ربط الثقة بتعديل وزاري ليس منطقيا
بلال العبويني
ثمة أنباء تقول إن نوابا ربطوا منحهم الثقة بالحكومة بتعهد الرئيس إجراء تعديل على حكومته خلال مدة أقصاها مائة يوم، يخرج بموجبها وزراء رافقوا الرزاز من حكومة الدكتور هاني الملقي، فيما اشترط آخرون على الرئيس إجراء تعديل يشمل وزراء جددا مثل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثنى غرايبة.
في الواقع الشروط ليست منطقية مطلقا، ولا تنم عن إحساس وطني مدرك للحظة السياسية والاقتصادية الحرجة التي نعيشها والتي تعبرعن عمل برلماني احترافي ربط الثقة أو طرحها ببرنامج رئيس الوزراء الذي سيتقدم به اليوم لنيل ثقة البرلمان، أو بأداء الرئيس خلال المائة يوم المقبلة، وفقا لما قيل عن شرط التعديل خلال تلك المدة.
صحيح أن تشكيلة الحكومة كانت محبطة بما حملته من أسماء وزراء كانوا جزءا من حكومة كادت أن تدخل البلاد في أتون أزمة لا تحمد عقباها بما اتخذته من قرارات وإجراءات وبما مارسته من سياسة صم الآذان والتعامي عن تفاقم المشكلات الناتجة عن سياستها وعلى مختلف الصعد.
إلا أن الأمر قد تم وانتهى، والمعيار سيبقى بعد إذن للبرنامج وللأداء خلال الفترة المقبلة، وهو الدور الحقيقي المناط بمجلس النواب والمتمثل بالرقابة على أداء الحكومة والتشريع، هذا من جانب.
ومن اخر؛ فإن الرئيس الرزاز كان قد برر ذلك؛ بأن القيمة تكمن في تغيير النهج لا في تغيير الوجوه، والكل يعلم أن الفريق الوزاري يتبع لسياسة رئيس الوزراء، فإن كان الرئيس مقتنعا بسياسة الجباية فلن يمنعه من ذلك وزير مهما كان إصلاحيا أو صاحب رأي ونفوذ، والعكس صحيح بكل الأحوال.
إن عدم منطقية ربط الثقة بإجراء تعديل يكمن أولا في الكلفة الاقتصادية على وجه التحديد لتوزير وزراء جدد، بالإضافة إلى الكلفة الاقتصادية لخروج وزراء جدد أو غيرهم من الحكومة باعتبار أنهم سيكلفون الخزينة رواتب تقاعد مدى الحياة، في وقت تدفع فيه الحكومة مشروع قانون التقاعد المدني الذي يشترط فيه خدمة الوزير في أجهزة الحكومة مع الوزارة مدة لا تقل عن سبع سنوات.//
كما أن الملاحظ، أن هناك تنمر لبعض النواب على حكومة الدكتور عمر الرزاز، وهو تنمر غير منطقي بالنظر إلى مواقف بعض النواب من الحكومات السابقة وتبرير إجراءاتها وسياساتها التي أوصلت المواطنين إلى ما هم عليه اليوم من ضيق اقتصادي وإحباط عام.
صحيح أننا لسنا متفائلين بأن تحدث حكومة الرزاز فرقا كبيرا عن سابقاتها من الحكومات، بعد استماعنا لتصريحات من وزراء حاليين شبيهة بتصريحات أسلافهم، وتحديدا ما تعلق بالاقتراض من أجل دفع الرواتب.
لكن ومع ذاك، فإن المعيار بالنسبة للنواب يجب أن يكون برنامج الحكومة الذي سيتليه الرئيس اليوم، ومدى التزامه بالمدد الزمنية للإصلاح ومراقبة الأداء للتأكد أن تغييرا تم في النهج كما وعد الرزاز بذلك من قبل.
أما وضع مثل تلك الشروط مسبقا، فإن الأمر لا يعدو أن يكون مناكفة أو معارضة عدمية غير منتجة أو استعراض عضالات، أو بحث عن امتيازات.
ما نأمله أن يكون بيان الحكومة عند مستوى الحدث وعند مستوى التحدي الذي فرضه حراك الدوار الرابع أمام الجميع، وما نأمله أيضا أن تكون مناقشات النواب لبيان الحكومة عند ذلك المستوى لا دونه.