الأنباط – العقبة - د. نهاية القاسم
عرف "البحر الأحمر" بالعديد من المسميات في فترات سابقة، فأطلق عليه العرب اسم "بحر القلزم"، كما سُمي بـ "بحر الحبشة". تختلف التفسيرات عن أسباب تسميته بـ "البحر الأحمر"، فربما يكون قد سُمي بذلك نقلاً عن الخرائط البرتغالية، بينما هناك فرضيات أخرى للاسم من بينها أنه مأخوذ من قبيلة حمير (قبيلة قديمة كانت تعيش في اليمن).
فيما ذهب بعض العلماء إلى اعتبار تلك التسمية إشارة إلى "اتجاه الجنوب" تمامًا على غرار البحر الأسود الذي يشير إلى اتجاه الشمال، حتى أن هيرودوت عندما كان يصف البحر الأحمر كان يصفه بـ "الأحمر" وبـ "بحر الجنوب" أيضاً.البحر الأحمر مسطح مائي ذو شكل طولي ، يقع بين السواحل الغربية لشبه الجزيرة العربية وأفريقيا. تطل عليه كل من السعودية ومصر والسودان واليمن والأردن وفلسطين وإيريتريا وجيبوتي. موقعه استراتيجي لحركة النقل البحرية إذ يتصل من الجنوب بالمحيط الهندي عن طريق مضيق باب المندب ويمتد شمالا حتى يصل إلي شبه جزيرة سيناء وهناك يتفرع إلى خليج العقبة وخليج السويس الذي يؤدي إلى قناة السويس. يبلغ طول هذا البحر 1900 كم ويصل عرضه في بعض المناطق إلى 300 كم. أعمق نقطة في البحر الأحمر تصل إلى 2500 م..مساحة البحر الأحمر 450000 كم2. ويعد البحر الأحمر موطنا لأكثر من الف كائن حي لافقاري وأكثر من مائتي نوع من المرجان.
ومن بين الأسباب المتداولة حول تسمية "البحر الأحمر" بهذا الاسم أيضًا ما ذهب إليه بعض المؤرخين من كون مجاورة البحر للصحراء المصرية التي كان المصريون قديماً يطلقون عليها "الأرض الحمراء" كانت سبباً في إطلاق تلك التسمية عليه.
وبالحديث عن "قدماء المصريين" فإنهم يعتبرون أول من قاموا برحلة استكشاف للبحر الأحمر، ذلك في معرض سعيهم لإقامة طرق تجارية إلى بلاد البونت. وأبرز تلك الرحلات الاستكشافية قامت بها الملكة حتشبسوت في العام 1500 قبل الميلاد. ومما يروى أيضاً في تاريخ البحر الأحمر أنه في القرن السادس قبل الميلاد أرسل دارا الأول (الملك الأخميني الثالث) بعثات استطلاعية للبحر الأحمر.
وأن الإسكندر الأكبر في نهايات القرن الرابع قبل الميلاد قد أرسل رحلات يونانية بحرية أسفل البحر الأحمر في اتجاه المحيط الهندي. وجمع البحارة اليونانيون معلومات حول البحر الأحمر وواصلوا استكشافه، بخاصة في القرن الثاني قبل الميلاد.
ويسود اعتقاد حول أن البحر الأحمر يضم نحو 17 موقعاً لسفن غرقت في قاعه في غير فترة تاريخية بإجمالي يُقدر بحوالي 50 سفينة. وما عزز ذلك الاعتقاد فعلاً اكتشاف حطام سفينة بالقرب من مدينة أملج بتبوك (القريبه من مدينة ينبع بمسافة 130 كم) تعود إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، الأمر الذي يعزز فكرة أن "البحر الأحمر" مليء بالكنوز التي لم يتم اكتشافها بعد.
ومن بين الأساطير المتداولة حول تاريخ استكشاف البحر الأحمر –الذي تعتبر مياهه من أكثر مياه البحار ملوحة في العالم- أيضاً أن الملكة بلقيس في بلاد اليمن هي من أول من نقبت عن الشعب المرجانية فيه. وقد أصدرت -وفق تلك الأساطير- أوامرها لمساعديها باستخراج الكنوز من البحر، وارتدت منه اللآلئ وتزينت بها.
ويضم البحر الأحمر في وسطه جزراً بركانية خاملة، وتتواجد فيه العديد من الجزر صغيرة الحجم بين مساحات تبدأ من كيلو متر واحد وحتى عشرة كيلو متر مربع، بينما الجزر الكبيرة يصل عددها لنحو 400 جزيرة. واشتهر البحر الأحمر بالحفريات السيليكونية والمكونات البركانية، والمعادن مثل الميكا والفلسبار والكوارتز والمغنيسيوم وغيرها من أنواع الصخور النادرة. ويحتوي كذلك على العديد من الشعاب الشاطئية بجزر مرجانية مختلفة ومتنوعة.
في العام 1983 أقامت الحكومة المصرية "محمية رأس محمد" من أجل حماية الحياة البحرية المحلية، اعترافاً بالتنوع الحيوي الخاص بالبحر الأحمر، ويقصد المحمية العديد من السائحين العرب والأجانب والمصريين أيضاً. وتستقطب شواطئه سنوياً مئات الآلاف من السائحين من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بتجربة الغطس في مياهه الدافئة، ومشاهدة شعابه.
كثيرة هي كنوز البحر الأحمر وقلة هم من يعرفون عنها ، فالمنطقة وان بدت للغالبية مجرد مسطح مائي معتاد فان الطبيعة والجمال الأخاذ حاضر في اعماقه التي يعرفها كل من خاض مغامرة الغطس فيه. ويقف البحر الأحمر رغم ما اعتراه من آثار تدمير بيئي لبعض اجزائه ليعرض تحفه وكنوزه الطبيعية للزائرين من كل أنحاء العالم بكل تباهي واباء.
ويعتبر البحر الأحمر نظاما بيئيا غنيا ومتنوعا. حيث يوجد أكثر من 1200 نوع من الأسماك التي سجلت في البحر الأحمر، ويوجد حوالي 10 ٪ منها لاتوجد في الأماكن الأخرى. وهذا يشمل أيضاً 42 نوعاً من أسماك المياه العميقة. اذ يعود التنوع الغني جزئياً إلى 2000 كيلومتر (1240 ميل) من الشعاب المرجانية على امتداد سواحلها، وعمر هذه الشعاب المتاخمة يتراوح ما بين 5000-7000 سنة وتتشكل في معظمها من الصخرية المرجانية. كما تتشكل الشعاب على شكل حيود طويلة تمتد بمحاذاة الساحل، كما توجد بحيرات ملحية على طول الشريط الساحلي، وأحياناً تكون بشكل مستعرض كالاسطوانات وتزور هذه الشعاب الساحلية أيضاً أنواع من اسماك البحر الأحمر، تشمل 44 نوعاً من أسماك القرش.
كما يحتوي البحر الأحمر أيضاً على العديد من الشعاب الشاطئية تشمل جزر مرجانية عديدة والعديد من الشعاب الشاطئية الغير عادية شكلت بتحدي تقليدي لمخططات شعب مرجانية مصنفة، ونسبت عموماً إلى مستويات عالية من النشاط االحيوي الذي تتميز به المنطقة.
كما ان هناك عدد من الجزر المغمورة من الشعاب المرجانية التي تنمو من قاع البحر الى سطحه حيث يعلوها الماء ببضعة سانتيمترات قليلة بينما تكسو جدرانها المنحدرة نحو القاع حياة فطرية في غاية الجمال والتنوع باشكال والوان مختلفة وهذه الجدران المنحدرة هي مايقوم الغواصون باستكشافها وتصويرها والتمتع بجمالها . ولا يتطلب أن يكون الشخص غواص لكي يستمتع بهذا الجمال اذ يمكن النزول ممارسة هواية الغوص بكل بساطه ومشاهدة أنواع الأسماك والمرجان من دون الغطس الى الأعماق البعيدة ، كما بالامكان النزول بواسطة الغواصة لمشاهدة هذا العالم الرائع النادر.
ويزخر ساحل خليج العقبة بالعديد من الشعاب المرجانية الهدبية الرائعة وتغطي مسافة تبلغ نحو 2000 كيلومتر مربع والتي تجذب الكثير من هواة الغطس والأجانب الذين يحبون ممارسة هذه الهواية الممتعة. ويتميز عالم البحار بأشكال وأنواع الكائنات الحيوانية والنباتية التي تبهر الزائر وخاصة البحر الأحمر الذي يكتسب شهرة عالمية لندرة وجمال الكائنات التي تعيش فيه وتبلغ تقريبا 1000 صنف من الأسماك و150 نوعا من الشعاب المرجانية. ولهذه المميزات أصبح خليج العقبة وجهة سياحية وبيئية مشهورة ومنطقة جذب لهواة الغوص تحت البحار.
اذ تستقطب مدينة العقبة سنويا الآف السواح من جميع انحاء العالم للاستمتاع بتجربة الغطس في مياه خليجه الدافئة ومشاهده شعابه واحيائه وخاصة انه يمتاز بمياهها الدافئة الصافية والتي تتيح للغواصين مشاهدة أروع الكائنات البحرية والحيود المرجانية ذات الألوان الزاهية النادرة ، فأينما غطست في البحر الأحمر فأنت على موعد مع الجمال والمغامرة والاستكشاف.
من أجدر ما يمكن ذكره من هذه الكنوز الجزر المغمورة من الشعاب المرجانية التي تنمو من قاع البحر إلى سطحه، حيث يعلوها الماء ببضعة سنتيمترات قليلة. بينما تكسو جدرانها المنحدرة نحو القاع حياة فطرية في غاية الجمال والتنوع بأشكال وألوان مختلفة، وهذه الجدران المنحدرة هي ما يقوم الغواصون باستكشافها وتصويرها والتمتع بجمالها، ولا يتطلب أن يكون الشخص غواصًا محترفًا لكي يستمتع بهذا الجمال الأخاذ.
تتألف أسماك البحر من نوعين رئيسين، الأول هو الأسماك المهاجرة التي تأتي أسراباً في مواسم معينة ومن ثم تغادر، والنوع الثاني هو الأسماك المستوطنة التي تحيا على الشعاب المرجانية، ولها أماكنها ومواقعها التي لا تغادرها.
ومياه البحر الأحمر هي جزء رئيس من جماله وخصوصيته، إذ تتميز بالدفء؛ ما يشجع محبي السباحة ورياضة الغوص على جعله وجهتهم الرئيسية، كما يشجع على السياحة الترويحية التي يقبل عليها الشباب.
خلاصة القول البحر الأحمر بيئة غطس ممتعة, للهاوي والمحترف يرحل بالغطاس عبر الزمان والمكان في تجربة زادها الصور والخيال، هذا البحر يبشر بمستقبل مبهر للسياحة.//