قال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني: إن الحكومة قررت تخصيص 18 مليون دينار لدعم الجامعات بسبب ما تعانيه من ديون كبيرة وعجز متزايد في موازناتها.
واضاف ان تمويل الجامعات ما زال يشكل مشكلة كبرى، وان الاوضاع المالية الصعبة للجامعات تعود لجملة من العوامل المتراكمة، منها زيادة النفقات الجارية، واضطرار الجامعات احيانا لاستخدام اموال صناديقها او للاستدانة، وفي غياب دعم حكومي كاف للجامعات، ما أدى إلى تراكم مديونيتها لتصبح خدمة الدين عبئا على الجامعات.
وبين الوزير المعاني في محاضرة نظمتها مساء امس الاحد، الجمعية الأردنية للعلوم التربوية بالتعاون مع جمعية الشؤون الدولية في مقر الاخيرة بعنوان "رؤى وافكار لتطوير التعليم العالي في الاردن"، أهمية ايجاد الحلول المناسبة للأوضاع المالية للجامعات، مؤكدا أن غياب الحلول سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات ويدخل الجامعات في أوضاع حرجة. وطالب الوزير، الجامعات باتخاذ إجراءات جادة لتخفيف النفقات ومعالجة أزماتها المالية من خلال ايقاف التعيينات الادارية والحد من تعيين الأكاديميين في التخصصات غير المطلوبة. وقال: إن مجلس الوزراء شكل في وقت سابق، لجنة لدراسة أوضاع الجامعات والنظر في حساباتها الختامية، حيث خلصت اللجنة إلى أن طريقة احتساب الدين في الجامعات غير صحيحة، موضحا ان المديونية المعلنة للجامعات والبالغة 195 مليون دينار ليست حقيقية لأنها تتضمن حسابات الجاري مدين، إضافة إلى ما أخذته الجامعات من صناديقها غير صناديق حقوق العاملين.
وافاد، بانه بعد حساب ما اقترضته الجامعات من البنوك ومن صناديق الحقوق كالادخار وغيره، تبين أن المديونية تبلغ 5ر108 مليون دينار فقط، وتبين عند إعادة النظر في عجز موازنات الجامعات بعد تدقيق حساباتها الختامية، ان هذا العجز بلغ في نهاية العام الماضي 5ر18 مليون دينار، ما دفع الحكومة لاتخاذ قرار بزيادة الدعم الحكومي للجامعات.
وأكد أن اللجنة، درست بعناية أوضاع الجامعات والأسباب التي أوصلتها الى هذا الحال، إذ تبين وجود أوجه للإنفاق الزائد فيها واختلالات في الادارة بالجامعات، فضلا عن المشاريع غير المجدية والوحدات الانتاجية الخاسرة، مبينا ان اللجنة أعدت تقريرا آخر بناء على طلب الحكومة، يرسم خطة طريق للخروج بالجامعات من أزمتها المالية مدعمة بمؤشرات اداء، في الوقت الذي طلبت فيه الحكومة من الجامعات تقديم تقارير مالية ربعية حول أدائها اعتبارا من بداية العام الجامعي المقبل. وأوضح الوزير، أن الجامعات مطالبة كذلك بإعادة دراسة الوحدات غير المنتجة، ومعالجة الخلل فيها، والبحث عن الاستثمار في وحدات جديدة تعود بالدخل عليها، مشيرا كذلك لأهمية تشارك الجامعات في بعض الخدمات لتخفيف النفقات كالمطابع وغيرها، ودعم بعضها البعض في الاستخدام الامثل للموارد.
واعتبر الدكتور المعاني أن الجامعات اصبحت مكانا لضخ الخريجين من جميع المستويات والتخصصات لسوق مشبعة متخمة، فيما نسخت من بعضها البعض التخصصات ذاتها، حتى وصل الأمر إلى قيام عشر جامعات بتدريس خمسين تخصصا متطابقا لا يختلف أحدها عن الآخر في ساعة معتمدة واحدة، كما ضخت الجامعات أعدادا كبيرة من حملة الدكتوراه و الماجستير التي لا نحتاجها ولا يوجد اسواق عمل لها، مبينا أن نحو 4500 طالب دكتوراه في تخصصات متشابهة ومعتادة. وبين أن الاردن ما زال يوفد طلابنا لدراسة الطب في شتى بقاع الأرض رغم البطالة بين الأطباء، في ظل المنافسة على منح الطب في دول أخرى كهنغاريا دون تحويل هذه المنح لتخصصات أخرى أكثر مواءمة لمتطلبات السوق، وكذلك بالنسبة لتخصص الهندسة، حيث انه يتم ايفاد طلابنا لدراسة الهندسة، بالرغم من وجود نحو 165 الف مهندس في الاردن يعاني الكثير منهم من البطالة، في وقت ما زال فيه ديوان الخدمة المدنية يوفد المزيد من الطلبة لدراسة تخصصات لم نعد بحاجة لها.
واوضح الوزير، ان على الجامعات أن تتميز في تخصصات وان تتفوق في اخرى، حيث لم يعد مقبولا ان تكون نسخا من بعضها البعض، ولها نفس الخطط والتخصصات ونفس المنتج، مشيرا الى ان الابتكار والابداع أصبحا من الضروريات عند الحديث عن الجامعة المتميزة، ما يدعو لأهمية تطوير حاضنات للأعمال وإشراك الطلبة في أعمالها لتهيئتهم لسوق العمل، في ظل نقص المهارات لدى الخريجين بما يحدث من منافستهم في سوق العمل الداخلي والخارجي.
ولفت، الى اهمية الشراكات مع القطاع الخاص في ايجاد التكوين المهاري والمعرفي عند الخريجين، مشيرا إلى تجاوز بعض الجامعات الحكومية والخاصة هذه المعضلة. وكشف المعاني، ان الحكومة وافقت على إعطاء منح محكومة بالمعدل فقط للطلبة المتفوقين، بمبلغ 18 مليون دينار ابتداء من العام المقبل، مبينا أن الحكومة ستنشئ برنامجا تمويليا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير قروض ميسرة بمدد سماح معقولة وفترات سماح طويلة للطلبة، حيث باشر ديوان التشريع والراي في وضع النظام الخاص بالبرنامج.
وقال: إن مجموع القروض التي تقاضاها الطلبة منذ 15عاما، بلغت نحو 172 مليون دينار، تم تسديد 36 مليونا منها فقط بصعوبة، ما دفع الحكومة لتأجيل تسديد القروض لحين العمل الدائم والمنتظم، مشددا على أهمية توفير فرص عمل حتى يتمكن هؤلاء الطلبة من تسديد قروضهم، وبلغ معدل قروض الطلبة في الاردن 5 آلاف لكل طالب عند التخرج اذا كانت المنحة كاملة. واضاف، ان الحكومة، تعمل بجد على دراسة مشروع التعليم العالي المجاني، وتبحث في الوسائل والطرق وفي المعيقات، مبينا في ذات الوقت أن تمويل الطلبة للالتحاق بالتعليم الجامعي أمر مكلف، معتبرا أن تجديد الدم الجامعي لا يتم الا بالابتعاث للجامعات المرموقة، وعودة الشباب لبث الروح في الجامعات.
وقال: إن الاعتمادية وتصنيف الجامعات، اصبحتا من الاسس التي يجب على الجامعات العمل من اجلها والسعي لها، من خلال توفير الكوادر البشرية التي تتوفر لدينا وما زالت تبحث عن فرصة عمل، لافتا ايضا الى المعيقات التي يعانيها البحث العلمي، منها التمويل وعدم المعرفة الكافية في المنافسة على الكم الهائل من التمويل الذي تقدمه المؤسسات الدولية.
وأكد الوزير، أهمية تطوير البرامج التفاعلية والتشاركية بين الطلبة وتفعيل اندية الحوار والنقاش ومبادرات العمل التطوعي، موضحا أهمية تحقيقه وتطبيقه لحماية الأكاديمية من التدخل فيها.
وبين أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لها سلطة وضع السياسات ومتابعة تطبيقها فقط، وليس لها علاقة بتسيير الأمور اليومية في الجامعات، مؤكدا إنه لا سلطة لوزير التعليم العالي ومجلس التعليم العالي على الجامعات إلا تلك التي يتيحها له القانون ضمن صلاحيته كرئيس للمجلس. وشدد على أهمية ممارسة مجالس امناء الجامعات لدورها ومعرفة حدود هذا الدور، وان يعرف رؤساء الجامعات حدود سلطاتهم وممارستها، والعمل بجد لرفع سمعة الجامعة عبر الخريج المتميز والبحث العلمي الرصين، داعيا الجامعات إلى المبادرة بمحاكاة مضامين الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ومحاورها وبخاصة ما يتعلق بالخطط الدراسية وتطويرها، وطرق التقييم وتحديثها، وادخال التكنولوجيا في التعليم في مساقات متنوعة في مختلف التخصصات. ولفت، الى اهمية استعمال الطرق الحديثة في التدريس ونقل المعلومة المعتمدة على التفاعل مع الطلبة، وأهمية المشاركة الطلابية في النشاطات اللامنهجية لتنمية الحياة الجامعية.
واوضح المعاني أن الدور الأساسي في تطوير منظومة التعليم العالي، لا يقع على عاتق مجلس التعليم العالي أو وزير التعليم العالي، وانما على الجامعات نفسها رئيسا ومجلس أمناء وعمداء وطلبة لإيجاد تعليم أكثر جودة وتميزا. وأشاد رئيس لجنة التربية النيابية الدكتور ابراهيم البدور بالشراكة بين الوزارة واللجنة في البحث في قضايا القطاع ووضع الحلول اللازمة لها.
وبين رئيس الجمعية الأردنية للعلوم التربوية الوزير الأسبق الدكتور راتب السعود، ان المحاضرة تأتي في إطار التعاون مع جمعية الشؤون الدولية لإيجاد حراك وطني جاد وهادف حول مختلف القضايا الوطنية الملحة وصولا إلى حلول جذرية بمشاركة أصحاب الخبرة والمعرفة للتحديات التي تواجه الوطن في مختلف المجالات.
(بترا- موسى خليفات)