كثر الحديث هذه الأيام عن مؤسسة الضمان الإجتماعي، هذه المؤسسة التي أوعز جلالة الملك الراحل بإنشائها عام 78 من القرن الماضي وذلك لإيجاد مظلة اجتماعية اقتصادية لتضفي حماية للفئات المنتجة ولتمنحها بالتالي مزيداً من الشعور بالأمن والطمأنينة والاستقرار. ثبت في هذه الآيام أن هذه المؤسسة هي ملاذ آمن لمعظم الأردنيين.
من أهم أهداف المؤسسة والتي تهمني في هذا المقال والتي أنشئت من أجلها هو توفير حياة كريمة للمواطن وأفراد أسرته من خلال تخصيص راتب تقاعدي للمؤمن عليه وتعزيز برامج الأمن الاجتماعي، ودفع مسيرة الانتاج لدى القطاع الخاص من خلال التشجيع غير المباشر للقوى المؤهلة للعمل عبر ما توفره برامج الضمان من رعاية وحماية وضمانات مادية وتوفير استقرار نفسي ومادي ووظيفي لأكبر عدد ممكن من المؤمن عليهم. والدفع في إنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال خلق فرص عمل جديدة توفرها أوجه استثمار أموال المؤسسة. وتوفير دخل كافٍ للمؤمن عليه في حال تعطله عن العمل وذلك لتوفير الحماية له في ظرف مثل هذا.
ولعل بعضاً من هذه الأهداف لم يعمل على تحقيقها وخاصة" مجال توفير فرص العمل للأردنيين هذا أمر مسلم به وأعتقد أن من المهم إستدراك هذا الأمر في الفترة اللاحقة، نفس الشيء يسحب على أموال التعطل عن العمل والتي لم تصرفها المؤسسة للمستحقين قبل هذه الجائحة وهذا يفسر وحسب إعتراف مدير المؤسسة وجود 250 مليون دينار في صندوق التعطل وهي غير مصروفة لغاية الآن. لذا من الواضح التأكيد أن صرف هذه الأموال على الأردنيين في هذه الفترة العصيبة هو أمر مستحق ولن يؤثر على الموقع المالي لمؤسسة الضمان ولن يؤدي إلى إستنزافها كما لمح البعض أو إلى هدر أموال الإردنيين، هذه الأموال هي للإردنيين وعلى الأردنيين يجب على المؤسسة صرفها.
من الحري بمكان توضيح أن الإشتراكات الشهرية التي تؤديها المنشات والمؤمن عليهم يعتبر الدخل الأهم للمؤسسة من أجل تحقيق أهدافها، إذ تبلغ نسبة الإشتراكات إعتباراً من 1-1-2017 ما قيمته 21.75% وذلك حسب قانون رقم 1 لعام 2014 وعلى الأردنيون أن يعرفوا إن هذه الإشتراكات موزعة وتغطي التأمينات التالية:
- تأمين إصابات العمل وقيمتها 2%
- تأمين الأمومة وقيمتها 0.75%
- تأمين التعطل عن العمل وقيمتها 1.5%
- تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وقيمتها 17.5%
ليكون مجموع هذه التأمينات 21.75%، يدفع منها العامل 7.5% وصاحب العمل 14.25%، كان من المفروض أن يكون التأمين الصحي من ضمن هذه التأمينات وتم تغطيته حسب إتفاق رفع الإشتراكات عام 2014 في لجنة العمل في مجلس النواب، هذا لم ينفذ وتلك هي مسألة أخرى ويعرفها الكثيرون.
لا أعلم كيف كانت ستحل أزمة الكثير من الأردنيين في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الوطن والمواطن معأ، لو لم تكن موجودة مؤسسة الضمان الإجتماعي؟ لقد تيقن الأردنيون أن موسسة الضمان الإجتماعي هي حقاُ مؤسستهم وهي التي لم تتركهم في أزمة كهذه ووقفت إلى جانبهم لتوفير ما تستطيع من حماية للمؤمنين الأقل حظاً وكانت ذات حضن دافئ لكافة المشتركين، هذا بالتأكيد سيكون له مستقبلاً أكبر الأثر على الأردنيين في الوقوف بجانب مؤسستهم والحرص على ديمومتها وقوتها. ديمومتها بالتأكيد هي في مصلحة الحكومة أيضاً لأن بإمكان هذه المؤسسة تحريك الإقتصاد الوطني وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للأردنيين.
إن الإشتراك بمؤسسة الضمان ولكل ما سبق يثبت أن من صالح العاملين وأصحاب العمل على حد سواء، لكن الكثيرون وبإعتقادي أنهم ليسوا مختصون يتسائلون ويشككون في هذه الأيام لماذا إرغامهم على التسجيل في الفترة الحالية، لنوضح فوراً أن من هو غير مشترك فهو مخالف للقانون، حسب المواد 4 و 100 من القانون رقم 1 لعام 2014 كل المنشآت وحتى لو كان بها عامل واحد فإن الإشتراك هو إجباري وعلى كل الخاضعون لقانون العمل الإشتراك بمؤسسة الضمان الإجتماعي خلال فترة لا تتجاوز تاريخ 1-1-2015 وهذا يعني بالأصل أن المنشآت المسجلة في الآمانة والبلديات وبالتالي في وزارة الصناعة والتجارة كانت قد سجلت حسب هذا القانون في مؤسسة الضمان الإجتماعي مسبقاً.
أنهي وأقول أن التسجيل في مؤسسة الضمان لمن تجاوز القانون ولم يقم بذلك سابقاً في الفترة السابقة هو لصالح العامل وصاحب العمل حالياً لأن الشروط المقدمة حالياً من الصعب تقديمها في ظرف عادي مثل التقسيط والمساعدة الفورية لمن توقف وتقطعت به السبل ولأن مؤسسة الضمان قررت وضع اليد على الفلوس المتحصلة من تأمين التعطل. وبالتأكيد أن العائد من ذلك للمواطنين وأصحاب العامل هو أقوى وأكبر.