م. هاشم نايل المجالي
كما نعلم فان علم النفس السياسي هو فرع من فروع علم النفس ، والذي يختص بدراسة الظواهر النفسية مثل الامزجة والاراء والمشاعر والاحاسيس والاتجاهات المختلفة للمواطن اتجاه الحياة السياسية وبالتالي الاجتماعية ، وبالتالي يتم الكشف عن مدى الوعي السياسي للطبقات المجتمعية وحتى للجماعات الاجتماعية المتنوعة والمختلفة الاتجاهات داخل المجتمعات .
وينعكس ذلك على اقوالهم وافعالهم وسلوكياتهم هذه الدراسة والبحث والاستقصاء يتم تحليله وتزويد اصحاب القرار بما يحتاجونه من معلومات وبيانات تتعلق باتجاهات الرأي العام حتى يضمن لأي قرار سياسي سيتم اتخاذه اقصى تأثير وفاعلية ، ويعالج ازمات لا ان يخلق ازمات حيث انه يدرس السلوك الانساني للانسان على ضوء واقع الحال وعلى ضوء القرارات والمتغيرات التي تمس حياته المعيشية والعملية وحياته الحالية والمستقبلية .
فهذا الفهم هو الاكثر اهمية في توجيه سلوك المواطن فرداً او جماعات كذلك النخب السياسية اي ان هناك من يحلل النظرة السلوكية للانسان ودرجات الاستجابة بين الطاعة او الرفض وبين الانعكاس السلبي والانعكاس الايجابي .
فهناك سيكولوجية للشعب فهناك من الشعب من يتقبل القرارات والافكار ويحللها ، وهناك من يرفض هذه القرارات ولا يتقبلها دون اي نقاش ليتصرف بطريقة غير ارادية وغير عقلانية فردياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي او عبر وسائل الاعلام المختلفة او يتصرف كجماعة على شكل مجموعات او حراكات او اعتصامات معتبراً ذلك تضحية بالنفس وبكل ما يملك لانه لم يعد هناك شيء يخاف عليه حتى أنها تصبح لا تعرف غير العنف كاحساس او شعور للتعبير عن الرفض ، اي ان الطاقة الذهنية تنخفض عن التفكير العقلاني وتطغى الخصائص التي تصدر عن اللاوعي وتسود نفسية الحقد والتوتر والخوف كذلك مواجهة كل من وافق او اذعن لهذه القرارات ويعتبره اذعانا اعمى اي اننا سوف نقع في فوضى نفسية .
فهناك من المسؤولين بقراراتهم وما يرافقها من اعلام موجّه ومسيّس يندرج تحت ( علم نفس الطاعة ) ، على اعتبار انه المكانة السياسية التي تلائم اتخاذ هذه القرارات موجوده وان على الفرد طاعة السلطة التنفيذية على انها صاحبة الولاية .
لكن ذلك لم يأخذ بعين الاعتبار حاجة الكثيرين من المواطنين على التنفيس عما يختلج في النفس من توتر وحقد وكراهية مكبوته جراء قرارات يعتبرها مجحفة بحق نفسه ، فهو بذلك يدافع عن الذات ويعتبر انه في هذه الموقف سوف يجني كسباً ولا يعلم انه سيخلق فوضى وحالة عدم استقرار أمني مجتمعي لان ليس كل التصرفات والسلوكيات تعتبر حلاً رشيداً او واقعياً مجدياً ، في ظل خضم هذا الصراع بين الاتجاهين تنطمس تأثيرات المثقفين والمحللين الذين ينشدون العقلانية والتروي من جانب الحكومة لان الغالبية يعتبرونه سحيجا للحكومة وغير مدافع عن مصالح المواطن على انه يعمل على توجيه الافكار باتجاه واحد الصالح العام ويعتبرها الطرف الآخر انها مضلله وهدفها تمرير القرارات ، اي انه بوظيفة ومهام تبريرية تدافع عن قرارات الحكومة ليصبح العنف اللفظي هو السائد في المجالس والذي يعتبر اكثر لطفاً وتهذيباً بوجود ما يسمونهم بالحجيزة وهو يندرج تحت مظلة العنف الرمزي كذلك فهو طب نفسي يخفف من شحنات المواطن السلبية فهو مراوغة بشرية علنية بتغطية اعلامية لا تحتاج لتحليل او بحث فهم فئة اصبحت تحلّق فوق الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة في تمثيلية ودور تبريري تمارسه النخبة البروجوازية .
وهذا يحدث في غالبية الدول العربية التي فيها حالة عدم استقرار اقتصادي فمهما كانت الدراسات والابحاث لعلم النفس السياسي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار الصحة النفسية للمواطن ، يعني قدرة هذا المواطن ( الانسان ) على التكيف مع القرارات والاوضاع القائمة والصمود في مواجهتها بغير انكسار واستطاعته على الاستمرار في العمل والانتاج متجاوزاً الازمات ، اي يكون هناك مواكبة بين القدرات والتطلعات دون ان يتعرض الى احباط شديد او يضعف من انتمائه فهناك حاجات اساسية معيشية لا يستطيع التخلي عنها في الحياة مثل المسكن ومتطلباته دفء وطعام وشراب وكهرباء وماء وحتى لا يتعرض المواطن لاضطرابات نفسية بنسب متفاوتة ويفقد الاحساس بالانتماء ، وهذا ينعكس على ادائه واخلاصه في عمله فهو يشعر ان النخبة السياسية المتنفذة لا تشعر بما يعانيه من صعوبات في الحياة المعيشية والعملية وانهم ليسوا قدوة لان يتولوا القيادة وانهم اصحاب نوايا سيئة وهذا تجده من خلال وسائل الاعلام المختلفة اذاعة وتلفزيون وتواصل اجتماعي وغيره .
لذلك عند رغبة اي حكومة في أي دولة ان تتخذ قرارات بحق الشعب ان تأخذ ذلك بعين الحسبان وان تستند الى دراسات حقيقية واقعية منطقية لا تبريرية وان تزودها لاصحاب القرار عندها حتى لا تكون الانعكاسات سلبية فوضوية .//
hashemmjali@yahoo.com