نقلت الينا محطات التلفزه يوم امس الموافق السابع من نيسان عام ٢٠١٨ اخباراً عن استخدام الغازات السامه في بلده دوما بالغوطه الشرقيه . ونقلت الينا مناظر مثيره ومرعبه عن اطفال يعانون من تعرضهم لهذه الغازات وعن اعداداً من القتلى والمصابين اختُلف في تحديد عددهم ، مع القول ان قوات النظام قد استخدمتها في هجومها على بلده دوما ومع الاختلاف في تحديد نوعها فمن قال انه غير معروف ومن افتى بأنه غاز الساريين السام . وقد رافق ذلك حمله اعلاميه من جهات المعارضه تطالب المجتمع الدولي والولايات المتحده الاميركيه بمعاقبه النظام وروسيا نتيجه لذلك .
وانا ومع استنكاري الشديد لاستخدام الغازات السامه والاسلحه الكيماويه في جميع الاحوال ومن قبل اي طرف من الاطراف الا انه ومن خلال متابعه مجريات الامور في الغوطه وفي بلده دوما على وجه التحديد فقد كان النظام والمعارضه قد توصلا برعايه روسيه الى اتفاق لأجلاء المسلحين من جيش الاسلام وعائلاتهم الى شمال سوريه ، وقد تمت بالفعل عمليه خروج اعداداً منهم قبل ايام ، الا ان قسماً من جيش الاسلام رفض مغادره دوما وتمسك بالمقاومه والصمود مما اعاق عمليه استكمال خروج المقاتلين وعائلاتهم وسط معلومات من مصادر روسيه ومصادر النظام الى انه تمت عمليات تصفيه ما بين القيادات المحليه في جيش الاسلام وان بعض القيادات التي كانت قد وافقت على الخروج من دوما وكانت تطالب باستكمال هذه العمليه قد تم تصفيتها من قبل القيادات المعارضه لهذه العمليه . وان الرافضين للاتفاق بادروا بقصف مواقع النظام من اجل افشال هذا الاتفاق . وافادت مصادر النظام انها استأنفت قصف مواقع جيش الاسلام نتيجه لذلك .
اما مصادر المعارضه فقد اعلنت انها لم توافق على الخروج وانها لن تترك المدينه وسكانها تحت رحمه النظام وانها لن توافق على عمليه التهجير القصريه وان قوات النظام استأنفت قصفها وهجومها على بلده دوما ثم قامت باستعمال الغازات السامه يوم امس .
وانا لا اريد ان ادافع عن طرف على حساب الآخر ولا اتهام طرف دون آخر لأنه لا توجد لدي معلومات حقيقيه عما يجرى على الارض وعمن استخدم هذه الغازات ولكن باسلوبي ومن خلال اتباع منهج التحليل فأنني اعتقد ان روسيا ليس لها مصلحه في استخدام مثل هذا السلاح وخاصه في الوقت الحالي و ذلك على اثر تداعيات تعرض الجاسوس الروسي السابق سيرجي اسكيربال للتسمم باستعمال غازات سامه ضده في احد شوارع لندن ثم اتهام روسيا بقيامها بذلك ، وما تبعه من عوده الى زمن الحرب البارده ما بين روسيا من ناحيه واميركا والغرب من ناحيه أخرى .
اما النظام فأنه وبعد الانتصارات التي حققها في الغوطه واخراج معظم المقاتلين المعارضين منها باستثناء من هم في دوما فأنه يكون من الغباء التام منه او الاجرام غير المبرر استخدام مثل هذه الاسلحه في هذا الظرف ووسط حتميه سقوط دوما بين يديه سواء باستخدام القوه او استخدام المفاوضات لعلمه انه بقيامه بذلك سوف يعرض نفسه الى حتمال تدخل دولي مسلح ضده نتيجه استخدامه هذا النوع من السلاح لأن العالم بدى وكأنه يقول للنظام اقصف كما تشاء وقتل من تريد واستخدم اي نوع من السلاح الا الاسلحه الكيماويه والغازات السامه واذا فعلت ذلك فسوف اعاقبك . فلماذا يغامر باستخدام هذا السلاح والذي قد تعترض على استخدامه ايضاً حليفته روسيا في ظل الاظروف الحاليه .
ويبقى انه ورغم ان للمعارضه مصلحه في اثاره المجتمع الدولي على النظام والتدخل المسلح ضده ، وانه لا يوجد احتماليه لهذا التدخل الا اذا استخدم النظام الاسلحه الكيماويه أوالغازات السامه ، فأنني استبعد ان تكون لقوى المعارضه المتواجده في دوما يداً بذلك بغرض اتهام النظام وايجاد مبرر للمجتمع الدولي للتدخل ضد هذا النظام .
والاحتمال الاكبر ان يكون ذلك قد تم من قبل جهات متطرفه في سوريه او جهات خارجيه لها مصلحه في تعقيد الوضع و أستمرار القتل والقتال في سوريه و وضع العالم امام خيار التدخل المسلح ضد النظام . ولا افضل من اتهام هذا النظام باستخدام هذا النوع من السلاح كمبرر لهذا التدخل . ولعل التصريحات الاميركيه الصادره اليوم تكون مؤشراً على مثل هذا النوع من التدخل وذلك في حلقه من حلقات الصراع الدولي في سوريه والذي ضحاياه فقط من الشعب السوري .