في حديث لبرنامج "عين على القدس"
– عمان
قال متحدثون ان احتفال الكنائس بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية الذي رعاه جلالة الملك عبدالله الثاني الثلاثاء الماضي بمركز الحسين الثقافي، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، اكد أن العلاقة الاسلامية المسيحية هي بصلب النضال للحفاظ على حقوق المسلمين والمسيحيين في القدس، ببعديها الديني والسياسي.
ووصف راعي كنيسة الروم الارثوذكسي في الصويفية، سيادة الأب الدكتور ابراهيم دبور، الاحتفال الذي حضره رؤساء كنائس القدس والأردن وممثلون عن الأوقاف والهيئات المقدسية، وعدد كبير من القيادات والشخصيات المسيحية والاسلامية في الأردن وفلسطين بلقاء الأخوة الأردنيين والفلسطينيين معا للدفاع عن القدس، بالشيء المشهود له منذ نشأة البلاد، مؤكدا أننا هنا شعب واحد وقوة وقدرة واحدة، مشيرا الى أن الشعب الفلسطيني يأخذ قوته من الله في الدرجة الأولى، وثانيا من دعم أخوته الأردنيين وعلى رأسهم جلالة الملك.
كما أشار الأب دبور في حديث لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني، الى انه لأول مرة يكون هناك لقاء اسلامي مسيحي اردني فلسطيني معا على مستوى عال جدا، مما أعطى الفرح والأمل لجميع المواطنين والحضور، ولكل الكنائس المشاركة، واصفا هذا اللقاء بالشيء الجميل جدا، لأن الشعب الآن يتوق الى وحدة القلوب مثلما هي وحدة الشعوب، التي هي نوع من أنواع الرابطة القديمة التي تتجدد دائما.
وقال، اذا عدنا الى التاريخ نجد شيئا مهما بهذه البلاد، وهو أن كنيسة الروم االارثوذكس هي كنيسة وطنية من أصل هذه البلاد، ولا تنتمي لأي من دول العالم الأخرى، بل تنتمي الى القدس والأردن وفلسطين، وهوية الشعب المسيحي القديم بهذه المنطقة هي هوية كنيسة الروم الارثوذكس، مشيرا الى أنه عندما جاء الخليفة عمر بن الخطاب الى القدس، وأعطى العهدة العمرية التي انطلقت فيها روح الأخوة الحقيقية، وجعلت هذه العهدة تتجدد دائما في قلوبنا، وتوحد المسلمين والمسيحيين معا، وهي العهدة التي ما زالت تعاش، لأنها لمن تكن عهدة في الزمن الماضي فقط، وانتهت.
وأضاف، أن الخليفة العادل أعطى البطريرك صفرونيوس، أن يكون واليا مدنيا ودينيا على القدس والشعب المسيحي فيها، مشيرا الى أن هذا شيء رائع لا نراه في أي من الشعوب الأخرى، ولهذا يتمسك المسيحيون بهذه العهدة ويتشبثون بها، لأنها أعطتهم كامل حقوقهم وحافظت عليها، وجعلتهم يحيونها منذ ذلك الحين، لافتا الى أن كل ما يخالف العهدة العمرية، هو مخالف للدين المسيحي، ومخالف للدين الاسلامي .
وتحدث الأب دبور عن التحديات التي يواجهها المسيحيون في القدس، وأكبرها محاولات الاحتلال ابتلاع أراضي الكنائس، معربا عن أسفه لوقوف السياسيين الغربيين مع اليهود، ولغياب الصوت العربي إلا من صوت جلالة الملك عبد الله الثاني ، الذي يقف مدافعا صلبا أمينا لحماية الأراضي المقدسة والكنائس التي يحاول الاحتلال استغلالها يوميا.
من جانبه، أكد سفير منظمة التعاون الاسلامي في دولة فلسطين، الدكتور أحمد الرويضي، أن العلاقة الاسلامية المسيحية هي بصلب النضال للحفاظ على حقوق المسلمين والمسيحيين في القدس، ببعديها الديني والسياسي، مبينا أننا بهذا الاحتفال الذي حضره جلالة الملك والرئيس الفلسطيني أمام رسالة واضحة مغزاها الرئيسي الأهم هي سياسية، أن الطرفين الاردني والفلسطيني موحدان بموقف سياسي واضح أرسل الى العالم من خلال هذه المشاركة بهذا الحضور الديني الاسلامي المسيحي، بأن القدس لن تكون الا عاصمة لدولة فلسطين، ولا معنى ولا نتيجة لكل القرارات التي صدرت، سواء من الادارة الامريكية او من ادارة دولة الاحتلال، وخاصة ما سمي بقانون القومية الذي تحدث ببند خاص على أن (القدس الموحدة) عاصمة لدولة الاحتلال .
وأضاف الرويضي، المغزى الثاني هو التأكيد على عمق العلاقات الاردنية الفلسطينية، وهذا العقد الذي يربط فلسطين والاردن في الدفاع عن القدس، مشيرا الى أن الوصاية الهاشمية تعني حمل العبء الأكبر في الدفاع عن المقدسات وعقارات القدس الوقفية، والمغزى الثاني يحمل التأكيد على هذا العقد الذي يربط الهاشميين بالقدس، والسيادة الهاشمية على هذه المدينة، باعتبار القدس عاصمة لدولة فلسطين .
وأعرب الرويضي عن اعتقاده بأن هذا الاحتفال أعطى رسالة واضحة لمغزى سياسي له نتائج فهمها من كان يجب أن تصل اليه هذه الرسالة، سواء في الولايات المتحدة او في داخل اسرائيل، كما أكد على التلاحم الديني وإبراز القدس ومرجعية الطوائف المسيحية فيها، وكذلك المرجعيات الدينية الاسلامية الذين أطلقوا معا صوت القدس في هذا الاحتفال، في رسالة لها بعدها الديني والسياسي، وأيضا لأهل القدس بأن الجميع معكم وعلى رأسهم الهاشميون، وكذلك مع القيادة الفلسطينية في برنامجها لحماية القدس ورفض القرار الأمريكي، وأن القدس لن تترك وحيدة لتدافع عن ذاتها وعن مقدساتها .
وأكد الرويضي أن معركتنا في القدس التي تجمع الديانات الثلاث، لم تكن في يوم من الأيام ضد الديانة اليهودية، بل المعركة ضد الصهيونية التي وضعت يدها على فلسطين واحتلتها على مرحلتين، ثم أرادت ان تغير من طابع مدينة القدس، وتعطيها بعدا غير طابعها الاسلامي المسيحي.
وأعرب عن اعتقاده بأن المتحدثين في هذا الاحتفال بما يمثلوه من بعد ديني مسيحي، قد عبروا عن الهمين الوطني الديني والوطني السياسي في كلماتهم التي قدموها في هذا الاحتفال، وأجابوا على المتصهينين المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، الذين يدعمون الاحتلال ونهجه في تدمير القدس وتغيير معالمها الاسلامية والمسيحية، وأكدوا على أنه بالوحدة المسيحية الاسلامية لن يستطيع أحد أن يفرض أجنداته على القدس، ولن يستطيع من اعتقدوا أنهم سينتصرون على الحق الاسلامي المسيحي الذي هو حق نابع من ارادة جدية بأن القدس هي لأهلها الشرعيين، وأنها تمثل المعنى الحقيقي للسلام الذي اقتنع كل العالم بالسبيل الوحيد لتحقيقه، ما عدا الولايات المتحدة التي أرادت الخروج عن هذا الإطار، متجاهلة أن قوتنا تكمن في الحق الذي نملكه والنابع من أننا أصحاب حق ورسالة بعمق التاريخ .
وقال رئيس الاتحاد اللوثري العالمي السابق، المطران منيب يونان، ان جلالة الملك يدعونا كرجال دين مسيحيين ومرجعيات اسلامية، ووجهاء في البلد، كي نحتفل مع بعضنا البعض بعيد الميلاد، مشيرا أن هذا العام كان مميزا لعدة أسباب أهمها، أن رؤساء الكنائس هنأوا جلالة الملك بالجائزة الكبرى المميزة التي حصل عليها (جائزة تمبلتون) كأول قائد دولة في العالم يحصل عليها، وأيضا ما ميّز هذا الاحتفال حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث أرسل جلالة الملك والرئيس عباس رسالة واضحة، بأنه لا يوجد حل آخر سوى حل الدولتين على حدود عام 1967، تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين .
وأشار يونان على أننا لا نشترك بالحوار الديني المشبوه، لأن هذا الحوار "حوار الطرشان"، مؤكدا أننا نسير على خطى جلالة الملك، الذي يريد من الحوار أن تكون رسالته تجد القيم المشتركة التي تدعو للعيش المشترك والمصالحة والعدالة والسلام.
وقال قاضي القدس الشرعي الشيخ محمد سرندح، ان الوثيقة الوحيدة التي امتدت على مر العصور والتي لم يخترقها أي تجاوز هي العهدة العمرية، لأن الذي قام بها هو خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، الذي كان حريصا أن لا يكون وحيدا في هذه العهدة، بل اصطحب معه من كبار الصحابة وعلمائهم ليشهدوا عليها، وهذا يعطينا أن القائد الملهم يجب أن يكون دائما واسع الأفق ويستشرف المستقبل.
وأكد أن العهدة العمرية لم تنته حتى يومنا هذا، مشيرا الى عندما جاء الاحتلال وأصبحت هناك زعزعة تهدد المسيحيين في الأراضي المقدسة، بقيت تحت الرعاية والوصاية الهاشمية حتى يومنا هذا.
وأشار عميد كاتدرائية القديس جورج الشهيد في القدس، القس حسام نعّوم، الى أن العهدة العمرية لا تمثل بالنسبة للشعب الفلسطيني، خاصة من يعيش منهم في القدس، تاريخا فقط، وإنما هو عيش واقع للمبادئ التي يوافق عليها الاسلام والمسيحية، فيما يخص اللحمة والمصير الواحد لشعب الأراضي المقدسة، مؤكدا أن العهدة العمرية ستبقى مثالا للتآلف والتعايش والمحبة في الحفاظ على الهوية المسيحية الاسلامية لمدينة القدس.
من جانبه، أشار الصحفي والمحلل المقدسي خليل العسلي الى أهمية مشاركة وفد من المقدسيين بحفل عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، للتأكيد على الوحدة والتلاحم المسيحي الاسلامي في القدس، كما أكد حضور الرئيس الفلسطيني هذا الحفل التي كانت القدس هي الحاضرة فيه، وحدة المواقف الأردنية الفلسطينية، لتوجيه رسالة مباشرة الى الحكومة الاسرائيلية ورئيسها، بأن موضوع القدس لا خلاف عليه أردنيا وفلسطينيا، ولا يستطيع أحد أن يلعب على هذا الوتر، ولا يستطيع أحد في العالم التلاعب بحقيقة أن القدس عاصمة لدولة فلسطين، كما أن جميع الطوائف المسيحية الرئيسية المهمة في القدس، أكدت على مبايعتها للوصاية الهاشمية، وأكدت على وحدة القدس بمسلميها ومسيحيها، ولا أي معنى لأي شيء آخر بدخول طرف ثالث .