الأنباط -
الأنباط - أرجع خبراء اقتصاديون المسؤولية في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلى ظاهرة الفساد بالدرجة الأولى لتأثيره المباشر على عدالة التوزيع والفاعلية الاقتصادية، وارتباطه بإعادة توزيع أو تخصيص بعض السلع والخدمات لصالح الجماعات الأكثر قوة ممن يحتكرون السلطة والنفوذ.
وأكد الخبراء في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن تكلفة الفساد تكون عالية جداً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي إلى تدن بمستوى المعيشة وزيادة بنسب الفقر والبطالة، ما يحمل الدولة أعباء اضافية كبيرة.
ولخصوا أسباب تفشي الفساد في أي دولة بمركزية الادارات الحكومية، وانتشار البيروقراطية وجمود الأنظمة والتشريعات، وضعف اداء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والوازع الديني لدى ممارسي هذه الظاهرة.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، اوضح أن الفساد احد أكبر التحديات وأكثر ما يمكن أن يعبر عن سوء الإدارة وهدر الاموال وتلاعب بالمعايير وانتهاج سياسة التغطية على الاخطاء وعدم وجود نموذج لكيفية التعامل مع قضايا الفساد بشكل يردع الفاسد.
واشار إلى أن الفساد يؤدي إلى اعاقة النمو الاقتصادي الحقيقي ويؤثر على معدلات النمو وتراجع حجم الدخول ومستويات المعيشة، موضحا أن نتائج الفساد السلبية ترتد على قدرة المجتمع في التعافي.
واضاف عايش، أن الدولة التي لا تحصل على ايراداتها بشكل كامل جراء التلاعب والفساد، تنخفض ايراداتها، فيكون اللجوء عادة إلى فرض ضرائب جديدة لتعويض هذا العجز في الايرادات أو الدين، ما يعني ارتفاع الديون في ظل انخفاض الايرادات وارتفاع كلفة الاقتراض جراء انخفاض التصنيف الائتماني للدولة.
الخبير الاقتصادي في جامعة اليرموك الدكتور نوح الشياب، قال إن عملية توزيع الموارد الاقتصادية المالية أو البشرية المتاحة للدولة واحدة من اهم الأساسيات التي بني عليها الفكر الاقتصادي، بهدف تحقيق الكفاءة والفعالية الإنتاجية للدولة، مشيرا إلى أن عملية الإخلال بالتوزيع الفعال والأمثل لهذه الموارد سيحرم البلد من الوصول إلى طاقتها الإنتاجية القصوى والمثلى وتحقيق أعلى مستويات الرفاه.
وأضاف أن الفساد المالي المتمثل بإساءة استخدام السلطة والصلاحيات العامة وانتهاك القوانين والتشريعات لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية على حساب الصالح العام، يعد واحداً من اهم اشكال هدر المال العام وموارد الدولة المالية.
وبين أن من اشكال الفساد الاداري عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب وتوزيع المهام الإدارية في مؤسسات الدولة بناء على الجهوية والفئوية والمصالح الشخصية، مشيرا إلى ان هذا النوع من الفساد يؤدي أيضا إلى هدر مقدرات الدولة من خلال عدم الاستخدام الأمثل لمواردها البشرية وإساءة استخدامها وقتل روح التفاني والمنافسة بين العاملين لتحقيق الإنجاز الأفضل والأمثل.
وقال إن ضمان وجود منظومة قانونية وتشريعية كفيلة بمنع تفاقم حجم الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدول وقادرة على استئصال بؤره في كل ركن من اركان الدولة هي الركيزة الأساسية لاستغلال موارد الدولة بطريقة فعالة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتحسين الظروف المعيشية لجميع فئات الشعب.
الخبير المالي مفلح عقل، اشار إلى ان الفساد كلفة اضافية على اي مشروع من المشاريع، وتكمن نتائجه السلبية على حساب النوعية المنجزة.
واضاف أن تفشي الفساد هو حصيلة التراخي في متابعة ومراقبة المخالفين والتسويف الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة لمحاربة الفساد، داعيا إلى تفعيل الرقابة الصارمة والمتابعة الحثيثة لمنع تفشي الفساد وإعادة الثقة لدى الموطنين بكفاءة وقدرة الدولة على محاربة الفساد وجديتها.
ودعا إلى تفعيل الرقابة المالية والادارية وتعيين الكفاءات في المشاريع والعطاءات الحكومية، ومساءلة ومحاسبة المسيء بحزم وعدالة وشفافية لنتمكن من مكافحة الفساد.
رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية في جامعة عمان الاهلية الدكتور محمد الدويري، اوضح أن الفساد يضعف النمو الاقتصادي، لأنه يخفض حوافز الاستثمار سواء بالنسبة لمنظمي المشروعات المحلية أو الأجنبية، مشيرا إلى ان الرشوة مثلا التي تدفع للموظف أو المسؤول الحكومي ستضاف إلى إجمالي تكلفة المشروع ما يعني زيادة التكاليف التي يتحملها الاقتصاد الوطني.
وحول الاستثمار الاجنبي وتأثره بالفساد، بين الدويري، أن الاستثمار الأجنبي يتأثر بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية أكثر من نظيره المحلي، مبينا ان الفساد في البلدان المضيفة يثبط الاستثمارات الاجنبية. رئيس الوزراء عمر الرزاز اكد امس ،أن "محاربة الفساد وحماية المال العام توجيه ملكي ومطلب شعبي ولن نتراجع عنه".
وشدد على أنّ الحكومة ستراجع الإجراءات مع الجهات المعنية للحد من جرائم الفساد وستواصل جهودها لحماية المال العام والتشديد على انفاذ القانون.
--(بترا)