( أأيقاظ أمية أم نيام..؟؟ )
وليد حسني
في أواخر الدولة الأموية وقبيل سقوطها المدوي على يد العباسيين تلقى اخر ملوك الأمويين مروان بن محمد الملقب بـ"الحمار" نصائح من واليه على خراسان نصر بن سيار نصائح أجمل فيها رؤيته الإستراتيجية ونظرته المستقبلية لواقع الأمويين في ظل الثورات والإحتجاجات التي بدأت تغزو معظم أرجاء الدولة الأموية الضعيفة.
وحفظ التاريخ لنا مقطوعتين شعريتين يمكنني وصفهما بكل إطمئنان بأنهما من الشعر المستقبلي الذي يقرأ المستقبل ويرسم ملامحه وحركته قياسا بمعطيات الواقع، وهو امر قليل جدا في الشعر العربي لا يكاد يبين من بين ملايين الأبيات الشعرية التي ورثناها عن الأجداد.
حذر نصر بن سيار الأمويين وملكهم مروان مما يحاك لدولتهم قائلا:
أرى تحت الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاءُ مُلكٍ وإن رقدت فاني لا أُلام
فإن يك أصبحوا وثووا نياماً فقل قوموا فقد حان القيام
ففرّي عن رحالك ثم قولي على الإسلام والعرب السلام
وقصيدته الثانية قالها حين احترب اليمنيون والقيسيون، وكأنها تصور حال اليمنيين اليوم ويقول فيها:
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتها أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضبُ
و لينصبوا الحرب إن القوم قد نصبوا حربا يحرق في حافاتها الحَرَبُ
ما بالكم تلقمون الحرب بينكم كأن أهل الحجا عن فعلكم غُيُبُ
وتتركون عدواً قد أظلكم فيمن تأشبَ لا دين ولا حسبُ
ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم ولا صميم الموالي إن هُمُ نُسبوا
قوم يدينون ديناً ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
مَمَنْ يكن سائلي عن أصل دينهم فإن دينهم أن تُقتلَ العربُ
نصر بن سيار اليوم شاهد عيان على ما تلقاه دمشق وصنعاء من ويلات وحروب واحتراب وعدوان ثلاثي ثبت فشله تماما، بعد ان فقد مبكرا أسبابه ودواعيه ومبرراته.
دمشق هذا الأوان تنهض من بين الرماد الذي ران على أبواب جلقها منذ سبع عجاف، ولا اظن أن دمشق اليوم أقوى مما هي عليه الآن..
إن الضربات التي لا تقصمك تقويك.. وأظنها تنطبق تماما على دمشق هذا الأوان..//