وليد حسني
استقر المشروع المعدل لقانون ضريبة الدخل لسنة 2018 في أدراج مجلس النواب، وأصبحت المسؤولية الدستورية والآخلاقية للمجلس تفرض نفسها على مشروع القانون الذي لا يزال يثير المزيد من الإحتجاجات الشعبية التي تجاوزت النقابات المهنية، ومجلس النواب ، والحكومة معا، ولم يعد بمقدور أحد التكهن في أي مرسى سترسو سفائن الغاضبين المحتجين.
ولست هنا بصدد مراجعة مواد القانون المعدل ولكن يكفيني التأشير إلى نقطة تبدو غائبة تماما عن أذهان الكثيرين تتعلق بالسيرة الذاتية لقانون ضريبة الدخل وتعديلاته في مجلس النواب، فقد كانت المجالس تنحاز للمواطنين ولذوي الدخول المتدنية في أي مشروع تعديل لقانون ضريبة الدخل يعرض عليها.
اليوم مشروع القانون في حضن مجلس النواب، بعد أن سلمته الحكومة بكامل تعقيداته الى الغرفة البرلمانية التشريعية مخلية بذلك مسؤوليتها الحالية عنه، لكنها ستقوم بدور الأب والأم والجدات والعمات والخالات لمشروع القانون حين يتم حمله ووضعه على طاولة البحث والتقييم.
بالأمس وجه جلالة الملك الحكومة والبرلمان والنقابات وكل مؤسسات المجتمع المدني وغيرها للإنخراط في ورشة حوار مفتوحة حول مشروع القانون ومن المؤكد ان مسؤولية مجلس النواب في هذا الإطار ستكون مسؤولية في غاية الجسامة والأهمية والتأثير، وهو دور محوري وكبير يمنحه الملك للمجلس وبثقة ملكية في الوقت الذي يهتف الناس فيه في الشوارع بسقوط الحكومة وسقوط المجلس معا.
وبالرغم من ان القانون تلقى آلاف اللعنات من المواطنين فإن هذه اللعنات تصبح بلا قيمة إذا ما قرر النواب رفض القانون نفسه، حينها فقط سيفقد المجلس أية سلطة له على القانون مما يشكل اعلان براءة نيابية منه قد تفضي بالنتيجة الى ما هو أسوأ مما هو عليه الحال الآن، فالدستور الذي يحكم العملية التشريعية ينص على ان القانون الذي يرفضه مجلس النواب يرسل الى مجلس الاعيان فاذا قبله فان النواب يفقدون اي حق لهم بمناقشة أي من مواده ولا يملك النواب غير التمسك بموقفهم الرافض للقانون او التراجع والموافقة على قرار الأعيان، وفي الحالة الأولى يذهب المجلسان الى جلسة مشتركة يقودها رئيس مجلس الأعيان.
وبالتجارب السابقة فان آراء مجلس الأعيان في الغالب هي التي تنتصر على مواقف النواب، مما يعني أن قانون ضريبة الدخل المعدل يجب ان يبقى في عهدة مجلس النواب، وعلى رئيس المجلس عدم النظر بجدية لمذكرة النواب الذين يطالبون برد القانون ورفضه، وبعبارة أكثر وضوحا فان على مجلس النواب ان يقبل مشروع القانون المعدل في قراءته الأولى وان يحيله الى لجنة او ان يشكل لجنة مشتركة للبدء باطلاق حوار حوله شريطة الاخذ بالمقترحات وبالاراء الأخرى.
ان القانون في غاية السوء فهو قانون جباية حقيقية، وعلينا ان نلعنه، ونشتمه ونلصق به كل التوصيفات السيئة ، ولكن على النواب قبوله في قراءته الأولى وإجراء تعديلات موسعة عليه، بدلا من رفضه، فرفضه يعني فقدان النواب لحقهم بمناقشته وتعديله، ومن الخطأ تركه للأعيان وللحكومة معا يصيغانه كيفما اتفقت مصالحهم، وتلاقت غاياتهم..
سنلعن المشروع المعدل لقانون ضريبة الدخل، ولكن على النواب قبوله لا رفضه، وتلك هي الخطوة الأولى في تعديله وتهذيبه بخلاف أمنيات الحكومة الهنيئة..//