الأنباط -
ينظر الى الابداع على انه عملية ذهنية مستنبطة من ذاتية الفرد وسلوكه وتوجهاته الابتكارية.ويعرف الابداع اصطلاحا بانه( تحويل الأفكار الجديدة والخيالية إلى حقيقة واقعة، وينتج عنها إحضار شيء جديد غير موجود مسبقا إلى الوجود).
لذا فهو عملية ذهنية دقيقة تتحقق من خلال سعي الفرد المبدع في تجاوز الطرق المتعارف عليها في الاداء والانجاز وفي التفكير من خلال(الاستفادة من المعرفة،والبصيرة، والمعلومات،والإلهام، التي تكونت وتطورت من التجارب المختلفة في الحياة).
ان العمل الإبداعي والابتكاري توجيه الهي للبشر لكي يتكيفوا مع المتغيرات المتوقع حدوثها او المرور بها والتعرف على العلوم المختلفة التي تفيد في الدنيا والآخرة،فالله هو {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}البقرة(117)، هذا الابداع الالهي وهذه الصفة الالهية توجيه للإنسان كونه خليفة الله في الأرض، أن يكون مبدعا في عمله وتفكيره لكي يعيش متغيرات الحياة، ويسند ذلك بدليل قوله تعالى {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}يونس (14).
فالإبداع من أبرز المزايا العقلية التي فضل الله سبحانه بها الإنسان على غيره، وقد (ساعدت تلك الميزة البشرية على التطور عن طريق حل المشكلات).ان هذا الوصف الروحي للابداع قد انعكس على العمل الاداري لكي يتناسب ومتطلبات الدولة الحضارية بمتغيراتها ومشاكلها واهدافها المعاصرة بشكل عام ومتطلبات منظمات الاعمال واهدافها بشكل خاص، لذلك كان الإبداع الإداري أحد أهم ركائز الحياة الحضارية التي يجب ان تكون.
وبهذا المنهج قدم الفكر الاداري نمطا قياديا باهرا في ادارة منظمات الاعمال هي القيادة الابداعية Creative leadership،وبها يسعى القائد الى تحفيز و تنمية المهارات الابداعية لدى العاملين في منظمته.ولهذا أصبحت القيادة الإبداعية أكثر أهمية في البيئة السياسية والاقتصادية للدولة الحضارية من اي وقت مضى.
ولضمان تحقيق الاهداف ،فان القائد الابداعي ملزم في توفير المجالات التي تمكنه من ذلك وهي (تمكين الإبداع، وتوجيه الرؤية الإبداعية، ودمج المساهمات الإبداعية المتنوعة).ومن هذه الثلاثية المحفزة للابداع ،يظهر التمكين الاداري الذي يعتبر أساس الابداع والابتكار الذي يحفز المرؤوسين،والذي يتحقق من خلال تفويض القادة صلاحيات العمل للمرؤوسين (وإشراكهم في حل المشاكل)ورسم استراتيجيات العمل والتي تعتبر حافز ودافع يساعد على ظهور المرؤوسين المبدعين.
ان مفهوم التمكين Empowerment بدأ يتبلور في الفكر اﻹداري بعد التـسعينات مـن القرن الماضي ،وقد ظهر نتيجة تطورات تراكمية في الفكراﻹداري ومفاهيم ادارة الموارد البشرية والتغيرات الرقمية.
ويرى البعض ان التمكين الاداري هو(موضوع نفوذ وإعادة توزيع لذلك النفوذ،ولا يختلف الأمر لدى منظمات الاعمال فقضية تمكين المرؤوسين معناها إعادة توزيع للسلطة)والتصرف واتخاذ القرار.
ان القائد المبدع تقع عليه مسؤولية تهيئة الظروف التي تعزز الإبداع، وحين(اختلاق بعض الظروف والتي يطلق عليها أحيانا "المساهمات الداعمة"،يتم وصفها على أنها دعائم نفسية أو مادية أو اجتماعية والتي تحفز التفكير الإبداعي لدى الآخرين وتمكينه والحفاظ عليه).
ان الصفات الابداعية التي يجب ان يتحلى بها القائد المبدع هي التي تنشأ من التفكير الإيجابي الذي يمتاز به والتي يمكن حصرها كما تعرضها احدى الدراسات في:
• الاتجاه إلى الخلوة بين فترة و أخرى للتفكر و النظر و التصور .
• الاهتمام بتجميع و تحليل و توظيف المعلومات لخدمة التفكير .
• الوضوح التام للرؤية و الرسالة للمنظمة التي يقودها.
• الإبداع والابتكار و الطموح إلى كبريات الأمور .
• الثقافة العالية المتجددة المتنوعة التي تشحذ العقل و الفكر .
• امتلاك العقلية و الشمولية الكلية التي تنظر إلى الأمور من كافة الزوايا .
• النظرة العميقة ذات البعد الاستراتيجي طويل الأجل .
• النظر إلى المستقبل و تحدياته و محاولة التنبؤ به والاستعداد له.
ان القيادة الابداعية هي قيادة ادارية اخلاقية رائدة جوهرها العمل لضمان رقي المنظمة من خلال خلق الثقة وتمكين المرؤسين وتحفيزهم ومشاركتهم في القرار.
ويؤسف ان صعد سلم قيادة بعض منظمات الاعمال من يفتقدون المنهج القيادي الاخلاقي الذي يجب ان يسود في الدولة الحضارية.وبسبب مركب النقص الذي يحملوه،كان عملهم الاداري تحايلا وتزويرا للبقاء لتحقيق مصالحهم الذاتية واستهداف من اجل منهم ابداعا وكفاءة،مما سببو ارباك في اداء المنظمات وفقدان تنافسها مع المنظمات الاخرى ولربما انهيارها.
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍۢ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوٓءٍۢ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُۥٓ أَمَدًۢا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُۥ وَٱللَّهُ رَءُوفٌۢ بِٱلْعِبَادِ}