كتّاب الأنباط

الاقتصاد الأردني بخير

{clean_title}
الأنباط -

الاقتصاد الأردني بخير

 

عدنان أحمد يوسف

 

عند الحديث عن مسيرة وأداء الاقتصاد الأردني وسجل إنجازاته المتميزة طوال السنوات الماضية، نحن لا نريد أن نقلل من حجم التحديات التي يواجهها، والتي فرضت عليه اتخاذ إجراءات تقشفية وتصحيحية كان لها تأثيراتها السلبية على شرائح واسعة من المواطنين، وهي حالة بتنا نشهدها حتى في دولنا الخليجية التي تمتع بإيرادات مالية مجزية وأوضاع اقتصادية أفضل.

 

لكننا دائما نسعى لموازنة الأمور، فجميعنا يعرف حجم الموارد الطبيعية التي يتوفر عليها الاقتصاد الأردني، والتحديات الجيوسياسية التي تنعكس سلبا على وضع البلد، وخاصة مؤخرا موضوع اللاجئين السوريين والغاز المصري وتراجع المعونات الخارجية، لكننا بنفس الوقت نقول وبكل ثقة أنه لولا وجود قيادة سياسية واقتصادية حكيمة وبعيدة النظر وحصيفة لما استطاع الاقتصاد الأردني الحفاظ على توازنه واستقراره ومسيرة تقدمه ونموه وسط ذلك الموج المتلاطم من المتغيرات والتحديات. 

 

والأردن أدرك من البداية ما يمتلكه من نقاط قوة وإثراء. لذلك فقد ركز خلال السنوات العشر الماضية بصورة خاصة على تنفيذ إصلاحات هيكلية في مجالات التعليم والصحة لتعزيز الموارد البشرية المؤهلة والمدربة، وكذلك الخصخصة والتحرير الاقتصادي. وقامت حكومة الأردن بتطبيق أنظمة حماية اجتماعية وإصلاح نظم الدعم، مما أدى إلى تهيئة الظروف المناسبة للدخول في شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية وتطبيق إصلاحات ضريبية. وبنفس الوقت طبقت الكثير من الإصلاحات لتحسين بيئة الاستثمار الجاذب للاستثمارات العربية والأجنبية.

 

وعلى ضوء الموازنة العامة للعام 2018، نلاحظ أن الدولة حرصت على بقاء زخم الإنفاق الجاري والاستثماري من أجل تحريك عجلة الاقتصاد، حيث بلغ حجم النفقات 9 مليارات دينار منها 7.9 مليارات دينار نفقات جارية وتشكل 88 % من حجم النفقات العامة  و1.1 مليار دينار نفقات رأسمالية وتشكل 12 % من حجم النفقات. وسجلت النفقات الجارية ارتفاعا بنحو 445 مليون دينار أو ما نسبته 6 % عن مستواها الفعلي للعام 2017، أما النفقات الرأسمالية فقد زادت بمبلغ 128 مليون دينار أو ما نسبته 12.4 % على مستواها الفعلي للعام 2017.

 

أما الإيرادات العامة (الإيرادات المحلية والمنح الخارجية) للعام 2018، فقدرت بمبلغ 8.5 مليارات دينار مقارنة مع 7.7 مليارات دينار الفعلي للعام 2017 بزيادة مقدارها نحو 800 مليون دينار أو ما نسبته 10%. وعلى ضوء ذلك، يتوقع أن يبلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح الخارجية نحو 543 مليون دينار أو ما نسبته 1.8 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2.6 % من الناتج للعام 2017، مما يعد تحسنا ملحوظا في الوضع المالي للدولة.

 

كما تم تقدير معدل النمو الاقتصادي للعام 2018 بنسبة 2.5 %، وهو معدل يعتبر جيد وواقعي في ظل السياسات المالية التي تؤثر على الطلب العام الاستهلاكي والاستثماري وهذا يعني تأثير ذلك على النمو. كما يتوقع بلوغ معدل التضخم نحو 1.5 % ونمو الصادرات الوطنية بنسبة 5.5 % ونمو الواردات السلعية بنسبة 2.6% خلال العام 2018. كما يشهد القطاع السياحي انتعاشا تدريجيا، مما سوف يؤدي إلى تعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي التي تصل حاليا إلى 15%.

 

كما تشير البيانات أيضا إلى تمكن البنك المركزي الأردني من المحافظة على مستوى مريح من احتياطي العملات الأجنبية الذي يصل حاليا إلى 11.7 مليار دولار تكفي لتغطية سبعة أشهر من واردات السلع والخدمات. بينما سيظل معدل البطالة يمثل تحديا لصناع القرار الاقتصادي، حيث يتوقع بلوغه 18.5% خلال العام 2017. كما قام البنك المركزي في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 2017 بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي والتي تهدف إلى نشر الثقافة المالية وشمول جميع شرائح المجتمع بالخدمات المالية، وكذلك تعزيز مفهوم التمويل المستدام في القطاع المصرفي ودوره الأساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية.

 

ما يميز الأداء الاقتصادي الأردني هو المبادرات الفاعلة التي تم اتخاذها في تنفيذ المزيد من المشاريع الرأسمالية التنموية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودعم تنفيذ مشاريع مختلفة من برنامج صندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة لتخفيف عبء فاتورة الكهرباء الشهرية. كذلك تطبيق شعار الاعتماد على الذات في ظل تراجع المساعدات الخارجية، حيث تتوقع الميزانية للعام 2018 انخفاض حجم المنح الخارجية بنسبة 10 % لتبلغ 700 مليون دينار مقارنة مع التقديرات للعام 2017 البالغة 777 مليون دينار. 

ومثلما أن الأوضاع الجيوسياسية تؤثرا سلبا في الوقت الحاضر على الاقتصاد الأردني، فأن الأردن في موقع استراتيجي حيوي للاستفادة القصوى من حلال انطلاق عمليات إعادة الأعمار في سورية والعراق؛ حيث من المتوقع أن يسهم ذلك في انتعاش قوي للاقتصاد الأردني.

 

ويبقى القول إن الأردن لا يوجد لديه بديل سوى مواصلة العمل على تحسين بيئة الاستثمار وتسهيل وتبسيط إجراءات الاستثمار في المملكة والتركيز على تنمية موارده البشرية المؤهلة. فهناك مساحة كبيرة للتحسين يرغب المستثمر بأن يراه في البيئة الاستثمارية، والاستمرار في السعي لتحقيق الهدف العام في تشجيع واستقطاب الاستثمار في المملكة، كذلك مواصلة نهج الإصلاح المالي والهيكلي من خلال خطوات متوازنة ومدروسة ومتوافق عليها مجتمعيا لكي يتوفر لها الدعم من كافة الشركاء وتسهم تدريجيا في التغلب على التحديات الراهنة وتفتح آفاق جديدة ومتجددة للتنمية المستدامة، مبتهلين للمولى القدير أن يحفظ الأردن ويديم عليها نعمة الاستقرار والازدهار.

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )