بهدوء
عمر كلاب
تكتفي الحكومة بشرح منظورها لقانون ضريبة الدخل , دون افاق لفتح حوار وطني حول هذا القانون ومحاولة ادماجه ضمن حزمة اجراءات ضريبية تمنح المواطن الاردني بارقة امل بتخفيف الاعباء الضريبية التي يقوم بتسديدها منذ استيقاظه صباحا وحتى اثناء نومه , فكل خدمة او عملية شراء بداخلها ضريبة واكثر , من هاتف الصباح الى اخر رسالة بالتهنئة او بالمماحكة , من تعبئة مركبته بالوقود الى ترخيص مركبته او التنازل عنها , فنحن شعب مبتلى بالضرائب بكل انواعها وحتى السرية وغير المفهومة , ورغم ذلك فثمة تصريحات رسمية بأن الضريبة في الاردن من اقل نسب الضرائب ولا ندري اذا قرأ المسؤول الاردني ان عمان اغلى عاصمة عربية .
تصريحات الضريبة المنخفضة , هي اول رسالة سلبية من الحكومة للمواطن , فهي تعني ببساطة ان الحكومة تمنحنا رفاه الحياة الخالية من الضرائب , رغم اننا نتنفس بضريبة ونأكل بضريبة ونسير بضريبة ونجلس بضرائب ولم تبق الا ضريبة الانجاب , فهذه التصريحات تؤكد ان القانون ليس للمناقشة بل للتنفيذ ولو كان ثمنه انتخابات برلمانية مبكرة ورحيل للحكومة , بعد ان بات واضحا ان القانون بلا اي اسناد من اي قطاع , ليس بحكم رفض القطاعات للضريبة بل لانه تجاوز كل الاعراف الضريبية والغى كل النفقات الواجب اسقاطها من الضريبة مثل التعليم والصحة والسكن وسط تراجع في الخدمات العامة الى ادنى المراتب .
ما تقوم به الفرق الحكومية من زيارات مجاملة الى مواقع التأثير وحملة العلاقات العامة التي تقوم بها الحكومة لتبرير القانون , ستكون محصلتها الصفر مهما تكن الآلة الحاسبة , فالمسوغات ركيكة ومرفوضة , فضريبة المبيعات هي الاعلى بين العواصم , وضريبة المحروقات هي الاعلى في العالم , وخدمات النقل والصحة والتعليم والسكن هي الاسوأ في العالم , فكيف سيتم تمرير القانون بتوافق وطني ؟ وكيف سيقبل الاردنيون هذا القانون الذي سيدخلهم في خانة الترنح الضريبي وليس الاعباء الضريبية فقط , والاجدى ان تستمع الحكومة الى الاصوات العاقلة التي تنادي بحزمة ضريبية متوازنة , تخفف الاعباء وتمنح الاستثمار فرصة للتواجد .
قانون الضريبة الجديد , يفتقر الى ابسط قواعد المهنية وابسط قواعد العدالة , فالتصاعدية تساوي بين من تبقى من الطبقة الوسطى وبين الاثرياء , بدليل ان نسبتها واحدة على من دخله ثلاثة الاف دينار شهريا وبين من دخله ملايين الدنانير , ولا تراعي بأي حال ارتفاع مدخلات الانتاج الصناعي والتجاري من طاقة ومحروقات مما يعني تدمير التنافسية والغاء التصدير وارتفاع المستوردات , اي تدمير الاقتصاد الاردني بكل قطاعاته , فلا يوجد قطاع ناجٍ من سيف الضريبة ولا يوجد مواطن ناجٍ من رقمه الضريبي حتى المواطن الفاقد للاهلية والذي تسقط عنه الحدود والواجبات والعقوبات , فكلنا تحت سيف الضريبة ورقمها في مفارقة عجيبة تحدث في الاردن فقط .
نعلم يقينا ان هذا القانون جاء لارضاء صندوق النقد الذي مارس تخريب كل اقتصاد قبل وصفاته , ونعلم يقينا ان العقل الاقتصادي غائب لصالح العقل المحاسبي والمالي , لكن ذلك يقودنا الى الفشل والعقم ويقودنا الى كارثة اقتصادية ومالية على حد سواء وتكفي مراجعة تحصيلات الربع الاول لتكشف عقم كل التوجهات الاخيرة وتكفي ايضا لاقالة وزراء الاقتصاد والمالية , فقد اورثونا الفقر والضياع ومارسوا كل اشكال الارهاب الاقتصادي , بحيث يستوجب اقالتهم ومحاسبتهم على اهدار اموال الخزينة .//
omarkallab@yahoo.com