بلال العبويني
تفتقر الحكومة إلى شخصية قادرة على التنظير أو الاشتباك السياسي مع الداخل الأردني أو مع الأحداث المتسارعة في المنطقة، سواء أكانت غربا في فلسطين المحتلة، أو شمالا حيث الأحداث لا تكاد تهدأ في سوريا، أو حتى شرقا باتجاه العراق.
الإقليم من حولنا، ليس على ما يرام، والأحداث تتسارع بشكل كبير وعجيب قد تكون نهايتها انفجار حرب طاحنة في سوريا، بين الاحتلال الإسرائيلي والقوات الإيرانية، أو بين القوات الأمريكية والإيرانية نزولا عند رغبة أطراف عربية في المنطقة تسعى لأن تخوض الولايات المتحدة الحرب عنها ضد إيران لتحجيم نفوذها.
على الجهة الغربية من الحدود، الأمر سوداوي ولا يبعث على الطمأنينية، بالتصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد الفلسطينيين في غزة، وهو التصعيد الذي يتزامن مع إصرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على معاقبة حركة حماس بفرض عقوبات خانقة عليها، كقطع الرواتب عن الموظفين، لدفع الغزيين للخروج إلى الميادين احتجاجا على حكم حماس.
في العراق، ستنعقد في 12 أيار المقبل، انتخابات برلمانية، يتنافس فيها ثلاثة إئتلافات يرأس إحداها رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي تربطنا به علاقات طيبة، ساهمت في إنجاز اتفاقيات مهمة، وإن كان بعضها معطل اليوم أولم نستفد منه كما ينبغي.
فيما يرأس الإئتلافان الآخران، زعيمين من أشد الخصوم لنا، الأول رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والذي لا يخفي خصومته لنا، والثاني هو الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، المقرب من طهران.
داخليا، أليس هناك احتجاجات سياسية في الشارع؟ أليس هناك حراك لبعض الأحزاب باتجاه تعديل قانون الانتخاب؟، أليس هناك قضايا سياسية أخرى وكبرى تتطلب تقييما حكوميا، من حق الناس الاطلاع عليه وعلى مدى تأثيرها علينا، تحديدا في هذه الأوقات التي تحاصرنا فيها التحديات السياسية والأمنية الخارجية، والاقتصادية المحلية؟.
الطابع الغالب على الحكومة "تكنوقراط"، وقد كرس التعديل الأخير على الفريق الوزاري هذه السمة، حتى بدا الأمر وكأننا أمام حكومة "تيسير أعمال" فقط، همها البحث عن طرق ووسائل جديدة لتوفير المزيد من الأموال للموازنة عبر رفع الدعم عن سلع أو فرض ضرائب جديدة أو تعديل قوانين ضريبية جديدة.
قبل التعديل الأخير، كانت الحكومة "تكنوقراط" أيضا، لكنها كانت تضم وزيرا سياسيا مخضرما مثل نائب رئيس الوزراء الدكتور ممدوح العبادي، رغم أنه بدا وكأنه بلا دور، وخرج دون أن يترك أثرا واضحا، إلا أن وجود مثل تلك الشخصية كان بإمكانه أن يخوض اشتباكا سياسيا مباشرا مع الناس والإعلام ليطلعهم على موقف الحكومة من كل ما يجري في الداخل وفي الخارج.
ما حدث قبل يومين في جلسة مجلس النواب من انفلات أعصاب، كان مؤشرا إلى افتقار الحكومة لتلك الشخصية السياسية القادرة على الحوار وامتصاص الانفعالات وتحمل المناكفات النيابية، والتي هي موجودة بالمناسبة في كل البرلمانات السابقة.
الإقليم، يمر بمرحلة حساسة جدا، والتحليلات تتعدد وتتوسع ومنها من يأتي على ذكرنا وعلى مآلاتها علينا، ولكن للأسف لا يبدو أن بالحكومة من هو قادر على التقييم والتنظير السياسي، فما نقرأه إلى اليوم ليس أكثر من بيانات حكومية، لا تسمن ولا تغني من جوع، هي "بروتوكولية" ومن المفترض أنها ليست موجهة لنا.