بلال العبويني
أفرد بيان القمة العربية في الظهران أمس الأول مساحة جيدة للملف الفلسطيني، وهو من المفيد بمكان أن يظل الملف في صدارة اهتمامات العرب، بعد أن نجحت قمة البحر الميت في استعادة الملف الذي غاب كثيرا عن أولويات العرب.
لكن، هل تصدر الملف الفلسطيني قمة الظهران، نظرا لأهميته واقتناع العرب جميعا بذلك؟.
ثمة من يقول إن الإبقاء على الملف الفلسطيني في موقع الصدارة بقمة الظهران، جاء لأسباب منها الخلافات التي تحكم مختلف الملفات والأزمات العربية؛ فليس هناك ثمة اتفاق عربي مطلق على الملف اليمني أو الملف الليبي أو الملف السوري، أو الملف الإيراني، بيد أنه كما هو معلن، فإن هناك اتفاقا عربيا على الملف الفلسطيني بالخطوط العريضة على الأقل، هذا من ناحية.
ومن أخرى، ثمة من يقول إن المملكة العربية السعودية أرادت من وراء ذلك التأكيد على أهمية الملف الفلسطيني بالنسبة إليها بعد الاتهامات التي طالتها بالاتفاق مع الإدارة الأمريكية على "صفقة القرن"، وبعد التصريحات التي أدلى بها ولي العهد محمد بن سلمان للصحافة الأمريكية عن حق الإسرائيليين في العيش بسلام على أرضهم.
على العموم، أيا كانت الأسباب، فإن الأهمية لا تتوقف هنا عند حدود البيان الختامي والمساحة المفرودة للملف الفلسطيني، ولا تتوقف عند حدود تسمية القمة بـ "القدس"، لأن العرب على قناعة أن القمم وبياناتها كثيرا ما تلقى بالأدراج بعد الانتهاء من يوم القمة دون أن تطبق الغالبية منها.
قمة البحر الميت العام الماضي، صحيح أنها نجحت في استعادة الملف ليحتل موقع الصدارة في أولويات العرب، إلا أن الأمر لم يكن ليكسب أهميته لو توقف عند ذلك، بل اكتسب أهميته بالدور الذي لعبته الأردن خلال عام من رئاستها للجامعة العربية في ابقاء الملف على سلم الأولويات، فالجميع تابع مدى الصلابة الأردنية في رفض قرار ترامب المتعلق بنقل السفارة ورفضه للاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين والمقدسات في القدس، ما هيأ الأرضية المناسبة لتشكيل رأي عام عالمي رافض لقرار ترامب.
هذا الزخم الذي تحقق، ليس كافيا بطبيعة الحال، لأنه ليس بمقدور دولة واحدة أن تحقق الكثير إذا ما وقف إلى جانبها العرب والمسلمين على الأقل، باعتبار أن ملف فلسطين والقدس ملف عربي اسلامي بامتياز.
لذلك، فإنه مطلوب من السعودية خلال السنة المقبلة من عمر رئاستها للجامعة العربية، أن تحمل الملف الفلسطيني والإبقاء عليه في موقع صدارة الاهتمامات العربية، دون السماح للملفات والأزمات الأخرى أن تطغى عليه ليعود إلى حيث كان خلال السنوات الماضية نسيا منسيا.
للأسف، القمم العربية دائما ما يطغى عليها نفس الدولة المستضيفة، وبالتالي فإن الاهتمامات تكون أثناء القمة وفي بيانها الختامي أو خلال سنة رئاستها للجامعة مصبوغة بتلك الاهتمامات، ولذلك فإن الأمل معقود أن لا يطغى مثلا الملف الإيراني واليمني على اهتمامات السعودية خلال العام المقبل على حساب الملف الفلسطيني.
وذلك ليس انتقاصا بطبيعة الأحوال من تلك الملفات، بل لأنها خلافية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الرأي الذي يقول إن كل الأزمات مرتبطة بالقضية الفلسطينية هو صحيح تماما، فلو كان هناك حل مبكر للقضية الفلسطينية لما وصل الأمر إلى هذا المستوى المتدني من حال العرب.//