الأنباط – العقبة - د. نهاية القاسم
ظاهرة المد والجزر من الظواهر الطبيعية الّتي تحدث لمياه المحيطات والبحار، فكما نعلم مياه البحار والمحيطات ليست ساكنةً في الوضع الطبيعي وإنما تتحرّك على شكل أمواجٍ، وأثناء حدوث ظاهرة المد يرتفع منسوب المياه ممّا يؤدّي إلى تقدّم الماء إلى جهة الشواطىء، بينما في ظاهرة الجزر ينخفض منسوب المياه في البحر ممّا يؤدي إلى تراجع المياه عن الشواطىء.
تأثير المد والجزر في عملية الصيد
في أول الشهر يكون المد في قمته وفي أعلى قوة له فيرتفع البحر عند الشواطئ وينفع الصيد في هذا الوقت، كذلك في منتصف الشهر حين يكتمل القمر يرتفع المد أيضا ولكن بشكل اقل من الوقت السابق أي أول الشهر. في ربع الشهر الأول والربع الثالث يكون الجزر في أدنى مستوى له فينزل البحر ويعرى عند الشواطئ وعند الشُعاب المرجانية فيهرب السمك إلى داخل البحر ويكون الصيد من القوارب أفضل في هذه الأيام .
الأسماك عادة تهرب من التيارات القوية والتي تكون عادة في المناطق الغزيرة أو العميقة إلى المناطق الضحلة غير الغزيرة بقرب الشاطئ، والعكس صحيح فعندما تكون التيارات المائية ضعيفة يفضل السمك الابتعاد عن الشاطئ والاتجاه إلى المناطق الغزيرة أو العميقة.
للأسماك رحلة في البحر تسمى "الرحلة الإجبارية" حيث تجبرها التيارات المائية القوية على الرحيل من الأعماق الغزيرة إلى الشواطئ وهنا يشعر صيادو الشواطئ بالارتياح لان السمك قد خرج إليهم ليقوموا بصيده من الشاطئ، وحينما تهدأ قوة التيارات المائية تعود الأسماك إلى المناطق الغزيرة ويخلوالشاطئ من الأسماك تقريبا سوى من الأسماك الشاطئية ذات البيئة المناسبة لها فنضطر إلى ركوب البحر عن طريق القوارب لصيد الأسماك فسبحان الله العظيم .
ممكن ملاحظة المد والجزر من الشاطئ وذلك بارتفاع أو انحسار منسوب مياه البحر إلى حد يمكن مشاهدة الصخور المرجانية التي تصحبها رائحة كريهة . ويحدث المد والجزر كل 12 ساعة و 21 دقيقة . وعندما يكون القمر بدرا أو محاقا يحدث أدنى مد وأدنى جزر والعكس صحيح ، وكثير من الأسماك تخرج من الأعماق إلى الشاطئ أثناء فترة المد وتعود إلى القاع قبل نهاية الجزر .
ومن المعلوم ان معرفة مواعيد المد والجزر من المعلومات الهامة لكل الصيادين لمعرفة انسب وقت لصيد الاسماك وكذلك معرفة حالة البحر ولذلك توجد طريقة حسابية بسيطة جدا لحساب مواعيد المد و الجزر فى البحر و يمكن تطبيق هذه الطريقة كل يوم لمعرفة وقت المد التقريبي.
ظاهرة المد الأحمر
المد الأحمر Red tide ظاهرة طبيعية ، تحدث في المياه البحرية والمياه العذبة، عند ازدهار أنواع من الهائمات النباتية (العوالق)؛ مسببة الكثير من المشاكل، والخسائر الاقتصادية للإنسان، مثل نفوق الأسماك ،والطيور، والثدييات البحرية، مثل خراف البحر، مهددة بذلك الثروة السمكية التي تساهم بشكل حاسم في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع، وتتسبب في تعطيل محطات تحليه مياه البحر، وتعرف ظاهرة المد الأحمر محليا باسم حيض البحر ؛ إذ إن لون الماء يصبح احمر اللون ؛ بسبب الأصباغ الموجودة في الهائمات المسببة لهذه الظاهرة.
المد الأحمر هو الاسم الشائع لظاهرة تعرف باسم (الازدهار الطحلبي السام )، وهي تجمعات كبيرة من الكائنات الحية الدقيقة المائية، مصطلح المد الأحمر يشير بشكل محدد إلى ازدهار الهائمات النباتية ، ثنائية الاسواط dinoflagellates ، هذه الكائنات تعود إلى مملكة الأوليات، وهي وحيدة الخلية، فعندما تكون موجودة بكثافة عالية، يظهر الماء مشوه، ومعتم ، ويتفاوت لونه من الأرجواني إلى الوردي ، وعادة يكون احمر، أو اخضر حسب نوع الهائم و الأصباغ الموجودة فيه ، وقد يكون بلا لون .
والمد الأحمر يرتبط بإنتاج سموم طبيعية، واستنزاف الأكسجين المذاب من الماء، وتأثيرات ضارة أخرى، وابرز التأثيرات الضارة المرتبطة بالمد الأحمر، نفوق الحيوانات البحرية الساحلية من اسماك، وطيور، وثدييات بحرية، وكائنات حية أخرى ، والمد الأحمر ليس له علاقة بحركات المد والجزر للماء، لذلك يفضل العلماء مصطلح الازدهار الطحلبي السام .
أسباب حدوث ظاهرة المد الأحمر
قد يحدث المد الأحمر نتيجة زيادة المغذيات المحملة إلي البحار من النشاطات البشرية المختلفة مثل الصرف الصحي، وإلقاء النفايات السائلة في مياه البحر ، الناتجة عن عوادم السفن وغيرها من الأنشطة المختلفة. بينما في بعض المناطق يبدو المد الأحمر ظاهرة طبيعية، موسمية الحدوث بسبب الانبثاق الساحلي وهي تيارات صاعدة من القاع تكون باردة ، ومحملة بالمغذيات (الفوسفات، والنترات) التي تنتج من تحلل الكائنات البحرية بعد موتها وتترسب في القاع ، فتنتشر في الماء وتظهر على السطح بلونها الأحمر نتيجة وجود عناصر الفوسفات والنترات فيها.
تأثيرات المد الأحمر
1- انتشار روائح كريهة في الجو؛ ناتجة عن التحلل العضوي للهائمات النباتية (الطحالب) الميتة.
2- نفوق كميات كبيرة من الأحياء البحرية (الأسماك، القواقع، المحاريات، الطيور البحرية، الثدييات البحرية، السلاحف البحرية )، يكون تأثير المد الأحمر على الأحياء البحرية، مباشرا من خلال إفرازه لبعض السموم العصبية التي تعمل على تدمير الأنسجة العصبية لهذه الأحياء؛ وبالتالي نفوقها ، أو غير مباشر من خلال تقليل نسبة الأكسجين في الماء، فالتجمعات الكبيرة من الطحالب، عندما تموت، وتتحلل بواسطة البكتيريا، فعملية التحلل تستنفد الأكسجين في الماء؛ مما يتسبب في أن الماء يصبح منخفضا جدا بالأكسجين، فهذه الحيوانات اما تترك المنطقة، أو تموت كما إن النمو الكثيف للطحالب أثناء ازدهار المد الأحمر؛ يؤدي إلى انسداد فتحات خياشيم الأسماك؛ مما يسبب في اختناقها وبالتالي نفوقها.
ومن المرجح أن يكون تأثير المد الأحمر،على الأسماك بشكل مباشر؛ مما يؤدي إلى تراكم هذه السموم في أجسامها، وتصبح غير صالحة للاستهلاك البشري .
3- مرض الإنسان، أو وفاته عن طريق استهلاك المأكولات البحرية الملوثة بالطحالب السامة.
4- تضرر شركات استزراع الأسماك ونفوق جميع الأسماك المستزرعة لديها.
5- تضرر الموائل البحرية منها نفوق الشعاب المرجانية.
لذا يجب الانتباه الى هذه الظاهرة واتخاذ التدابير اللازمة للتقليل من ضررها قدر الإمكان.
تأثير المد والجزر على الأحياء البحرية والتنوع الحيوي في خليج العقبة
وتحدث ظاهرة المد والجزر في خليج العقبة بشكل مستمر، مثله مثل سائر البحار في العالم، وعند حدوث هذه الظاهرة تترك آثارا سلبية على الحيد المرجاني والأحياء البحرية التي يتميز ساحل خليج العقبة بوفرتها وتنوعها الحيوي، خاصة وأن هذا الغطاء المرجاني قريب جدا من السطح ويقل عمقه عن المتر الواحد. وعند حدوث ظاهرة الجزر تصبح الشعاب المرجانية أكثر عرضة لحرارة الشمس وتيارات الهواء وعوامل الطبيعة المختلفة ، مما يؤدي الى جفافها ونقص كمية الأوكسجين اللازمة لها وبالتالي موتها وتكسرها، خاصة اذا تعرضت للممارسات البشرية الخاطئة واستهتار بعض مرتادي الشواطيء الذين تستهويهم فكرة المشي على المرجان والحصول على الأصداف والمرجان .
ولا بد من تدخل الجهات الرسمية واتخاذ الاجراءات والتدابير الحاسمة والمشددة تجاه العابثين بهذه الثروة البحرية الطبيعية، ومن أجل حماية الأحياء البحرية والحيود المرجانية - كما أشرت في مرات سابقة- الى ضرورة وجود رقابة مشددة على الشواطىء حتى اذا أدى الأمر الى وضع فرق من الشرطة الساحلية، وتكثيف حملات الوعي والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.//