كتّاب الأنباط

المتحمسون للضريبة يقارنوننا بأوروبا

{clean_title}
الأنباط -

المتحمسون للضريبة يقارنوننا بأوروبا

بلال العبويني

أكثر ما يثير الاستغراب لدى المتحمسين لقانون الضريبة باتجاه رفع نسبة الضريبة المفروضة على المواطنين هو مقارنة نسبة ما تتقاضاه الحكومة من ضرائب مع نسبة ما تتقاضاه حكومات دول مثل سويسرا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول المتقدمة.

 

هؤلاء لم يقارنوا بطبيعة الحال مستوى دخل الفرد لدينا مع مستوى دخل الفرد لدى تلك الدول، وهؤلاء أيضا لم يقارنوا مستوى الخدمات التي يتلقاها الفرد في تلك الدول نظير ما يدفعه من ضرائب مع مستوى الخدمات التي يتلقاها الفرد لدينا والتي لا تتناسب بالمطلق مع ما يدفعه.

 

التعليم في تلك الدول حق للجميع، وليس لدى أولياء الأمور هاجس في كيفية تأمين الأموال اللازمة لتعليم الأبناء، فلا أب يضطر أن يبيع ذهب زوجته أو قطعة من أرضه أو خلاف ذلك من أجل تأمين كلفة التعليم.

 

كما أن الطبابة هناك مجانا أو نحو ذاك، فليس من هلع لدى العائلات في كيفية تأمين الأموال اللازمة لعلاج أحد أفرادها إن أصيب بمرض خطير أو غير ذلك.

 

الحكومة، في تلك الدول تصرف "معاشا" للمتعطلين عن العمل، وتسعى لإيجاد أعمال للراغبين منهم، في وقت تزداد فيه معدلات البطالة لدينا وتراجع معدلات التوظيف في القطاع العام بشكل كبير، وفي وقت تتقشف القطاعات الخاصة عن التوظيف في ظل ما تعانيه غالبيتها من الأوضاع الاقتصادية الراهنة.

 

رب الأسرة أو الفرد في تلك الدول يدفع الضريبة ويشعر أنها واجب ومسؤولية عليه، لأنه مدرك تماما أن معالجات حكومته لقضية البطالة لن تكون على شاكلة معالجتها لدى حكوماتنا، ولأنه لن يجد وزيرا يبالغ في تقديرات ما يحصل عليه حراس البنايات ويطالب أبناء شعبه عدم التكبر على مثل هكذا وظائف دون أن يشير إلى الظروف اللاإنسانية التي يعيشها الحراس بعملهم على مدار الساعة كل أيام الأسبوع وسكنهم بغرف البويلرات في تساوي العمارات، في ظروف صحية مأساوية.

 

يعلم الجميع أن الضريبة واجب على المواطن وحق للدولة، لكن في ظل واقع اقتصادي بائس كالذي يعيشه المواطن اليوم وبما يدفعه من ضرائب كثيرة ومتنوعة لا تتناسب مع مستوى دخله ومستوى الخدمات المقدمة إليه، له أن يعترض على مشروع قانون الضريبة الجديد الذي يوسع من شرائح المكلفين بالدفع.

 

ثم، كيف تريد الحكومة ومن يروج لسياساتها المتعلقة بقانون الضريبة أن تقنع الناس بها وهم يقرأون ويسمعون كل يوم اعتراضات متصاعدة لسياسيين واقتصادييين ومسؤولين سابقين يحذرون من تبعات القانون الجديد على مستوى المعيشة وكساد السوق وضعف القدرة الشرائية وتأثيراتها المباشرة على الاستثمار، ومساهمته في عدم اقرار التشريعات وهي من أهم عوامل تشجيع الاستثمار.

 

قلنا، في وقت سابق إن العدالة مفقودة في القانون رغم إدعاء المسؤولين بذلك، ويكمن في إلغائه شرط الإعفاء على الفواتير كبدل العلاج والتعليم وغير ذلك، وأنه ينظر إلى دخل الفرد والأسرة ليتقاضى عليها ضريبة في وقت لا ينظر فيه إلى ضريبة المبيعات مثلا التي يدفعها الفقير والغني وبالتساوي دون تفريق بين وضعيهما.

 

المقارنة التي يجريها بعض من يروجون لقانون الحكومة الضريبي عبثية، إذ ليس هناك مقارنة بالمطلق بين مستوى المعيشة والخدمات لدينا ومستواها في سويسرا وهولندا وفرنسا، ولو اقتربت معيشتنا من معيشة أقراننا في أوروبا لما وجدنا أحدا يعترض على الضريبة أو غيرها من قرارات نهج ما يُسمى بـ "الاعتماد على الذات".//

 

 

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )