هل يشير الصداع دائما إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم؟ عيد ميلاد سعيد ليث حبش سيدة العيد..... يوسف ابو النادي ابو محمد في ذمة الله ممرضة تكشف الكلمات الأخيرة للمرضى قبل الموت الارصاد : كتلة باردة ورأس سنة ماطرة باذن الله الطريقة المثلى لبلع أقراص الدواء دون معاناة مصر.. القبض على المغني حمو بيكا الأرصاد: ثاني أسوأ موسم مطري مسجل بتاريخ الأردن ديوانِ المُحاسبةِ للعام 2023 الجامعةُ الأردنيّةُ تحقّقُ أعلى نسبة استجابةٍ في الأردنّ لتصويبِ المخرجاتِ الرّقابيّةِ وإنهائها للعام الثالث على التوالي.. جيدكو بلا مخالفات في تقرير ديوان المحاسبة الضلاعين يزور بلدية بني عبيد لتعزيز التعاون وتنفيذ المشاريع التنموية "الوسطية" .. مشاريع تنموية متميزة وجوائز وطنية تعكس التزامها بخدمة المجتمع المحلي ديوان المحاسبة: سرعة استجابة الحكومة سبب لانخفاض عدد صفحات التقرير العزام عضواً في مجلس بلدية اربد الكبرى نداء عاجل من مجموعة السلام العربي لإنقاذ المتضررين من الأزمة الإنسانية في السودان الشديفات: مسارات التحديث مهدت الطريق أمام مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاقتصادية. قرأت الأول مالية النواب تناقش موازنات سلطة العقبة وإقليم البترا وشركة تطوير العقبة الأمير الحسن يلتقي رؤساء وممثلي الكنائس الشرقية والغربية في عمان

ليست كل المدن روما..!

ليست كل المدن روما
الأنباط -

كانت ليلة مطيرة جدًّا، انقطعت بسببها الكهرباء، وازدادت فيها العواصف وسرعة الرياح، وتعالت الأصوات خلف الأبواب بين صراخ ونحيب، إلا أنني لا أعرف ما سببه؟ وعما يتحدثون؟ وزاد القلق لدى سماع عويل النساء وبكاء الأطفال، وأصوات ضرب السواطير والهراوات ببعضها في مسافة لا تتجاوز المتر أمام باب بيتي الذي يهتز بالركل والدفع والضرب؛ وهو ما دفعني إلى جر الدواليب والكراسي؛ لكي أضعها حاجزًا بيني وبينهم من خلف الباب. وزاد الطين بلة أنه لم يكن هناك شيء يضيء تلك العتمة سوى شموع وجدتها في أحد الأدراج مصادفة.

لم أنم تلك الليلة وأنا أفكر كيف الخروج من هذه المشكلة؟ وهل سوف أبقى على قيد الحياة؟!! مَن يخبر أهلي وأصدقائي عني؟

انتظرت حتى الصباح، ولم أصدق أن الشمس قد أشرقت مجددًا حتى شاهدتُ من خلف النافذة المطلة على شارع رئيسي ومهم. رأيتها وهي غرقى بالمياه. لم يكن لدي هاتف لكي أتصل بأي شخص يأتي لمساعدتي؛ لأن شرائح الاتصال غالية جدًّا، تصل إلى سبعة آلاف دولار، ولا تتوافر إلا بطلب رسمي من الحكومة، ويستوجب طلبها الانتظار أشهرًا عدة. وعرفت في اليوم التالي أنه عندما يزداد المطر تنقطع الكهرباء، وينتج منها العديد من حالات السرقة والاعتداءات الجسدية.

هذه قصة واقعية، ليست من نسج الخيال، حدثت معي في دولة تبعد عنا آلاف الكيلومترات، تحديدًا مدينة (رانجون) عاصمة اتحاد ميانمار (بورما سابقًا)، قبل ستة عشر عامًا تقريبًا.

هذه الحادثة هي جزءٌ بسيط من قصص كثيرة، تصوِّر حجم معاناة ومشقة العمل الدبلوماسي. هذه الواقعة تثبت لكم أنه ليست كل المدن روما أو لندن أو جنيف، ليست كل المدن جميلة وآمنة، ويتوافر بها العلاج المناسب، أو المراكز الصحية المتطورة.. ليست كل الدول بها مدارس دولية، تعلِّم أطفالك التعليم المناسب.. بعضها لا يعترف إلا بالأغذية والأطعمة التقليدية للبلد نفسه، التي قد لا تتناسب معك، وتحتاج لوقت للتأقلم معها.

هذه الواقعة أوردتها هنا لكي يعرف الكثيرون حجم المعاناة التي يتحملها كثير من الدبلوماسيين الذين يخوضون غمار تجربة العمل خارج الوطن وهم يحملون على عاتقهم الكثير من المسؤوليات. هذه الحادثة وجدتها في أرشيف قصص كثيرة، تحتاج لمن يسلط الضوء عليها؛ لكي نخلق من خلالها حالة من الإنصاف لأبنائنا الذين يعتقد البعض أنهم ذهبوا للتنزه، أو لركوب السيارات الفارهة، أو لحضور الحفلات الدبلوماسية، ويغضون الطرف عن حجم معاناة الكثيرين منهم.

كل يوم يثبت دبلوماسيونا أنهم على قدر عالٍ من المسؤولية، وتحمُّل كثير من المتاعب والمشاق من أجل الوطن، ومن أجل راحة المواطنين.

فأزمة كورونا الأخيرة أخرجت ما لديهم من طاقات بفضل الخبرة العملية، وتوجيه واهتمام حكومة بلدنا الأشم الذي برهن للمواطن أنه أغلى ما يملك، وحرصه على سلامتنا جميعًا، بغض النظر عن التكاليف أو التعب من جراء ذلك.

دبلوماسيونا ضربوا في تلك الأزمة أروع الأمثلة في الوفاء للوطن والمواطن، من خلال صورة متناغمة مع جهود الحكومة المباركة؛ فمنهم من فتح منزله لاستضافة أبناء الوطن، والبعض تكفل بالطعام والمؤونة، وآخرون عرَّضوا حياتهم وحياة أسرهم للخطر بزيارتهم مناطق أو مصحات ينتشر فيها الوباء للبحث عن مواطنين يحتاجون للمساعدة.

يحتاج دبلوماسيونا لقليل من الإنصاف وتسليط الضوء على ما يقومون به من بطولات، وإعادة النظر بمفهوم العمل الدبلوماسي ومشاقه الذي قد يحمل في بعض الأحيان كثيرًا من المخاطر. فكما أن هناك جنودًا تحت وابل الرصاص كي يحموا حدود هذا الوطن الكبير هنا جنود يدافعون وينافحون من أجل الدفاع عنه وعن قضاياه في المجتمع الدولي، ويسهرون على راحة مواطنيه في الخارج، وتلمُّس احتياجاتهم.

قال السير كريستوفر ماير، السفير البريطاني السابق في واشنطن: "إن الدبلوماسي بحاجة إلى عقل سريع، ورأس صلب، ومعدة قوية، وابتسامة دافئة، وعين باردة. المهمة الدبلوماسية مهمة عالية المخاطر".


© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير