نفث السموم في العالم الافتراضي
حسين الجغبير
يبدو أن هناك إصرارا غير طبيعي من قبل بعض مرتادي وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي على سوء استغلال هذه المنصة، عبر نفث سمومهم تجاه الآخرين، غير مكترثين بالمنهج الأخلاقي للبشرية، إلى جانب عدم إدراكهم لحجم المسؤولية القانونية الملقاة على عاتقهم في ظل وجود قوانين تمنع الإساءة للآخرين.
وفيما تعتبر هذه المواقع منبرا لإبداء الرأي بحرية، ووسيلة للتواصل مع الآخرين، عمد البعض إلى استخدامها لبث الشائعات والأكاذيب، سواء بالصورة أو الكلمة أو الفيديو، فغدت الجرأة أكبر من قبل هؤلاء على تداول أخبار ومعلومات أبعد ما تكون عن الدقة، تعود بالضرر على الأشخاص، والوطن في كثير من الأحيان.
وفي حقيقة الأمر لا يمكن إدراك الأهداف وراء هذا التوجه المخالف للقانون، رغم أن عنوانه الأكبر يكمن في أن هناك مساعي لإثارة الرأي العام، ما يتطلب لمواجهة ذلك زيادة الرقابة على مثل هؤلاء ومحاسبتهم، ليكونوا عبرة لمن يحاول الطعن في الآخرين.
ولعل الأرقام التي أعلنت عنها مديرية الأمن العام مؤخرا تشير إلى كبر حجم الظاهرة، حيث تم منذ بداية العام الحالي تسجيل 1158 قضية بجريمة إلكترونية توزعت بين 365 قضية انتحال شخصية، و310 قضايا تهديد وابتزاز وشتم وتشهير، و120 قضية احتيال الكتروني، إضافة الى 150 قضية سرقة بيانات.
الأكثر غرابة يكمن في أن وعي العديد من المواطنين في حدوده الدنيا، عندما يقدمون على تناقل مثل هذه السموم دون التأكد من حقيقتها، أو الوقوف على مصدرها، والحالات التي سجلت خلال الأيام الأخيرة كبيرة جدا، وإن كان أبرزها الإشاعات التي طالت ابنة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، حول شراء ابنته سيارة، والتي توعد على إثرها الطراونة باللجوء إلى القانون لمحاسبة من كان وراءها.
كما سبق هذه الإشاعة الحديث عن معلومات غير صحيحة بحق رئيس الديوان الملكي الجديد، ووزير في حكومة الرزاز زعموا أنه متزوج من إبنة رئيس الديوان الملكي السابق فايز الطراونة.
أرض "الفيس بوك" خصبة بالشائعات التي تقتل الشخصية، وللأسف ملأ الجراد هذه الأرض وأتى على كل أخضر فيها، ما يعني أن الدائرة تتسع، ومحاسبة "الأشرار" إجراء لا بد منه.
حياة الناس، شأن خاص بهم، ولا يوجد قانون في الدنيا، أو خلق، أو تشريع سماوي، يسمح لأي كان أن يمس هذه الحياة من بعيد أو قريب، عبر فبركة صور وفيديوهات وأخبار لا تمت للواقع بأي شيء، فمن العار أن تتحول هذه المنابر إلى ساحة قتال غير إخلاقية، هدفها مآرب شخصية لأشخاص متشبعين بالمرض والهوس.
ظاهرة بث السموم التي تجتاح العالم الافتراضي تتطلب من المساء لهم عدم التردد باللجوء للقانون، وعدم التنازل عن حقوقهم، حتى يعتبر أولو الألباب.//