تعتزم الحكومة الإسبانية تضمين مشروع قانون تُعدّه بنداً ينص على "عطلة دورة شهرية" للنساء اللواتي يعانين آلاماً حادة خلال فترة الحيض، لكنّ هذا النص الذي سيشكّل سابقة في أوروبا إذا أُقرّ، يثير نقاشاً حتى داخل السلطة التنفيذية والنقابات.
وقد يُدرج هذا البند في مشروع قانون يتناول الإجهاض ويعزز حق المرأة في إنهاء حملها طوعاً وحقوقاً تتعلّق بالإنجاب والصحة الإنجابية، ومن المفترض أن يقره الثلاثاء مجلس الوزراء.
وغرّدت الجمعة وزيرة المساواة إيرين مونتيرو، وهي من قادة حزب بوديموس الإسباني اليساري المتطرف شريك الحزب الاشتراكي في حكومة بيدرو سانشيز "سيعترف القانون بحق النساء اللواتي يعانين آلاماً حادة خلال فترة الحيض بالحصول على عطلة (من العمل) خاصة تموّلها الدولة بدءاً من اليوم الأوّل".
ولم يكن معلوماً ما إذا كانت النقاشات التي حصلت داخل السلطة التنفيذية قد ساهمت حقاً في التوصّل إلى اتفاق في شأن الأيام المحددة لـ"عطلة الدورة الشهرية" بين بوديموس والوزراء الاشتراكيين الذين يتولون الحقائب الاقتصادية.
وتشير وسائل إعلام إسبانية حصلت على مسودة مشروع القانون الذي أعدّته وزارة المساواة، إلى أنّ الإجازة ستمتد على ثلاثة أيام، مع إمكان تمديدها يومين إضافيين في حال ظهور أعراض حادة واستناداً إلى تقرير طبّي.
وأكدت مونتيرو هذا الأسبوع أنّ "هنالك نساء لا يستطعن العمل والعيش بشكل طبيعي لأيام عدة خلال الشهر بسبب آلام حادة يعانينها خلال فترة الحيض".
وفي أوائل أبريل، قالت وزيرة الدولة لشؤون المساواة والعضو في حزب بوديموس أنجيلا رودريغيز إنّ "توضيح ما تعنيه فترة حيض مؤلمة خطوة مهمة، فنحن لا نتحدث عن إزعاج خفيف بل أعراض شديدة كالإسهال والصداع القوي والحمى".
وأدرج عدد من الدول، تحديداً في آسيا، الحق في "عطلة الدورة الشهرية" في قوانينها خلال السنوات الأخيرة، ولكن حتى اليوم لم تتخذ هذه الخطوة في أي دولة أوروبية. وفي فرنسا، تسمح شركات قليلة لموظفاتها بأخذ إجازة خلال فترة الحيض، لكن "عطلة الدورة الشهرية" لا تظهر في القانون أو في اتفاقات العمل الجماعية.
ومرة جديدة، ستكون إسبانيا رائدة أوروبياً باعتماد إجراء يتعلق بحقوق المرأة. لكنّ النقاش يحتدم بين الأفرقاء الإسبان، فبينما يدعم الجناح اليساري للحكومة هذه الخطوة، يعرب بعض الوزراء الاشتراكيين عن ترددهم خوفاً من أن يؤدي هذا البند الذي ستتكبد الدولة مبالغ مرتفعة جراءه، إلى نتائج عكسية، من خلال "إدانة" النساء ودفع الشركات إلى إعطاء الأولوية للذكور في التوظيف.
وأعربت وزيرة الاقتصاد الاشتراكية ناديا كالفينيو عن تحفظها. وقالت "نعمل على صيغ عدة لهذا القانون"، معتبرةً أنّ "هذه الحكومة لن تعتمد إطلاقاً إجراءً يدين المرأة".
ويُثار النقاش داخل النقابات كذلك، إذ قالت الجمعة كريستينا أنتونيانزاس، نائبة الأمين العام للاتحاد العمالي العام، وهو إحدى النقابتين الإسبانيتين الرئيسيتين "ينبغي توخي الحذر في هذا النوع من القرارات"، معربةً عن قلقها بشأن الآثار غير المباشرة المحتملة لهذا البند على "وجود المرأة في سوق العمل".
وتقول المسؤولة في جمعية ضحايا الانتباذ البطاني الرحمي أنّا فيرير لوكالة فرانس برس إنّ النساء "بحاجة إلى أكثر من مجرد عطلة، هنّ يحتجن إلى جعل مرضهنّ معروفاً في حال كنّ يعانين منه"، معربةً عن خشيتها في أن يساهم هذا الإجراء بتعزيز "التمييز" على أساس الجنس.
وتدحض نقابة اللجان العمالية، وهي ثاني نقابة إسبانية رئيسية، هذا التصريح، مرحبةً في بيان بإحراز "تقدّم تشريعي" مهم "يبرز مشكلة صحية لطالما تمّ تجاهلها ويعترف بها".
و"عطلة الدورة الشهرية" بند رئيسي في هذا القانون لكن لن يكون الوحيد. إذ ترغب وزارة المساواة في إدراج بند يعفي المنتجات النسائية من الضريبة على القيمة المضافة نهائياً. ولحظ النص كذلك تعزيز إتاحة الإجهاض في المستشفيات العامة والسماح للقاصرات بدءاً من سنّ السادسة عشرة بالإجهاض من دون إلزامية الحصول على موافقة والديهنّ.
وأُلغي تجريم الإجهاض في إسبانيا عام 1985 ثم شُرّعت هذه الممارسة عام 2010، لكنّ إنهاء الحمل لا يزال حقاً ينطوي على مخاطر عدة في إسبانيا التي تسودها التقاليد الكاثوليكية، وحيث الاستنكاف الضميري للأطباء كبير والحركات المناهضة للإجهاض تنشط بشكل واسع.