شكّلت القضية الفلسطينية والقدس دوماً محوراً مهماً في السياسة الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، واستمرت القضية الأولى على أجندة الدبلوماسية الأردنية لمركزيتها وعدالتها من جهة ولأن إيجاد حل عادل وشامل لها مصلحة وطنية عليا من جهة ثانية، كما تواصل الدعم الملكي لها بكل الإمكانيات.
خلال العشرين عاماً التي مضت منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش، استمرت المواءمة الحصيفة للقيادة في الاتجاه الوطني والقومي على مبدأ راسخ وهو (لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للتنازل عن القدس).
ويقول الكاتب والمحلل السياسي والروائي الفلسطيني أحمد رفيق لمراسل (بترا) في رام الله: إن الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وهو يحمل القضية الفلسطينية إلى كافة المحافل الدولية ويدافع عنها وعن مقدساتها وحقوق مواطنيها الفلسطينيين، إنما يقف إلى جانب القضية الفلسطينية قلباً وقالباً دون مواربة أو خوف من الضغوطات الدولية.
ويضيف أن مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني المؤثرة في الساحة السياسية الدولية أحبطت التسارع في محاولة تصفية القضية الفلسطينية خصوصاً فيما يتعلق بما يسمى "صفقة القرن"، فموقف جلالة الملك الحريص على حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا وأن لا يتأثر الأردن بأي إرهاصات من نتائج هذه الصفقة كان بمثابة فرامل جعلت القائمين عليها يعدون للعشرة قبل أن يتقدموا بها أكثر فأكثر لاسيما أيضا بعد لاءات جلالة الملك التي كانت ضربة في خاصرة الصفقة من الناحية الفنية والعملية.
وعن القدس والمقدسات، يؤكد أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس لاسيما المسجد الأقصى المبارك شكّلت درعاً واقياً في حماية هذه المقدسات من التهويد والاستيلاء عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المتطرفين.
ويضيف أن هذه المناسبة الكريمة وهي العيد العشرون لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش والتي يحتفل فيها الشعبان الشقيقان الفلسطيني والأردني هي فرحة لفلسطين وقضيتها العادلة، وأن هذه الوصاية يريدها الفلسطينيون ويباركونها ويدعمونها قبل أي أناس آخرين لأنها تحفظ مقدساتهم ومقدسات كافة المسلمين والمسيحيين من الأطماع الإسرائيلية الرامية إلى تغيير معالم القدس العربية والإسلامية التاريخية.
ويشدد عيسى أن على العالم العربي والإسلامي دعم هذه الوصاية بكل قوة لما فيها خير وصلاح لمقدساتها الإسلامية والمسيحية في ظل تسارع مخططات الاحتلال ومستوطنيه بمدينة القدس المحتلة.
ويرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومسؤول دائرة اللاجئين أحمد أبو هولي، أن التنسيق المشترك بين جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في أعلى مستوياته, مثمناً مواقف جلالة الملك والشعب والحكومة الأردنية في دعم القضية الفلسطينية على كافة الصعد وفي مختلف المجالات.
ويزيد، أن الموقف الواضح الذي لا يقبل التفسير والتأويل لجلالة الملك هو عدم القفز على حقوق الفلسطينيين خاصة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وهذا الموقف رفع من معنويات الشعب الفلسطيني وقيادته متقدماً بالشكر إلى الأردن على وقوفه الدائم مع القضية الفلسطينية ودفاعه المتواصل عن قضايا اللاجئين وحقوقهم ودعم وكالة الأونروا ورفضه للوطن البديل وتوطين اللاجئين كما استماتته في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى والمقدسات فيها.
كما يقول: إن مواقف جلالة الملك عبد الله الثاني ومواقف الرئيس محمود عباس شكلت سداً منيعاً في وجه كافة المؤامرات رغم الاستهداف المباشر الذي يتعرض له الأردن على مواقفه المشرفة والمقدرة عالياً تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس المحتلة درة الهاشميين الشرفاء والأحرار.
ولتسليط الضوء على أهم المحطات والمواقف التي قادها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال العشرين عاماً الماضية دعماً للقدس والمقدسات، التقت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان الذي رصد أهم تلك المواقف ومجالات الدعم الملكي للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها والجهود المبذولة لدعم ومساندة المقدسيين المرابطين على أرض القدس الشريف.
ففي مجال الإعمار الهاشمي للقدس ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية عام 1999 تم تنفيذ عدد من مشاريع الإعمار بأمر جلالته وهو ما عرف بالإعمار الهاشمي الخامس الذي شمل مشروع إعادة بناء منبر صلاح الدين، حيث وضع في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 2002 اللوحة الزخرفية الأساسية للمنبر في جامعة البلقاء التطبيقية في كلية الفنون الإسلامية، وفي الخامس والعشرين من شهر تموز سنة 2006 أزاح جلالته الستار عن منبر صلاح الدين في جامعة البلقاء التطبيقية، مؤذناً بذلك ببدء عملية إعادة المنبر إلى المسجد الأقصى، ومجسداً بذلك حرص الهاشميين على إعمار وبناء المقدسات الإسلامية.
مشروع تجديد فرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بتبرع من صاحب الجلالة الهاشمية، وتنفيذ احتياجات المسجد الأقصى من الصيانة اللازمة، ومشروع الإنارة وإصلاح شبكة الهاتف وتركيب نظام صوتيات متكامل لكل من الجامع الأقصى المبارك، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمسجد المرواني.
مشروع الأعمال الميكانيكية والصحية، يشتمل على التمديدات المائية لإطفاء الحريق، وذلك بتنفيذ نظام جديد للتمديدات المائية لأجهزة إطفاء الحريق في مبنى الجامع الأقصى، وقبة الصخرة، والمسجد المرواني.
مشروع كسوة سقف الجامع الأقصى بألواح الرصاص وتبليط ساحات الحرم الشريف وترميم الجدار الخارجي للحرم الشريف وترميم كتابة سورة الإسراء حول القبة.
إنجاز المرحلة الثالثة من مشروع تطوير مركز ترميم المخطوطات في المسجد الأقصى.
استكمال تركيب اللوحات الفسيفسائية في مسجد قبة الصخرة والجامع الأقصى.
بمكرمة ملكية سامية، تبرع جلالة الملك عبد الله الثاني، وعلى نفقته الخاصة، لترميم القبر المقدس – قبر السيد المسيح – في كنيسة القيامة بالقدس، وأخيراً خصص جلالته جزءاً من جائزة تمبلتون لبناء وترميم كنيسة القيامة، هذه الجائزة التي نالها بسبب جهوده في الوئام الديني من خلال مبادرات رسالة عمان وكلمة سواء بيننا وبينكم وغيرها من الجهود في هذا المجال، حيث نال ايضاً جائزة مصباح السلام بسبب جهوده الداعية لتحقيق السلام المنشود في المنطقة وحل القضية الفلسطينية وجوهرها القدس.
وفي الحادي والثلاثين من أيار عام 2013 تم تجديد الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات لجلالته بتوقيع اتفاقية وصاية من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس محمود عباس.
وعلى الصعيد العربي فجلالته يؤكد دوما وفي كل المؤتمرات والقمم العربية، وآخرها القمة العربية الطارئة التي انعقدت في مكة المكرمة أيار الماضي أن المحافظة على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها واجب قومي عربي.
أما على الصعيد الدولي، يتابع كنعان: فقد وظف جلالة الملك عبدالله الثاني جميع الوسائل من زيارات واتصالات ولقاءات بعدد من زعماء الدول الغربية وقادة الرأي ووسائل الإعلام فيها وبذل جهوداً حثيثة للحفاظ على هوية القدس، وكان لمساعي جلالته الدبلوماسية أعظم الأثر في منع إسرائيل مراراً من الاستمرار في انتهاكاتها ضد الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، كما أكد جلالته خلال كافة لقاءاته في المحافل الدولية بكل صراحة ووضوح بأن القدس كما هي مفتاح للسلام فهي مفتاح الحرب أيضاً، وأن الحل العادل والشامل والدائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وبرز دور جلالته في هذا الصدد من خلال صياغة واصدار العديد من القرارات الدولية عن منظمة اليونسكو والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، من ضمنها إقناع أعضاء لجنة التراث العالمي لرفض المشروع الإسرائيلي المقدم لبناء جسر المغاربة وذلك بقرار دولي عبر منظمة اليونسكو التي اعتبرت الخطوة الإسرائيلية تعديا على التاريخ والحضارة بينما أقرت المشروع الأردني.
كما أسفرت الجهود الأردنية بقيادة جلالة الملك عن اتخاذ المجلس التنفيذي لليونسكو القرار رقم 40 لسنة 2016 وأهم ما جاء فيه:1. التأكيد على تسمية المسجد الأقصى/ الحرم القدسي وليس جبل الهيكل وأن هذا المسجد من "المقدسات الإسلامية الخالصة"، ولا علاقة لليهود به.
2. مطالبة إسرائيل بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى أيلول 2000 إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد.
3. اعتبر القرار تلة باب المغاربة وحائط البراق بأنهما جزءان لا يتجزآن من المسجد الأقصى، ورفض الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب.
4. دان القرار الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة والتدابير غير القانونية التي يتعرض لها العاملون في دائرة الأوقاف الإسلامية والتي تحد من تمتع المسلمين بحرية العبادة، ومن إمكانية وصولهم إلى المسجد الأقصى.
5. استنكر القرار بشدة الاقتحام المتواصل للمسجد الأقصى من قبل متطرفي اليمين الإسرائيلي والقوات النظامية الإسرائيلية.
وكان لجهود الأردن وعدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الفضل في اتخاذ القرار رقم 2334 الذي تبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 كانون الأول 2016 والذي حث على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967، وهو أول قرار يمرر في مجلس الأمن متعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2008.
وأخيراً كان للموقف الأردني الحازم والرافض لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتعلق بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل دور بارز في صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 128 صوتاً لصالح قرار طالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، وأكد أن أي قرار ينص على ذلك هو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني، وتلاه قرار آخر رافض لقرار ترمب صوت لصالحه 14 عضوا في مجلس الامن وعطله الفيتو الأميركي.
--(بترا