قالت أربعة مصادر مطلعة، إن اتفاقا سريا بين روسيا والسعودية أُبرم، في سبتمبر/أيلول 2018، على زيادة إنتاج النفط لتهدئة الأسعار الآخذة في الارتفاع، وأخطرتا الولايات المتحدة قبل اجتماع في الجزائر مع منتجين آخرين.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ألقى باللوم على منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في ارتفاع أسعار الخام، وطالبها بتعزيز الإنتاج لخفض تكاليف الوقود قبل انتخابات الكونغرس بالولايات المتحدة، في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويلقي الاتفاق الضوء على مدى التشارك المتزايد بين روسيا والسعودية، في تحديد سياسات زيادة إنتاج النفط قبل استشارة بقية أعضاء أوبك.
وقالت المصادر إن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك، اتفقا خلال سلسلة اجتماعات على زيادة الإنتاج، من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول، وذلك عندما كان الخام يتجه صوب 80 دولاراً للبرميل. والسعر فوق 85 دولاراً في الوقت الحالي.
وقال أحد المصادر » اتفاقا سريا بين روسيا والسعودية من أجل ضخ براميل إضافية في السوق بهدوء، وبما لا يبدو معه أنهم ينصاعون إلى أوامر ترمب بضخ المزيد».
وأضاف آخر «الوزير السعودي أبلغ (وزير الطاقة في الولايات المتحدة ريك بيري أن السعودية ستزيد الإنتاج إذا طلب زبائنها مزيداً من النفط».
وفي الأصل، كان البلدان يأملان الإعلان عن زيادة إنتاج النفط بإضافة إجمالية قدرها 500 ألف برميل يومياً من أوبك وروسيا غير العضو في المنظمة، فياجتماع لوزراء النفط عُقد في الجزائر في نهاية سبتمبر/أيلول.
لكن مع معارضة البعض في أوبك، بما في ذلك إيران التي تخضع لعقوبات أميركية، قرروا تأجيل أي قرار رسمي لحين انعقاد الاجتماع الكامل لأوبك، في ديسمبر/كانون الأول.
منذ ذلك الحين، ذكرت رويترز أن الرياض تخطط زيادة إنتاج النفط بنحو 200 ألف إلى 300 ألف برميل يومياً، اعتباراً من سبتمبر/أيلول، للمساعدة في سد الفجوة الناتجة عن انخفاض الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات.
وزاد إنتاج روسيا 150 ألف برميل يومياً، في سبتمبر/أيلول.
وقال مصدر بشركة نفط روسية كبيرة «أتوقع أن يحوم إنتاج روسيا النفطي حول 11.4 مليون إلى 11.6 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2018، وقد يواصل الزيادة إلى 11.8 مليون برميل يومياً لاحقاً في 2019».
وتظهر بيانات وزارة الطاقة، أن روسيا أنتجت 11.36 مليون برميل يومياً، في سبتمبر/أيلول، ارتفاعاً من 11.21 مليون برميل يومياً في أغسطس/آب.
وجرى إطلاع الولايات المتحدة على أن اتفاقا سريا بين روسيا والسعودية أُبرم من أجل زيادة إنتاج النفط قبل اجتماع الجزائر، إذ اجتمع مع الفالح ثلاث مرات، في سبتمبر/أيلول، ومع نوفاك مرة واحدة، ولم يجتمع الثلاثة معاً.
وامتنعت شايلين هاينس المتحدثة باسم بيري عن التعليق على تفاصيل المحادثات، لكنها قالت إن وزير الطاقة «مستمر في التواصل مع قادة دول أخرى من كبار منتجي النفط، ولا يزال واثقاً في قدرتهم على زيادة الإنتاج إذا اقتضت الضرورة».
وقالت إن بيري في الاجتماعات الأخيرة «أكد لنظرائه على أن الإبقاء على الإمدادات مهم للاقتصاد العالمي».
وزادت أسعار النفط إلى 85 دولاراً للبرميل هذا الأسبوع، مع تقليص مشتري النفط الإيراني لمشترياتهم، تمشياً مع متطلبات العقوبات الأميركية على طهران.
وقالت مصادر إن الرياض ستساعد في سد ذلك النقص؛ لأن المشترين بحاجة لإمدادات بديلة. وتملك السعودية طاقة إنتاجية فائضة تكفي لإنتاج النفط بوتيرة أسرع، وتحوز كميات كبيرة من مخزونات الخام.
في الوقت ذاته، تحرص السعودية على الحفاظ على وحدة التحالف الذي يُعرف باسم أوبك، والذي يضم دول أوبك وروسيا وعدداً من منتجي النفط الآخرين، الذين اتّفقوا على تخفيضات الإنتاج.
ويرجع ذلك إلى أنها قد تحتاج إلى تغيير المسار، وتطلب تعاون أوبك في أي تخفيضات للإنتاج مستقبلاً.
وقبل الإعلان على أن اتفاقا سريا بين روسيا والسعودية قد تم، زار الفالح الولايات المتحدة في الأسبوع الثاني من سبتمبر/أيلول، حيث حضر الوزير السعودي وبيري، اللذان تخرّجا في جامعة تكساس إيه آند إم، مباراة كرة قدم في مدينة كولدج ستيشن بولاية تكساس.
وقالت وزارة الطاقة الأميركية إن الفالح أجرى في ذلك الوقت محادثات رسمية مع بيري في واشنطن، في العاشر من سبتمبر/أيلول.
وسافر بيري إلى موسكو بعد يومين للاجتماع مع نوفاك، فيما اجتمع الفالح أيضاً مع نوفاك في موسكو بعدها بيوم.
وقال بيري لرويترز خلال زيارته لموسكو، إن السعودية و الولايات المتحدة وروسيا لديهم طاقة إنتاجية كافية من اجل زيادة إنتاج النفط لتعويض فاقد الإمدادات الإيرانية، على مدى الأشهر الثمانية عشرة المقبلة.
وبعد موسكو، اجتمع بيري والفالح مجدداً في فيينا، حيث حضرا مناسبة في العاصمة النمساوية، وفقاً لما ذكرته مصادر.
وقال مصدر ثالث على دراية بالمحادثات «بيري كان على دراية بأن روسيا ستزيد إنتاج النفط».
وفي تلك المرحلة كان الفالح ونوفاك يبحثان الإعلان عن الزيادة البالغة 500 ألف برميل يومياً، في اجتماع الجزائر الذي عُقد في 23 سبتمبر/أيلول، بين أوبك والمنتجين المستقلين.
لكن الخطة لم تتحقق مع تأجيل أي قرار رسمي حتى الاجتماع الدوري لأوبك في فيينا، المقرر في السادس من ديسمبر/كانون الأول.
وقال مصدر آخر: «السعودية لن تغرق السوق، وتخاطر بانهيار الأسعار. يتعين على السعودية العمل مع المنتجين الآخرين، وترى ماذا يفعلون، ومن الذي يزيد الصادرات وإلى أي سوق تتجه».
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتبر أن العقوبات التي فرضتها إيران على نظيره الأميركي هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار النفط الحالية.
وقال: «الرئيس ترمب يرى أن السعر مرتفع». وأضاف بوتين في مؤتمر أسبوع الطاقة الروسي الذي عُقد في موسكو، الأربعاء 3 أكتوبر/تشرين الأول: «هذا صحيح جزئياً، لكن دعونا نكون صادقين». «دونالد، إذا كنت تريد أن تجد الجاني لارتفاع الأسعار، تحتاج إلى النظر في المرآة«.
وتراجع الزعيم الروسي عن الانتقاد المتصاعد لمنظمة أوبك وحلفائه، الذي ألقى ترامب باللائمة عليه في صعود خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات قرب 85 دولاراً للبرميل.
ومع ذلك، قال بوتين إن بلاده عزَّزت بالفعل الإنتاج، ولديها القدرة على إضافة ما بين 200 و 300 ألف برميل أخرى إلى السوق.
وأظهرت المملكة العربية السعودية وهي أقرب حليف لروسيا ضمن مجموعة منتجي النفط في وقت سابق مؤشرات على الانحناء والعمل على زيادة إنتاج النفط لضغط الولايات المتحدة .
وأوضح وزير الطاقة خالد الفالح للصحافيين في موسكو، أن المملكة رفعت إلى حدٍّ كبير الإنتاجَ إلى مستوى يقترب من 10.7 مليون برميل يومياً.
وقال بوتين إن تعاون روسيا مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نجح في ترميم سوق النفط، لتحقيق التوازن والسعر المناسب بين 65 و 75 دولاراً للبرميل.
وقال بوتين إن الأسعار الحالية «هي إلى حدٍّ كبير نتيجة للإدارة الأميركية الحالية، هذه التوقعات بفرض عقوبات على إيران، والمشاكل السياسية في فنزويلا». «انظر إلى ما يحدث في ليبيا. يتم تدمير الدول، إنه نتيجة لسياسات غير مسؤولة لها تأثير مباشر على الاقتصاد العالمي».