على السجاد الأحمر الذي وطئھ جلالة الملك عبدالله الثاني في مطار بغداد، كان الرئیس العراقي برھم صالح في مقدمة مستقبلي الملك، وكان لافتا في الزیارة التاریخیة مشھد مدھش لطفل عراقي استقبل جلالتھ بباقة من الورود، ھذا المشھد غاب طویلا عن مناسبات الاستقبالات الملكیة والرئاسیة في العالم العربي ولھ دلالات، ولھذا كان إشارة إلى ولادة عصر جدید بريء،من العلاقات العربیة العربیة التي یحتاجھا العراق الجدید الذي لم یغب عن خطاب الملك منذ سنوات، حیث العراق ھو أحد شرایین العلاقة الأردنیة التي بحثت عمان خلال السنوات الماضیة عن طریقة لإعادة بناء المنظومة الحكومیة والعسكریة والأمنیة فیھ، ودعمت كل الجھود لإعادة الإستقرار لھ، .والمشاركة في إعادة إعماره سیاسیا وإقتصادیا واجتماعیا، وتأمین حدوده بطرد الجماعات المسلحة وتطھیرھا بقوة جیشنا الباسل زیارة الملك لاقت ترحیباً كبیراً من قبل الرئیس العراقي ورئیس الوزراء وبین أقطاب النخب السیاسیة العراقیة، حیث رحب الرئیس صالح بالملك قائلا » أھلا بكم ضیفا كبیرا على العراق، فأنت منا وفي بیتك... وھذه زیارة تاریخیة یشھد لھا العراقیون جمیعا»، فیما وصف رئیس الوزراء عادل عبدالمھدي زیارة الملك بأنھا «حدث كبیر، ولھا صدى على المستویین المحلي والإقلیمي، ووصف العلاقة الأخویة بأن الأردن ھو رئة العراق، والعراق ھو رئة الأردن، وأن لھ مكانة خاصة عند العراق والعراقیین تاریخیاً»، فیما احتفت أطیاف مجلس النواب .العراقي بلقائھم جلالة الملك منذ عشر سنوات جاءت الزیارة الثانیة للملك منذ سقوط الدولة القدیمة، وكانت الزیارة الأولى عام 2008 محفوفة بمخاطر جمة نتیجة ّ الإنھیار الأمني آنذاك وتأجلت لأسباب لا سبیل لذكرھا ھنا، ومع ذلك أصر الملك عبدالله الثاني على أن لا یترك العراق وحیدا یكابد الأخطار التي تكالبت علیھ، ولكن العراق الیوم بدأ یتعافى أمنیا وسیاسیا، وعلى القطاع الخاص الأردني أن یشمر ذراعیھ للمزید من التعاون .الإقتصادي والإستثماري مع الأشقاء، وأن تقدم الحكومة خططھا بعد زیارة الرئیس لبغداد ّ لقد كانت الخلافات الداخلیة والتدخلات الإقلیمیة وصعود الإرھاب المسلح والفكري والتشرذم الطائفي ومحاولة تقسیم أراضي العراق وغیر ذلك، ھاجساً مؤرقا بالنسبة للقیادة الأردنیة، التي ما انفكت تسعى لتوحید الصف وتقریب الفرقاء من القیادات السیاسیة والدینیة في العراق ّ وجمعھم على طاولات الحوار في عمان بكل ترحاب وإخلاص للحفاظ على سلامة الدولة العراقیة ومكوناتھا، ولھذه المصادقیة رأینا الاحتفالیة الرسمیة على أعلى المستویات للزیارة الملكیة لبغداد أمس، بعد أسابیع من الرفض السیاسي العراقي للزیارة السریة للرئیس .الأمیركي دونالد ترمب لإحدى الوحدات العسكریة الأمیركیة في العراق فصبیحة الیوم التالي لزیارة الرئیس المصري عبدالفتاح السیسي لعمان، افتتح الملك العام الجدید بزیارة بغداد للتأكید على عمق العلاقات الأردنیة مع الأشقاء جمیعھم، وعلى الحرص لإبقاء الحدود مفتوحة للعراق لتلبیة كافة احتیاجاتھ الاقتصادیة أیضا، فخطوط الكھرباء الأردنیة تنتظر تغذیة مناطق العراق الجنوبیة العراقیة، والبضائع والسلع واحتیاجات السوق العراقیة ستتدفق عبر معبر الكرامة نحو .المنطقة الحرة المزمع إنشاءھا في طریبیل في الأردن لا مكان للكراھیة، ولا للجحود أوالتآمر والتفرقة السیاسیة أو الدینیة، ولھذا كان الأردن وسیظل محجاً لجمیع أطیاف الشارع العراقي، ولقاءات الملك أمس مع رئیس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي ورؤوساء الكتل العراقیة، كانت إشارة الى أھمیة التواصل السیاسي مع مكونات الشعب الشقیق، فضلا عن لقاء زعیم تیار الإصلاح والإعمار عمار الحكیم، والتي تشكل فتحا جدیدا للعلاقات الأردنیة .مع الجارة التاریخیة التي لا یجب أن تترك ساحة لأي دولة توسعیة، فیكفینا ما أضعنا مع الأشقاء في أكثر من دولة