كتّاب الأنباط

بناء القلعة.. حسن البنا والملك عبد الله الاول

{clean_title}
الأنباط -

 

وليد حسني

 

قبل تاسيس الجماعة رسميا في الأردن سنة 1946 زار حسن البنا ومجموعة من أتباعه الأردن بدعوة من الملك عبد الله الأول واجتمع بهم واعجب الملك بحسن البنا وبفكرة الجمعية.. وعرض الملك على البنا البقاء في الأردن ومنحه صفة الباشوية، وتكليفه بتشكيل حكومة أردنية.

كانت بريطانيا في ذلك الوقت ترعى الجمعية الأم في مصر، وتعمل على توثيق علاقات الجماعة مع الممالك العربية الناشئة لتمكين الجمعية ولتعزيز تحالف الدين والدولة في الأنظمة السلطوية العربية في ذلك الوقت.

اعتذر البنا عن قبول هذا العرض الملكي المغري لأسباب شخصية تتعلق به، وترك احد رجالاته في عمان ليرعى شؤون الجماعة تحت التأسيس، وبدعم ملكي غير محدود.

عاد حسن البنا لمصر ليرد الجميل للملك عبد الله الأول حين زار القاهرة للالتقاء بالملك فاروق إذ أمر البنا جماعته بتحشيد كل اهل مصر لاستقبال الملك عبد الله الأول على جوانب الطرقات للترحيب به، فكان استقبالا لم تر مصر مثله..

بعدها مباشرة افتتح المقر الأول الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين في وسط البلد، والذي لا يزال قائما حتى اليوم،  وقام الملك عبد الله الأول بافتتاحه شخصيا..

منذ ذلك الوقت وحتى لحظة الخصام الناعم بين الجماعة والدولة ظل الإخوان المسلمون الذراع اللينة التي تديرها سياسة الدولة لمواجهة كل التحركات الشعبية الأردنية اليسارية والقومية، وحتى الجماعات الدينية الأخرى المناهضة لفكر الإخوان"حزب التحرير، وجماعة الدعوة والتبليغ..الخ" وظل رجال الجماعة اليد الشوارعية التي تبطش الحكومة بها في تلك الجماعات والأفكار والفصائل المختلفة سياسيا مع الدولة ونهجها السياسي.

الأحياء من رجالات الحركة الوطنية الأردنية يستذكرون جيدا كيف كان عناصر الإخوان يعتدون على المسيرات والتظاهرات الإحتجاجية في عمان في ستينيات وخمسينيات القرن المنصرم، ولا اظن أحدا ينسى المعركة التي خاضها ولا يزال يخوضها الإخوان ضد الفكر القومي البعثي والناصري والشيوعي، ولا احد يمكنه نكران حالات العداء التي لا تزال تتفاقم يوما إثر يوم ضد جمال عبد الناصر الذي لقي ربه منذ 47 سنة، ولا يزال الإخوان في كل صناعاتهم الإنتاجية الفكرية يشتمونه ويسبونه ويختلقون عليه الأكاذيب، والتقولات.

وانخرط الإخوان في شراكة أممية للمناداة بالجهاد الأصولي في افغانستان مطالع ثمانينيات القرن المنصرم استجابة لمشروع مستشار الأمن القومي الأمريكي آنذاك زبجنيو بريجنسكي لمواجهة الإحتلال السوفيتي لأفغانستان وضمن شراكة إخوانية سعودية مصرية"السادات" مباشرة.

وقبل ذلك بقليل كانوا يحتفلون في مساجد الأردن وشوارعها بانتصار الثورة الخمينية على عرش الطاووس البهلوي الإيراني محمد رضا، واعتبروا الثورة الخمينية وانتصارها في حينه انتصارا للاسلام وايذانا بتحرير فلسطين، وتمكين المسلمين في الأرض، قبل أن يرعووا ويتراجعوا خطوات عديدة للخلف بعد أن انحاز الأردن لصدام حسين والعراق في حربه الأولى مع ايران، ولم يحرك الإخوان ساكنا، فقد كان الأولى هو الجهاد في افغانستان، وهو ما جعل أحد كبار شيوخهم د. عبد الله عزام يعلن في كل مناسبة ان الجهاد في فلسطين معطل ولا يجوز لأحد الجهاد أو القتال في فلسطين لأن باب الجهاد مفتوح في افغانستان وهو الأولى من الجهاد في فلسطين.

وفي احتلال امريكا للعراق دخل الإخوان على ظهور الدبابات الأمريكية كشركاء مع ملك العراق الجديد بول بريمر، ولم يتبرأ احد من إخوان الأردن من تلك الجريمة البشعة التي اقترفها اشقاؤهم في التنظيم الدولي للجماعة.

وما يجري في سوريا الآن بعض من تفاصيل العقلية الإخوانية التي تبحث عن أي موطىء قدم لتسلم السلطة وعلى قاعدة المغالبة والمشاركة دون ادنى تمييز بين الوسيلتين، وما جرى في مصر الرئيس المخلوع محمد مرسي خير شاهد على ذلك فقد راه الحالمون من الإخوان وكأنه وحي إلهي تنزل على مصر من عليين، ورآه البعض يجلس في صحبة النبي، وذهب البعض لإشاعة منكرات من التهاويل التي لا يقبلها عقل ، ولا يسيغها الإسلام نفسه، كان كل ذلك في سبيل تكريس الروحانية الإلهية التي احتفت بفوز محمد مرسي قبل أن ينقلب عليه من هو على شاكلته في مدرسته لتدخل مصر في ضياع لا نعرف أوله حتى نتكهن بآخره..

 

وقبل ذلك كان الإخوان ينخرطون في شراكة ظلت مجهولة مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما أسميته في حينه بــ" حوارات روما" وتلك قصة أخرى سأنبش تفاصيلها غدا..//

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )