بلال العبويني
يخشى الأردنيون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، على مستقبل أموالهم التي "يحوشونها" لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي ليستردوها بعد التقاعد من الوظيفة رواتب شهرية يسترون فيها حالهم وعيالهم بما تبقى من سنوات العمر.
ومرد الخشية يكمن أولا، من الأنباء التي تحدثت عن وجود نية لإلغاء التقاعد المبكر ورفع سن التقاعد "الشيخوخة" من عمر الستين إلى عمر الثلاثة والستين، فيما يكمن، ثانيا،بنيةالحكومة مدّ يدها نحو صندوق الضمان الاجتماعي.
تعوّد الأردنيون أن ليس هناك نار من دون دخان، وفي الكثير من الأحيان كان الأمر يبدأ بتسريبات وإشاعات قبل أن يصبح حقيقة صادمة مفروضة عليهم، فبالتالي لن يصدق الأردنيون أن ليس هناك نية لدى الحكومة باتجاه تعديل قانون الضمان بما يتعلق بالتقاعد المبكر أو رفع سن الشيخوخة.
وقد يبرر تلك الخشية، الأخبار التي درجت مؤسسة الضمان الاجتماعي على بثها والتي تتحدث عن أعداد المتقاعدين على النظام المبكر والتحذير منه، ودعوة المتقاعدين مبكرا إلى العودة لسوق العمل والاشتراك بالضمان مرة أخرى.
ويبررها أيضا، أن ثمة قناعة لدى الكثيرين أن الحكومة تريد مد يدها على صندوق الضمان، من أجل مواجهة ما نعانيه من أزمة اقتصادية خانقة تسعى من أجلها لاتخاذ أي قرار في سبيل توفير الأموال اللازمة.
كما ويبرر ذلك الخوف، تلك القناعة التي ترى أن قرار الحكومة "ليس من شور راسها" بل امتثال لاشتراطات صندوق النقد الدولي والذي لا يأبه بشيء حينما يفكر بكيفية الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي يجب على الحكومة السير فيه.
راتب الضمان الاجتماعي بعد التقاعد، هو أمل الغالبية العظمى من الموظفين، وأخال الكثير منهم باتوا يعدّون العمر باليوم لحساب ما تبقى من مدة تؤهلهم للحصول على راتب التقاعد المبكر أو الشيخوخة، وذلك بما تعانيه اليوم الكثير من القطاعات من تحديات اقتصادية تضطر بعضها للتخفيف من كوادرها، وهو ما يفرض تحديات كبيرة على صغار الموظفين الذين يصبحون بلا دخل فجأة بعد سنوات من الخدمة في إحدى مؤسسات القطاع الخاص، على وجه التحديد.
بالتالي، نفي الحكومة وجود نية لتعديل قانون الضمان باتجاه إلغاء التقاعد المبكر ورفع سن الشيخوخة، لن يطمئن له الكثير من الموظفين، وذلك لأن الخبر تزامن مع خبر نية الحكومة وضع يدها على صندوق استثمار الضمان، وتزامن أيضا مع خبر مغادرة مدير عام الضمان السيدة ناديا الروابدة موقعها بعد أن بلغت سن التقاعد وإشاعة اسم شخصية واحدة فقط لتشغل الموقع من بعدها، ليصل الأمر إلى الشك أن من سيأتي بعد الروابدة سيوافق على ما كانت المديرة السابقة لا توافق عليه.
هذه قناعات يؤمن بها الكثيرون، حتى وإن كانت غير واقعية، لكن هكذا هو الواقع اليوم، فالقناعة أنه لم يعد هناك خط أحمر، بعد التجرؤ على سعر الخبز الذي ظل خطا أحمر لعقود.//