وليد حسني
بين تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدمشق وتكراره هذا التهديد أمس الأربعاء داعيا روسيا للإستعداد لاستقبال صواريخه" الجديدة والذكية جدا"، وبين الوعيد الروسي الذي صدر ردا على ترامب بالتصدي لصواريخه ومنعها من المرور، فإن دمشق نفسها اكتفت باصدار بيان للشعب دعتهم فيه للاستعداد للنزول الى الملاجىء، ورافعة درجة التاهب القصوى في تشكيلات جيشها.
وحدها المعارضة السورية التي تتقلب على جمر النار بانتظار انطلاق عاصفة الصواريخ الأمريكية على دمشق ومحافظات ومدن سورية من المؤكد أنها لن تكون رحيمة وستنتقي أطفالا ونساء ومدنيين أبرياء تماما كما انتقت وخططت تلك المعارضة لإستخدام السلاح الكيماوي لتمرير اتهام النظام في دمشق، ولتبرير العدوان الأمريكي على سوريا.
ذات المشاهد المستعادة من صور قديمة يتم تمريرها الآن بنسخة جديدة تتولى الدعاية الأمريكية إعادة إنتاجها، وذات السيناريوهات التي استخدمت في تحطيم العراق، وذات الأهداف والدواعي التي قامت أمريكا بسببها في صناعة المعارضة العراقية من قبل والسورية لاحقا، فهناك الان في سوريا جيوش وعصابات عديدة تسمي نفسها معارضة وطنية، وهي أبعد ما تكون عن هذا التوصيف.
دمشق الان بين فكي كماشة حقيقية، وبالرغم من أن لديها القليل لتفعله في مواجهة العدوان الأمريكي ، فإن الحلفاء الشرسين عليهم مسؤولية أكبر من كل مسؤولياتهم السابقة في الساحة السورية، فالمواجهة التي يريدها ترامب الآن ومن خلفه هي كسر شوكة حلفاء دمشق على الأرض السورية، هنا ايران وموسكو هما الهدف الأمريكي المرتجى، وهو بالتأكيد هدف تسعى لتحقيقه دول عربية أخرى تريد فتح المواجهة المباشرة مع ايران على الاراضي السورية.
والعدوان الأمريكي المرتقب على سوريا الذي تحتار التوقعات وتتعدد في رسم شكله ومضامينه وأهدافه وسيناريوهاته يشكل اختبارا لمدى التزام حلفاء دمشق في الدفاع عن الدولة السورية حتى النهاية، وهو الإختبار الذي يمثل ذروة المواجهة بين الأعداء، ايران وروسيا وسوريا من جهة، وامريكا واسرائيل وبعض الدول العربية من جهة أخرى، مما يعني فتح الساحة السورية على مصراعيها لمواجهات جوية وصاروخية قد تدفع بالأحداث للتطور، لكن ليس من المحتمل ان تذهب واشنطن للمغامرة وترسل مشاتها للموت في دمشق.
هو بالتاكيد عدوان أمريكي يراد منه تاكيد اليد الطولى لواشنطن وحلفائها في مواجهة معسكر موسكو ــ طهران ــ دمشق، وقد يراد منه محو الحقائق اللاصقة بالأرض في حي دوما الذي زعمت المعارضة السورية أن الرئيس الأسد استخدم السلاح الكيماوي بحق الأطفال والنساء، وهو سلاح ذكي جدا لديه القدرة على انتقاء الأجسام التي يصيبها ويتلفها ويقتلها.
هذه هي سلسلة الأكاذيب التي أرادت المعارضة السورية تحقيقها على الأرض، وهي المسؤولة اولا واخيرا عن استخدام الكيماوي فليس من المحتمل أبدا ان يلجأ النظام السوري لاستخدام هذا السلاح.
إن المعارضة التي تدعو اسرائيل للتدخل عسكريا في سوريا، وتعتبرها صديقا وحليفا ونصيرا، وان المعارضة ــ حتى الإسلامية منها ــ التي تتلقى أسلحة وذخائر من اسرائيل، وتلك المعارضة التي تأتمر بأمر الخارج ويتم استخدامها كدمية في تحقيق مصالح الآخرين على أرض سوريا، وتلك المعارضة التي تعمل كمرتزق وعميل لا يمكنها بالمطلق ان تكون معارضة وطنية، ولك ان تتخيل شكل وصورة سوريا لو انتصرت هذه المعارضة وتسلمت الحكم في سوريا..
هل يمكن لأحد أن يتخيل كيف ستكون سوريا تحت حكم هذا القطيع الهجين من جيش العملاء والمرتزقة الذين بداوا حياتهم بالتآمر على شعبهم ووطنهم، وكيف سينهون مشوارهم فيما لو قدر لهم الاستيلاء على قصر الشعب واصبحت سوريا كلها في قبضتهم؟؟.
مجرد تساؤل..؟؟//