بلال العبويني
تقول الحكومة في معرض تسويقها لمشروع القانون المعدل لضريبة الدخل إنه يحقق العدالة، وهو بالمطلق ليس كذلك، ذلك أنه نظر إلى دخل الأسرة، على وجه التحديد، بشكل مجرد ودون الأخذ بالاعتبار ما تكابده من التزامات قهرية كل شهر.
دخول الكثير من الأسر وإن تجاوزت السقف الخاضع لضريبة الدخل، هو ليس ملكا لها تتنعم وتترفه به بحريتها وتدخر في البنك الفائض منه عن حاجتها الشهرية، بل هو حقيقي كرقم لكنه غير ملموس على أرض الواقع بما تكابده الأسر شهريا من التزامات تضيق العيش عليها وتجعل بعضها حتى عاجزا عن إنهاء الشهر دون استدانة أو على الأقل دون حملة تقشف قاسية.
القانون تجاهل هذه الأزمة التي تعيشها الأسر ونظر إليها على أنها تحقق رقما دون الأخذ بالاعتبار فواتير المدارس الخاصة للأبناء وفواتير المستشفيات الخاصة وفواتير أقساط السكن أو بدل إيجارات المنازل.
من هذه الزاوية تحديدا، فإن القانون ليس عادلا ولا يمكن أن يكون كذلك بالنظر إلى أن الكثير من الأسر الواقعة ضمن نسبة الدخل الخاضع لضريبة الدخل هي في الواقع فقيرة إذا ما نظرنا إلى ما يتبقى من رواتبها لصرفه على إطعام أبنائها.
تصرف الكثير من الأسر نحو ثلث الراتب على إيجار المنزل أو أقساط السكن، وتنفق نحو ذلك على المواصلات ونحوه أو أكثر على التعليم الخاص، ونسبة محددة على الصحة، ما يعني أن المتبقي من الدخل المرصود للطعام متدن ومتدن جدا، ما يصنف مثل هذه الأسر ضمن خانة الفقراء.
القانون ليس عادلا بالمطلق، ذلك أنه لم يجعل هناك استثناءات للأسر التي ابتلاها الله بإصابة أحد أفرادها بإعاقة ما أو مرض ما ويحتاج إلى رعاية خاصة ومصاريف كبيرة للعلاج، وما تحققه من دخول وإن دخل السقف الخاضع للضريبة لا يكفي أو بالكاد يكفي فواتير العلاج.
من هذا المنطلق، القانون لا يمكنه أن يحقق العدالة بالمطلق، إذ ربما تكون أسرة دخلها أقل قليلا من السقف الخاضع للضريبة تعيش حياة أفضل من حياة أسرة لديها واحد أو أكثر من الأسباب التي ذكرناها آنفا.
بالتالي، من حق الناس الاعتراض على مشروع القانون ولو من هذه الزاوية فحسب، ذلك أن الحكومة ما زالت على ذات النهج الجبائي وإن ادعت غير ذلك وإنها ما زالت تتغاضى عن مسائل جوهرية تؤرق الناس من أجل تحصيل ما تهدف إليه من أموال.
النظر إلى الدخل بشكل مجرد، ليس منطقيا كما أن بقاء سقف الدخل على ما هو ليس منطقيا أيضا وليس من المعقول أن يخلو القانون من إعفاء على نسبة من بدل التعليم والعلاج الخاص أو استثناءات للأسر التي يعاني أحد أفرادها من إعاقة ما، كما ليس من المعقول النظر إلى أسرتين تتقاضيان نفس الدخل حيث الأولى عدد أفرادها أربعة فيما الثانية عدد أفرادها عشرة مثلا.//