لم يكن استقبال رأس الدولة جلالة الملك لقادة النقابات المهنية يوم الخميس 20 كانون أول 2018، اللقاء الأول، ولن يكون الأخير، ولم يأت في سياق اللقاءات البروتوكولية التقليدية وحسب، بل تم في إطار برنامج تنظيمي تراكمي معد بهدف الانفتاح الجدي والحواري والمسؤول، باتجاهين للتلقي وللاستقبال، بين الطرفين:
أولاً : من قبل رأس الدولة ليقدم لقادة المجتمع المدني رؤاه ونظرته وإشراكهم في تحمل المسؤولية، كأطراف وقوى فاعلة ومنتخبة وتمثيلية للأردنيين، كل منهم وفق موقعه ومصلحته وفهمه.
ثانياً : وبين الفعاليات التي تحكم وتتحكم بصياغة الرأي العام الأردني من : الكتاب، رؤساء النقابات المهنية والعمالية، رؤساء مجالس البلديات المركزية، رؤساء مجالس المحافظات، رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة، الأحزاب، مؤسسات المجتمع المدني، ليسمعوا من رأس الدولة، ويسمع ما لديهم من رؤى وقلق ومشاعر وتطلعات.
منذ 20/6/2018، يوم تعيين يوسف العيسوي لرئاسة الديوان الملكي، تغير الأسلوب والأداء وبتعليمات مباشرة، باتجاه أن يكون فريق الملك والعاملون لديه فريقا داعما للحكومة ولبرنامجها كما قال رئيس الديوان : « نحن فريق جلالة الملك نعمل على دعم حكومة جلالة الملك لإسنادها وإنجاحها، فالحكومة هي حكومة جلالة الملك، ونجاحها هو نجاح لبرنامج جلالة الملك ونتائجها تعود على الأردنيين الذين يعمل جلالة الملك على تحسين حياتهم وتطوير نظامهم والدفاع عن كرامتهم على أساس الدستور والمواطنة «.
فريق الديوان الملكي، يعمل على تطوير الأداء والترفع عن الحساسيات والأغراض الشخصية، ووضع البرامج العملية بهدف الانفتاح على كل الأردنيين والمنتخبين الممثلين لقواعدهم خاصة، وذلك بهدف إكسابهم المصداقية أمام قواعدهم الشعبية، واستقبال أفكارهم واقتراحاتهم بعد الاستماع لصاحب القرار، وهذا ما تحقق، وما سوف يتحقق لتكون العلاقة جدلية أوتوستراد باتجاهين للإرسال وللاستقبال.
لقاء النقابات كان مميزاً، كما حصل من قبل مع رؤساء مجالس المحافظات وكما يجب أن يكون لاحقاً مع رؤساء البلديات والجامعات والنقابات العمالية، أو أي شريحة منتخبة تلتقي مع جلالة الملك رأس الدولة، فقدم رؤساء النقابات وتحدثوا واسترسلوا و « أخذوا راحتهم « كما يُقال بالعامية الشعبية، وهذا ما كان مطلوباً وضرورياً وهاماً، فالقيادات النقابية يمثلون القاعدة الاجتماعية الوسطى لدى المجتمع الأردني، فهم الأطباء والمحامون والمهندسون والصحفيون والكتاب، وهنا تكمن أهميتهم الأولى، وهم شريحة الفكر والسياسة وافرازاتها وهنا تكمن أهميتهم الثانية ومنهم يبرز الرؤساء والنواب والوزراء، وفي نظري لا يضاهيهم ولا يتفوق عليهم سوى رؤساء البلديات المنتخبين من قواعدهم الاجتماعية الشعبية ويبقوا ملتصقين بها ويتعاملوا معها يومياً فرؤساء بلديات الكرك والطفيلة وعجلون والزرقاء يبقون وسط ناسهم وأهلهم مثل النقابي الذي يبقى متفرغاً ملتصقاً بقاعدته النقابية.
انفتاح جديد نوعي مهني سياسي يتم إنجازه وتفعيله، في ظل معطيات معقدة وأوضاع اقتصادية صعبة، وهموم مثقلة على العائلات، وعناوين سياسية تصادمية وتحديات تقف أمامنا، تتطلب أرقى علاقات داخلية تصون وحدة المجتمع الأردني رأسياً وأفقياً وهذا ما يجب قراءته في سلسلة هذه اللقاءات التي ستبقى متواصلة ويتم تكثيفها وكلما تطلبت الحاجة لرص الصفوف ومنع التهتك والمغالاة أو الرضوخ أمام الصعوبات والتحديات الداخلية منها والخارجية.