«اتضحت الصورة، وغابت التغطية، شيرين أبو عاقلة الكلمة التي لا تموت، لروحكِ السلام»، في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وتحديدا مدخله الغربي، بجانب مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، كتبت هذه الرسالة، إلى جانب رسائل أخرى، وباقات زهور، أحاطت عشرات اللوحات الفنية المترامية يمينا ويسارا، والتي استقطبت القاصي والداني في فلسطين، ليكونوا الشهود على اغتيال صوت الحقيقة، الذي جاء إلى جنين لتوثيق أوجاع الفلسطينيين العزل تحت أزيز رصاص المحتل.
وتحت ظل الشجرة التي اتكأت عليها مراسلة قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية، لتقي نفسها من إطلاق النار، حيث مسرح اغتيال جنود الجيش الإسرائيلي لها، تتناثر لوحات فنٍ تشكيلي جمعت قضايا الفلسطينيين وأحداثها مع مشوار الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
«أيقونة الصحافة الفلسطينية»، الاسم الذي أطلقته الفنانة التشكيلة الفلسطينية فداء سمار من سكان مخيم جنين للاجئين، على المعرض الفني الذي أقامته في موقع اغتيالها تحديدا، تخليدا لأبو عاقلة، ومسيرة نضالها الصحافي.
مزار فني
زارت «الإمارات اليوم» معرض «أيقونة الصحافة الفلسطينية»، الذي افتتحته الفنانة فداء السمار يوم الخميس ١٩ من شهر مايو الجاري، بحضور محافظ جنين، وشخصيات رسمية وإعلامية، وسط حشود جماهيرية جاءت تضامنا مع أبو عاقلة، وتكريما لدورها البارز في نقل معاناتهم.
ويحتضن «أيقونة الصحافة» لوحات وأعمال فنية خطتها الفنانة التشكيلة بكلتا يديها، وجميعها تعبر عن الذاكرة الفلسطينية، والصراع مع الاحتلال، والأمل بالحرية والعودة إلى أرض الوطن، ولوحات فنية لمدينة القدس، والرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات، إلى جانب صور فنية عن النضال الوطني والشهداء والأسرى، وأخرى تعكس نضال المرأة وتضحياتها، ولوحات للشهيدة أبو عاقلة، وذلك بحسب السمار.
وتشير إلى أن المعرض يشتمل أيضا على لوحات تجسد عمل شيرين كصحافية تعمل على نقل الحقيقة وتفضح ممارسات الاحتلال الهمجية بحق الفلسطينيين، إلى جانب لوحات لشهداء وأسرى فلسطين، ونكبة تهجير شعبها.
وتقول الفنانة التشكيلة،«إن شيرين أبو عاقلة كان سلاحها الصورة والقلم لدفع ظلم الاحتلال الإسرائيلي عن أبناء الشعب الفلسطيني كل، والريشة والقلم السلاح الذي أجسد فيه عن جريمة إراقة دماء أبو عاقلة، وجراح الصحافي علي السمودي، وأوجاع الشعب الفلسطيني ونكبات تهجيره، وهذا عهد ووفاء لهم جميعا حتى تحرر أراضينا ومقدساتنا من دنس الاحتلال».
وتمضي السمار بالقول،«جاءت فكرة معرض أيقونة الصحافة مباشرة بعد تعمد الاحتلال ارتكاب جريمة اغتيال الصحافية أبو عاقلة، وإصابة الصحافي الفلسطيني علي السمودي، فالاحتلال وإن قتل صوت الحقيقة، فنحن جئنا هنا لنجدد عهد الوفاء، مع من قضوا نحبهم من أجل نصرة شعبنا شهداء، وسنجسد ذلك بالريشة والقلم ما حيينا».
ومن خلال تنظيمها لمعرضها الفني داخل موقع اغتيال أيقونة الصحافة الفلسطينية، جسدت الفنانة السمار تضامن الفلسطينيين من كل الفئات والشرائح مع قضيتهم، وأبناء شعبهم الذين يضحون بالغالي والنفيس للزود عنهم أمام اعتداءات الاحتلال التعسفية، والكشف عن ممارساته الإجرامية، فقد أصبح مزارا يقصده الفلسطينيون والمتضامنون الأجانب، من كل حدب وصوب.
التغطية لم تنتهِ
وبينما تتجول السمار بين لوحاتها الفنية برفقة الزوار، يجلس الصحافي الفلسطيني علي السمودي الذي أصيب برفقة أبو عاقلة، على كرسي متحرك، يحمل صورا لشيرين أبو عاقلة خطتها الفنانة التشكيلية عقب اغتياله.
ويقول الصحافي السمودي،«من خلال هذا المعرض نحمل رسالة يجب على الاحتلال أن يدرك مضمونها جيدا، فالتغطية الصحافية لم تنتهِ بعد، ونحن مستمرون في جهدنا لنقل حقيقة ما تشهده أرض فلسطين، ولن نتوقف عن فضح جرائم الاحتلال، كرامة ووفاء لدماء شهداء شعبنا، وزميلتنا شيرين التي اغتيلت على بعد عدة أمتار من المكان الذي أصابتني فيه قولت الاحتلال برصاص أسلحتها الرشاشة».
ويبين أن معرض الفنانة التشكيلة فداء السمار وكل اللوحات الفنية التي رسمها فنانو فلسطين مكان اغتيال أبو عاقلة، تجزم على أن الريشة والصورة والكاميرا والقلم جميعها وسيلة واحدة، تتعاضد مجتمعة لنصرة قضية شعبنا الفلسطيني، وفضح جرائم الاحتلال بحقه.
وليس وحده «أيقونة الصحافة» من زين موقع اغتيال أبو عاقلة، وحوله إلى معرض فني دائم ومتاح لكل من قدم إلى مخيم جنين، فعلى السور المجاور لموقع استشهاد أبو عاقلة، خط العشرات من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين لوحات فنية تجسد مسيرة أبو عاقلة على مدار سنوات طويلة حتى يوم اغتيالها على أيدي قوات الاحتلال، واعتراض موكب تشييع جثمانها.
فيما أطلق الفلسطينيون على مدخل مخيم جنين الغربي اسم «شارع شيرين أبو عاقلة»، حيث مكان الاغتيال، واستشهادها، تقديرا لمسيرة نقل الحقيقة، التي قادتها أبو عاقلة على مدار ٢٥ عاما.