الأنباط -
أعلن رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مسّاد، أن رئاسة الجامعة رفعت توصيةً إلى مجلسِ أمناء الجامعة، للسير بإجراءات تخصيص منحة دراسية باسم الشهيدة الإعلامية شيرين أبو عاقلة، تخليداً لذكراها واخلاصها وتفانيها في عملها، مقدما تعازي أسرة الجامعة إلى عائلة الشهيدة والشعب الفلسطيني، والأسرة الإعلامية والصحفية كافة، المقرونة بأحرَ مشاعِر الحُزن والعزاء والمواساة.
وأضاف خلال رعايته افتتاح الندوة التي نظمتها كلية الإعلام احتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة، والتي شارك فيها كل من مدير عام وكالة الأنباء الأردنية - بترا فايق حجازين مندوبا عن وزير الدولة لشؤون الإعلام، ورئيس لجنة التوجيه الوطني والاعلام والثقافة النيابية النائب يسار خصاونة، و نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة، أن يومُ الصحافة العالمي، هو ناقوسُ يَدُقُ من أجل ضَرورة احترامِ حُرية الصحافة وأخلاقياتها، وتوفيرِ بيئةٍ إعلاميةٍ حُرةٍ وآمنةٍ للصحافيين، بما يُمكنهم من مُمارسة عَملِهم بحرَفية وبالتزامٍ بقيّم الصحافة ومعاييرها، لافتا إلى ان اليرموك ومنذ تأسيس قسم الصحافة والاعلام فيها دأبت على مشاركة الأسرة الصحفية الأردنية والعالمية بالاحتفال بهذا اليوم، إدراكاً منها بأهمية الرسالة الصحفية ودورها الفاعل والمُؤثر في بناء المُجتمعات ورفعتها وتقدُّمها.
وأكد مسّاد أصبح لا معنى ولا سبب منطقي أو إنساني أو حقوقي لاستمرار القيود على وسائل الإعلام، وذلك في ظل التطوُّرات المُذهلة التي يشهدها قطاع تكنولوجيا الاتصال وتبادُل المعلومات حول العالم، وظهور الطُرق المُختلفة والأدوات الحديثة للاتصال، ضمن مُناخ كونيّ عام يسمحُ بتداوُل المعلومات والمعرفة.
وأكد مساد في كلمته على ضرورة توفير المنظومة التشريعية التي تكفل حرية الصحافة والنشر، التي تعدُّ الوسيلة الأساس لحُرية التعبير، لافتا إلى أن الأردن يمتاز بوجود إرادةً سياسيةً عُليا من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحُسين بإحداثِ تطوّرٍ حقيقي في عملية الإصلاح الإعلامي بشكل شامل، في إطار السَعي الجادّ لإحداث الإصلاح السياسي، وقد ركزت رؤية جلالته للإعلام وحريّة الصحافة على "الالتزام بصونها وحمايتها، لتكونَ عين الرقيب الكاشفة للحقيقة على أُسس مهنية وموضوعية، وبروح الحُريّة المسؤولة، على أن تكون أردنية الانتماء وطنية الأهداف والرسالة"، وقد جاء تأكيدُ جلالته الدائم على دور الإعلام في رفع مُستوى وعي المُجتمعات وتثقيفها وتطوير أوضاعها اجتماعياً واقتصادياً، بهدف ترسيخ الحُريات العامة في الأردن؛ وبناء دولة القانون والمؤسسات، وإشاعة جَوّ من الحوار وحرية الرأي تحت مِظلة حُرية الصحافة والتعبير.
وبين أن الحُريات الصحفية تعترضُها مشاكل وتراجُعات وتحديات مُتعددة في العديد من الدول وما رحيلُ أيقونة الإعلام الفلسطيني وإحدى خريجات قسم الصحافة المُتميزات من جامعتنا اليرموك الشهيدة الإعلامية شيرين أبو عاقلة بالأمس القريب - التي استشهدت برصاص الغدر الصهيوني- إلا دليلٌ صارخ على مُمارساتِ وخروقات قوات الاحتلال الصهيوني، لكافة الحُريات الصحفية والإنسانية والأخلاقية السامية.
وناشدُ الجسم الصحفي لتقديم رسالة إعلامية موضوعية ومُتوازنة تنطلق من خدمة الوطن والمواطن، وأن يكون همهم الوحيد هو إعلاء كلمة الأردن وحمايته، والحفاظ على المُنجزات لتحقيق المُستقبل الزاهر، داعيا الطلبة بأن يحترموا حرية الصحافة المسؤولة والمُنضبطة التي تعزز من دورهم المُجتمعي في المواقع الصحفية التي سيشغلونها لاحقاً، مؤكدا أن جامعة اليرموك ومن خلال كلية الاعلام ستستمرُ بنهجِها ودأبها المُستمر، من أجلِ ترسيخِ أسمى القيّم والمبادئ الراسخةِ التي تُجذر حِسَ المسؤولية لدى طلبتها، وتُعزز من مَعاني الولاءِ والانتماء لديهم، وتحثُّهم على الالتزام بكَافة المواثيق والاخلاقيات الصَحفية، وتؤهلهم ليكونوا بعد تخرُجهم أصواتاً للحَقِ، همُّهم بناءُ مؤسسات الوطن وإعلاءُ شأنه.
بدوره قال عميد كلية الإعلام الدكتور تحسين منصور في كلمته التي ألقاها خلال حفل الافتتاح إننا نحتفي في الثالث من أيار سنويا، باليوم العالمي لحرية الصحافة، وان هذا الاحتفال هو توطيد لناتج مأمول، وعمل دؤوب، ومثابرة حول العالم، لنصل إلى كون يلزمه الحُر، سمته العدل، فالعدالة لا تتجزأ كجهة أولى للصحافة.
وأكد منصور أن كلية الإعلام تجتهد في التطوير ومواصلة التحسين، من خلال عقد شراكات قصيرة وطويلة الأمد مع مختلف المؤسسات والهيئات التي من شأنها تطوير مسيرة الكلية وتنميتها.
وقال إننا نجتمع اليوم لنتواصل وننطلق مجددا في بوابات الحرية، حرية الصحافة والكلمة، حرية الإنسان وهي تصان في ذاكرة الكون ومجتمعاته، مشيرا إلى أن الصحافة تعاني من تراجع، وهذا يضعنا أمام مسؤوليات أخلاقية بضرورة العمل بأخلاقيات الصحافة والالتزام بمواثيقها، وفي هذا المقام لا يسعنا إلا ان نقول السلام على من استشهدت من اجل الحقيقة وماتت في طريقها لنقلها، وتحية لكل الذين آمنوا بما آمن به ويعملون كما عملت، وشكرا لإخلاصها لمهنتها وشعبها وقيمها حتى الموت.
وقال رئيس قسم الصحافة الدكتور عصمت حداد في كلمته إن فقيدة الكلمة الحرة الشهيدة العربية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة رحلت وقلبها ينبض حبا لأهلها ولشعب فلسطين، رحلت وضميرها معلقا على مستقبل وطنها الذي أحبته حتى آخر يوم من حياتها، ولأنها تؤمن أن الشهادة أثمن ما يمكن أن يقدمه الصحافي في مسيرته المهنية، فقد قررت بعد أكثر من ربع قرن من العمل الإعلامي أن توثق نهاية رحلتها الصحفية بدمها، وتقدم روحها قربانا من أجل فلسطين، لتكمل رسالتها قبل الرحيل.
وقال حداد إن الحرية كانت ولا تزال، هدف البشرية منذ فجر التاريخ إلى وقتنا الحاضر، فلا مجال للإبداع بدون حرية، مؤكدا ان الحرية تزداد قيمة، وتربو مكانة، حين تقترن بالصحافة، وأن حرية الصحافة قضية تعنينا دائماً وأبداً ليس فقط كصحافيين بل كأردنيين مدافعين عن الكلمة، فالدفاع عن الكلمة أمر دائم ومستدام.
واستعرض بعض الحقائق عن حرية الصحافة وحرية التعبير والرأي، أهمها: أن حرية التعبير والتي تندرج ضمنها حرية الصحافة، تأتي في ترتيب حقوق الإنسان مباشرة بعد الحق الأول وهو الحق في الحياة، فحرية التعبير هي حق أساسي لضمان الظروف المؤاتية لحماية وممارسة سائر حقوق الإنسان الأخرى، وأما الحقيقة الثانية فهي أن الممارسة الفعلية لحرية التعبير وحرية الصحافة تستلزم توفير بيئة آمنة للحوار تتيح للجميع أن يتحدثوا بحرية وانفتاح وبلا خوف من الانتقام أو الاضطهاد و باطمئنان إلى أن كل من يتعدى على هذه الحرية سوف تطاله المسائلة والمحاسبة.
وتابع حداد إن الحقيقة الأخيرة متمثلة بأن حرية التعبير وحرية الصحافة لهما أهمية خاصة للأردن كبلد أسس للديمقراطية وأختارها طريقا لا رجوع عنه، داعيا طلبة الكلية إلى ان يكونوا الصوت الحر الصارخ في برية القيود الوهمية، لتبقى الحرية حبر لأقلامهم، وذلك ليتمكنوا من اكمال مسيرة الدفاع عن حرية الصحافة، لاسيما وأنها أخلاقية ووطنية.
وقال حجازين خلال الندوة أن استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة يفتح المجال للبحث أكثر في مجال الحريات الصحفية، لافتا إلى ان اسرائيل لم تغتال الشهيدة بل اغتالت الحقيقة الكاملة التي لا تريد اسرائيل أن تظهر للعالم، مشددا على أن العديد من الدول حول العالم تستخدم الاعلام من أجل طمس الحقائق وتشويهها في ظل الأزمات.
وأشار إلى انه عندما نتكلم عن حرية الاعلام نتكلم عن استقلال الاعلام من جميع النواحي، والجانب المادي جانب مهم جدا، فوسائل الاعلام اليوم في الأردن والوطن العربي ككل تواجه العديد من المشاكل المادية، وفي الوقت الراهن تعاني وسائل الاعلام التقليدي من تغول وسائل التواصل الاجتماعي عليها المر الذي يستوجب إعادة صياغة السياسة الاعلامية، والعمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة من أجل ضبط المحتوى الذي يتم نشره عبر منصات ووسائل التواصل الاجتماعي التي بات مشبعا بخطاب الكراهية، كما يجب على وسائل الاعلام التقليدي من تطوير أدواتها بما يمكنها من استعادة جزء من حصتها من الاعلانات.
من جانبه، دعا النائب الخصاونة طلبة كلية الاعلام إلى أن ينهلوا من أنهار العلم والمعرفة التي توفرها لهم كلية الاعلام بما يمكنهم من أن يكونوا سيف الصحافة المسلول الذي يحارب الظلم، وفيما يتعلق بما حدث مع الشهيدة شيرين أبو عاقلة قال ان الدمع قد وحدنا مثلما وحدنا الألم في أعماقنا، مشددا على اهمية التأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية في فلسطين وحمايتها من اعتداءات الكيان الصهيوني.
وقال نقيب الصحفيين أن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة لهذا العام جاء ممزوجا بحزن وغضب معا على استشهاد شيرين ابو عاقلة، لافتا إلى ان فكرة اليوم العالمي لحرية الصحافة أسست على ثلاثة أسس وهي تكون صحافة حرة، وصحافة مستقلة، وصحافة تعددية، مشيرا إلى أن اقرار يوم عالمي لحرية الصحافة جاء لتذكير الحكومات بأهمية حماية الصحفيين وحق التعبير وتوفير البيئات المناسبة لعملهم، وأن يجتمع الصحفيين انفسهم ومناقشة واقع عملهم.
وأشار إلى ان عام 2022 كان الشق الاساسي والمحوري في الاحتفال العالمي لحرية الصحافة يتركز على حماية الصحفيين في مناطق النزاع والصراع، لافتا إلى ان الاشكالية الأساسية في هذا المجال هي الافلات من العقاب حيث ان 9 من اصل 10 حالات اعتداء على الصحفيين تفلت من العقاب، ومنذ عام 2006 قتل واستشهد أكثر من 1200 صحفي الأمر الذي يوجب التعاون الدولي الحقيقي من أجل حل هذه الاشكالية الحقيقية التي تواجه الصحفيين وحرية التعبير، داعيا كلية الاعلام في جامعة اليرموك التي تعد أم كليات الاعلام في الأردن أن تثقيف طلبة الكلية ووضع منهاج لبناء ثقافة ومعرفة عميقة لدى الطلبة حول القانون الدولي الانساني والسلامة المهنية في مناطق النزاع والصراع.
وحضر افتتاح الندوة نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور موفق العموش، ونائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الدكتور رياض المومني، وعدد من الصحفيين والاعلاميين، واعضاء الهيئة التدريسية وطلبة كلية الإعلام.