4 وزراء صحة في 3 سنوات وجراحة مستعصية للقطاع الطبي
الانباط – عمان – خليل النظامي
حالت التعديلات الوزارية المتعاقبة دون استقرار وضبط ايقاع وزارة الصحة، حيث شهدت في السنوات الثلاث الماضية اعتلاء اربع وزراء صحة الى كرسي الوزارة وهو ما يؤكد سلبيا على طبيعة الملفات التي تنوء بها الوزارة.
خروج او الاطاحة بوزير الصحة غازي الزبن لم يكن على سبيل المصادفة بل سبق ذلك مجموعة من الارهاصات والتصريحات النارية التي اخذت اطارا شعبويا للوزير الزبن والتي وجدت استحسانا لدى الغالبية من الاردنيين.
وثالثة الاثافي، كانت تشكيل الزبن لجنة لمراجعة تسعير الادوية وهو امر فتح عش الدبابير على الحكومة من "هوامير" صناعة الادوية الذين استشاطوا غضبا بسبب تقليل نسب الارباح الفلكية التي تباع بها الادوية في الاردن والتي تصل ارباحهم الى 200 – 300% .
تصريحات الزبن في ما يتعلق بوقف اي مشروع يستهدف خصخصة القطاع الطبي الاردني ورفضه القاطع لأية عمليات خصخصة كانت النصف ساعة الاخيرة في بقاء الوزير ضمن الفريق الوزاري، اضافة الى صداميته ازاء اي امر يتعلق بخفض موازنات او تقليل من شأن وزارته او الرعاية الطبية في الاردن.
الوزير الذي ترك بصمة رغم بقائه في سدة الوزارة ما يزيد على سبعة اشهر بايام قليلة لم يكن استمراره محتوما بعد سلسلة التفاهمات التي وطدها مع النقابات الصحية الاربع والتي طالبت في بيان غير مسبوق وجه لرئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز بالابقاء عليه لاكمال مسيرة العمل في القطاع الصحي والخطوات التصحيحية التي بدأها الرجل رغم الضغوط الحكومية والنيابية التي لم يكن يستجيب لها.
اما ملف التأمين الصحي واستقلاليته وما هو مرسوم له بالمستقبل فكان حجر زاوية في رحيل الوزير الذي كان يرفض خصخصة التأمين الصحي كما يأبى تحويل المستشفيات الحكومية الى مستشفيات قطاع خاص، مركزا على ضرورة تجويد الخدمة في القطاع الحكومي بإستثناء ما كان يتم تحويله للخدمات الطبية الملكية وهي مبالغ تعود اصلا لوزارة الصحة والبالغة قيمتها 65 مليون دينار وتأخرت الخدمات في تسديدها.
الزبن الذي كان شكل لجنة لاعادة النظر بأسعار الأدوية في المملكة، اراد اطلاع مجلس الامة على النتائج حال الانتهاء منها، والتي تتكون من ممثلين عن ثمانية مؤسسات خاصة ورسمية من بينها جمعية حماية المستهلك وأصحاب المستودعات والصناعات الدوائية لدراسة هذا الملف وتقديم التوصيات.
الزبن اكد ان أسعار الأدوية في الاردن مرتفعة نوعا ما مقارنة مع الدول الأخرى مثل تركيا نظرا لوجود نظام صحي شامل لديها ولا يمكن ان نقارن هذه الدول بالأردن من ناحية الأسعار، مشيرا إلى أن ٧٥٪ من الشعب الأردني يأخذ العلاج من القطاع الحكومي شبه مجاني.
وعلى صعيد خصخصة القطاع الطبي، كان الزبن اكد انه لن یسمح أبدا بخصخصة القطاع الطبي الحكومي، طالما أنه على رأس ھذه الوزارة، موضحا أن الصحة قطاع رئیس لیس فیه غني وفقیر، وأن من أبجدیات عمل الدولة أن توفر الرعایة الصحیة لأبنائھا.
وأضاف إن الجودة أو الخدمة الفندقیة قد تختلف ولكن یجب ان نوفر للمواطن الحد المعقول من الرعایة الصحیة وضمن امكاناتنا، مضیفا أن منجزات الدولة لا یجب التفریط فیھا وقطاعات الصحة والنقل والتعلیم لھا اولویة لدى القیادة والحكومة.
الوزير السابق كان اكد ان وزارته ستنهي ملف نقص الاختصاصات الطبية خلال ثلاث سنوات، حيث انتهجت الوزارة في عهده نظام توقيع العقود مع الأطباء المتدربين لديها بحيث يطلب من الطبيب الذي يريد مغادرة عمله قبل نهاية ما تم الاتفاق عليه تسديد جميع المبالغ التي دفعتها الوزارة على تدريبه.
وكان النقابات الصحية دعت الى تجديد الثقة بوزير الصحة السابق الدكتور غازي الزبن بالتزامن مع التعديل الوزاري.
وقال نقيب الاطباء الدكتور علي العبوس إن النقابات الصحية الاربع اجمعت على المطالبة بالابقاء على الزبن وزيرا.
وجاء في بيان النقابات الاربع (الأطباء وأطباء الأسنان والممرضين والصيادلة) أن الدكتور الزبن أبدى تعاونا كبيرا مع النقابات الصحية لما فيه مصلحة القطاع الطبي وصحة المواطن.
وأضافت في بيان مشترك أن نتائج هذا التعاون بدأت تنعكس بشكل إيجابي على القطاع الصحي في المملكة، ويرافقها نضوج في رؤية الوزارة للتصدي للعديد من المشاكل التي يواجهها القطاع.
وشددت على أهمية أن يراعي صناع القرار ضرورة ان تتاح الفرصة لوزراء الوزارات الخدمية وعلى رأسها وزارة الصحة البقاء في مناصبهم وتولي مهامها لأطول فترة ممكنة لما لذلك من نتائج إيجابية كبيرة على الخدمات المقدمة للمواطنين، وبما يمكن المسؤول من تنفيذ خططه وبرامج التطوير التي يحتاجها المواطن.
الوزارة التي تعاقب عليها خلال ثلاث سنوات الوزراء علي الحياصات ومحمود الشياب وغازي الزبن وسعد جابر لم تكن لتنهي ملفاتها في ظل عمليات التعديل المتكرره التي تحرق المراحل والملفات وتشي بعدم الالتزام بخطة صحية متوازنه للقطاع الطبي في المملكة لتغيير اتجاهات الوزراء كل حسب اهتماماته.
التعديل الوزاري الجديد ساهم الى حد كبير باجهاض مشروع الزبن المتضمن تجويد الخدمات الصحية في مناطق الاطراف وتمتين العلاقة مع النقابات الصحية وزيادة التعاون مع القطاع الصحي على ارضية ان الوزارة هي المظلة الشرعية والرئيسية للقطاع الطب بأكملة لا ان تكون جزءا للخدمات المقدمة للفقراء فقط.
سيناريوهات التعديل لم تجهض فقط خطط وزارة الصحة ولكنها عانت من الضغوط الكبيرة التي وقعت على كاهل الوزارة خلال الفترة الماضية وخرج من ألغامها الوزير الزبن بأقل الخسائر.
وكان التعديل الوزاري الذي واجه انتقادات شعبية كبيرة اطاح بالوزير الزبن وخلفه الجنرال سعد جابر والذي كان يتولى ادارة الخدمات الطبية الملكية في مسعى من رئيس الوزراء لزيادة الضبط والربط في وزارة الصحة وتطبيق نموذج الخدمات الطبية في الخدمة الصحية.