لـصحيفة الانباط ان الاختيار يعود لأسباب، منها موقع ام قيس الاستراتيجي الذي يعد نقطة جذب للسياحة الداخلية والخارجية ، حيث يتميز موقعها بالكثير من المعالم الأثرية القديمة التي تعكس تاريخ حضارات الشعوب التي سكنت المنطقة عبر المراحل التاريخية للقرية.
وتوقعت انعكاس الاختيار على زيادة الحركة السياحية الى موقع القرية بشكل خاص والأردن بشكل عام، وتوفير فرص عمل، وتمكين المجتمعات المحلية.
وأكدت الخصاونة ان اختيار ام قيس من أفضل قرى العالم السياحية اعتمد على توفر عدة معايير فيها، ومنها: الموارد الثقافية والطبية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والبنية التحتية، مشيرة الى انها تعد من اهم المواقع السياحي التي تتوفر فيها جميع أنماط السياحة وكل المعايير السياحية المطلوبة .
وبين مدير مديرية آثار محافظة إربد زياد غنيمات أهمية العمل المشترك بين وزارة السياحة ودائرة الآثار العامة، وهيئة تنشيط السياحة، لترويج أم قيس من أفضل القرى السياحية في العالم، التي تحافظ على القيم والتقاليد والعادات فيها.
وقال انه جرى العمل أخيرا على برامج ومشاريع، أهمها إضاءة المدرج الغربي الروماني الذي احتضن فعاليات متنوعة الذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة فيها، و تمت إضاءة المعالم الأثرية البارزة في مدينة أم قيس الأثرية، وسيتم العمل على تنفيذ مشاريع التنقيب وصيانة وترميم واستدامة المواقع الأثرية في أم قيس، ومنها تأهيل المسارات والطرق أمام الزوار والسياح، وإعادة بناء وتأهيل المنطقة الأثرية في مناطق واهمها المسرح الغربي مع الحفاظ على الشكل التراثي له، إضافة إلى الترويج المستمر للموقع بالتعاون مع المنظمات الداعمة ومنها: المنظمة الألمانية، وشركة جبل الفيروز .
و أكد رئيس ملتقى جدارا أم قيس الثقافي، موسى محمد نعواشي، أهمية اختيار أم قيس من أفضل القرى السياحية في العالم، مشيرًا إلى تنظيم العديد من المهرجانات الثقافية والسياحية والشعرية والفنية والمسرحية في أم قيس، التي يحضرها ساكنو المنطقة والكثير من السياح الذين يتوافدون الزيارة الاثار والتمتع بجمال المناظر وعراقة المنطقة وتاريخها.
ودعا إلى تطوير القرية من الجانبين الأثري والسياحي وتوفير الخدمات اللازمة من الفنادق والمطاعم والطرق، بحيث تصبح السياحة مصدر دخل دائم مركزا على ترسيخ المفاهيم السياحية والوعي بها وتوفير الكوادر الكفؤة والمتخصصة بالسياحة .
وبينت وجدان ملكاوي صاحبة مشروع بيت الورد، أن هذا الاختيار لأم قيس سيحقق نتائج اقتصادية إيجابية لأصحاب المشاريع ويساهم بتمكين المجتمع وتحسين فرص العمل بطريقة تتيح تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والجمالية مع الحفاظ على كل المميزات الثقافية وملامح البيئة.
وبينت راما الخليل ان ام قيس قطعة من الجنة على الأرض ، وهي من اجمل القرى والمواقع الاثرية التي تحب زيارتها دائما حيث تجلس على قمة جبل قرب الاثار له اطلالة خلّابة يمد الزائر بالطاقة الإيجابية ويوفر له صفاء الذهن، فيما قال احمد الأحمد ام قيس قرية جميلة جدا صيفا وشتاء تبعث في النفس الراحة والطمأنينة.
ومسابقة أفضل القرى السياحية تهتم بالوجهات الريفية التي تتبنى السياحة محركا للتنمية وتأمين فرص عمل جديدة لتحسين الدخل المحلي والقومي، مع المحافظة على القيم والعادات والصناعات التقليدية ودعمها وتعزيزها، إضافة إلى تعزيز مفهوم الابتكار والاستدامة السياحية في تلك القرى من جميع جوانبها: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وبما يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة.
ومدينة ام قيس تقع في لواء بني كنانة التابع لمحافظة إربد شمالي المملكة على بعد 28 كم شمال إربد على ارتفاع 364 م، وتطل على نهر اليرموك وهضبة الجولان وبحيرة طبريا وكان موقعها الاستراتيجي إضافة إلى وفرة مياها عامل جذب للنشاط السكاني.
وعرفت قديماً باسم جدارا وتعني «التحصينات» أو «المدينة المحصنة»، وسميت أم قيس منذ مدة لا تتعدى عشرات السنين، و تم اشتقاقه من الكلمة العثمانية "مكوس"، التي تعني الضرائب.
وتتميز ام قيس بانها مدينة الشعراء، والمحافظة على شكل آثارها الأصلي حتى اليوم وإطلالتها المميزة التي تاسر زوارها من كل أصقاع الأرض، حيث تروي احجارها قصصا وتاريخا عريقا يثبت وجودها الأصيل .
ومن ابرز معالمها الاثرية متحف ام قيس الذي بني في الحكم العثماني، و يتميز بانه منزل عربي تقليدي يتكون من غرف ودواوين مختلفة محاطة بساحة مركزية، وأصحاب هذا المنزل من عشيرة الروسان وسمي بمنزل الروسان تكريما لهم وجدد هذا المنزل في 1990 ليصبح متحفا للحفاظ على القطع الاثرية للمدينة.
ويعود تاريخ مجمع الحمامات الروماني في أم قيس إلى القرن الرابع الميلادي، وهو يبعد عن تقاطع الشوارع المُبلطة بمقدار 100م في الجهة الشرقية من المدينة على طريق ترابية، وتضم الحمامات أقساماً سُفلية يُمكن الوصول إليها بالمشي عبر الطريق الترابي الذي يُقابل المسرح الغربي، وتحتوي على حمامات رومانية تقليدية تتوزع فها غرف مُخصصة لتغيير الملابس وأخرى فيها ماء بدرجات حرارة مُتعددة، ومنها : البارد والساخن والدافئ.
وتمتاز ام قيس بوفرة مياهها حيث اشتهرت المدن الهلنستية – الرومانية بنقل المياه من الينابيع حتى وإن كانت من مسافات بعيدة، لتلبية حاجة الإنسان والحيوان وللأغراض الزراعية، تم بناء الأنفاق والجسور المائية ونحت الآبار والخزانات وغيرها؛ مما جعلها مركزاً للاستقرار البشري في العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.