كتّاب الأنباط

عنق الزجاجة ... !!!

{clean_title}
الأنباط -

عنق الزجاجة ... !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

في الاقتصاد يستخدم مصطلح عنق الزجاجة للتعبير اوالوصف عن عدم القدرة على استيعاب الطلب العام على تقديم الخدمات ، مما يشكل خللاً رئيسياً في هيكل الاقتصاد ، وبشكل عام وعلى سبيل المثال ازدحام السيارات عند المخارج الرئيسية وعدم قدرتها على تسييرها بزمن قياسي ، او ازدحام الافراد عند الخروج من بوابات الملاعب ، او عدم قدرة الحكومة على استيعاب تعيين طلبات التوظيف من ديوان الخدمة المدنية الا بشكل محدود .

فيتشكل  في هذا الاطار ما يسمى بمسار عنق الزجاجة ، وهو ينطوي على الكثير من المعاني والمفاهيم والعناصر التي تستوجب من كل شخص معنيّ الى تحليل واستقراء دقيق حتى يتفهمها ويستوعبها بشكل افضل ، اي يفهم الظواهر الاقتصادية التي نمر بها ومدى انعكاساتها على الحياة الاجتماعية والمعيشية والقدرة على ايجاد بدائل لمواجهة الازمات بسبب التضييق الذي سيحصل على المواطن من كافة النواحي .

كذلك شبه انعدام للمشاريع التنموية في المحافظات الا الامور التشغيلية ، كذلك وقف المشاريع الاستراتيجية الممولة من الحكومة والاعتماد على المنح والمساعدات والمشاريع الاستثمارية فقط ، واعتماد الحكومة على تعديل القوانين والتشريعات من اجل زيادة العائد المالي من خلال الضرائب ، ووقف الدعم للمواد الاساسية ، وزيادة الرسوم على السلع والتراخيص وغيرها ، وهذا يشكل احباطاً لكافة شرائح المجتمع ، لما له من انعكاسات سلبية على الحياة المعيشية وعلى الاستثمار بشكل عام ، مثلاً توقف قطاع الاسكان عن تنفيذ مشاريع اسكانية كما كان سابقاً كذلك تجارة السيارات تشهد خمولاً وشبه توقف ، كذلك هروب غالبية الوكالات التجارية العالمية من الاسواق ، والكثير من الظواهر الاقتصادية السلبية .

وعلماء الادارة اطلقوا تسمية عنق الزجاجة بسبب القوانين والانظمة والتشريعات الجديدة بمعنى اننا سنمر في مرحلة تضييق على كافة شرائح المجتمع بشكل سلبي اي اختناق بسبب عدم كفاية الاكسجين للتنفس دون وجود بدائل لذلك ، وهذا المصطلح يتواجد عندما تكون الادارة التنفيذية ضعيفة او غير قادرة على معالجة الازمات وتتذرع بمشاريع وهمية ثم تقوم بإلغائها او ايجاد بدائل لها متذرعة بأسباب غير مقنعة او عدم قدرتها على تحقيق الاصلاح المنشود او التغيير نحو الافضل ، او وجود افكار جديدة لحل الازمات اي افكار خلاقة لاعطاء مخرجات ايجابية ، ومصطلح كلمة عنق الزجاجة كما نشاهد ونراقب ونتابع كلمة مطاطة فأحد المسؤولين صرح اننا سنخرج من عنق الزجاجة في عام (2019) ، ليأتي مسؤول آخر بعد اشهر ليصرح اننا قد مددنا الخروج من عنق الزجاجة لمدة خمس سنوات اخرى ، ولا احد يعلم ماذا سيصرح المسؤول الذي سيليه .

والاهم ان لا ننحصر لفترة طويلة في عنق الزجاجة لأن ذلك سيزيد من الاختناق فهي مصدر خطر ، فعنق الزجاجة من الممكن ان يجعلك في مكان لا تخرج منه بالوسائل التقليدية او الفلسفية او النظرية فهو يحتاج الى وسائل عملية ، وهو مصطلح استعارة لغوية ليقرب حجم المشكلة بصوت ناعم وهو ينقلك من حاسة الى اخرى باتجاه التعميم فالعين بصيرة واليد قصيرة فمصطلح عنق الزجاجة يعتبر من التلميحات اللطيفة والتحويم حول المقصود عندما نضطر الى الاشارة الى الاخبار السيئة دون الافصاح بشكل مباشر عن فحواها او ما هو المراد من وراء ذلك فهو مصطلح لغوي يعبر عن مجريات السكون وعدم الحركة لضيق الوضع وباتجاه الحركة والتغيير فيما بعد دون تحديد الفترة الزمنية لذلك ، فهي مقرونة بالبيئة المحيطة او التطورات والمتغيرات الخارجية والداخلية او ما يمليه علينا البنك الدولي من فرض الاصلاحات في كافة القطاعات ، فهي دلالات حسية تنتقل الى المجال الذهني ليستوعبها عقل الانسان ويعكسها على الحياة المعيشية والعملية .

اي ان الوضع من سيىء الى اسوأ وندعو الى الانضباط السلوكي وعدم الانفعال وهو علم الدلالة من التخصيص والتعميم والنقل والمجاز الى منهج التحليل اذا كان التشخيص الرسمي للوضع الاقتصادي والمادي المتردي هو عنق الزجاجة ، فعليهم طرح طرق الاستشفاء من مرض مزمن والادوية التي لا غنى عنها لمنع حدوث انتكاسة ودرء المضاعفات وذلك يحتاج الى مهارة لتجنب الاختناق وتكيف المواطنين مع الوضع الجديد ومع المتغيرات والمستجدات .

كذلك حساب ومعرفة اسباب دخولنا الى عنق الزجاجة مثلاً منها الفساد بانواعه واشكاله ، وضرورة الاصلاح عملياً وليس نظرياً وغير ذلك ، لا ان نمثل ذلك بأننا دخلنا الى غرفة مفروشه ارضيتها بشظايا زجاج مكسور واخذنا نبحث عمن حطم هذا الزجاج ، والجدال العميق حول ذلك ونسينا اننا حفاة فأصابت الشظايا اقدامنا ومنعتنا من الحركة ، والذين كسروا الزجاج خارج البلاد فاجراءات الاصلاح يجب ان تكون حتمية لا نظرية .

في الشركات الصناعية يقصد في مصطلح عنق الزجاجة بمركز اختناق الانتاجية الاقل طاقة للانتاجية بين مجموعة الاقسام المنتجة ، ويطلق على هذا القسم مسمى الطبلة (Drum  ) حيث يتم ضبط ايقاع الانتاج كله من حيث التركيز على هذا القسم ، بحيث ان لا يكون هناك مجال لتعطيله ومعالجة تباطؤ الانتاج في هذا القسم وهذا يحتاج الى مهندسي تطوير وانتاج ، وكلنا يعلم ان الخائفون من عملية التطوير والانتاج والاصلاح لا يصنعون التطوير كذلك المترددون لن تقوى اياديهم المرتعشة على الاصلاح والبناء نحو نافذة المستقبل المشرق ، فأهم العناصر للاصلاح والانتاج والاستثمار هو محاربة الفساد باشكاله ومعالجة الفقر والبطالة والهم المعيشي وجذب الاستثمار ومنع الاستثمار من الهروب خارج الوطن وتحصين المجتمع من اي نظرية انحراف فكري بل اعطاء المفهوم العصري للارتقاء والبناء وتفعيل دور الجمعيات بأنواعها الخيرية والتعاونية والتخصصية والتوعوية والارشادية لتحقيق التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة//  .

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )