بلال العبويني
خلال السنوات السبع الماضية، ظل السؤال حول عودة مقعد سوريا في الجامعة العربية مطروحا، كلما اقترب مؤتمر القمة من الانعقاد، وهو يعود اليوم ليطفو على السطح مع قرب عقد قمة الرياض المقررة منتصف الشهر الحالي.
مع بواكير الأزمة السورية، اتخذت الجامعة قرارا بتجميد مقعد سوريا، غير أنها ما لبثت أن استبدلت مقعدها الذي كانت الدولة تشغله رسميا، بمقعد للمعارضة الخارجية.
هذا المقعد ظل محل خلاف عربي، غير أن دولا بعينها نجحت، ذات مرة، في فرض معارضين موالين لها لإشغاله، لكن هؤلاء المعارضين اختفوا لصالح معارضين آخرين موالين لدولة أخرى، ليختفوا بعد ذلك جميعا عن مؤتمرات القمة العربية اللاحقة، ليظل المقعد فارغا.
الواقع السوري اليوم بات مختلفا عما كان عليه سابقا، وواقع العرب أيضا تغيّر؛ فالموقف من النظام السوري، على وجه التحديد، تبدّل لدى الكثير من العرب، ولم تعد دول مارست أقصى ما يمكنها لتغييره تتمترس عند مساعيها السابقة.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال قبل أيام، "إن الرئيس السوري باق في موقعه"، بل إنه ذهب أبعد من ذلك عندما أسدى إليه بنصيحة قائلا إنه ليس من مصلحته " ترك الإيرانيين يفعلون ما يحلو لهم" في سوريا، هذا الموقف سُمع ويُسمع أيضا من مسؤولين عرب كثر كانوا ذات يوم مصرين على رحيل الأسد قبل البدء في أي مفاوضات.
على أي حال، ستُعقد القمة في السعودية بعد 11 يوما، وعلى الرغم من موقف محمد بن سلمان، ومواقف سعودية سابقة ليست في صالح المعارضة السورية فرع الرياض، إلا أنه ليس من المتوقع أن تجد الدعوات لعودة المقعد السوري صدى في هذه القمة.
فالسعودية ليست جاهزة، راهنا، لاستضافة وفد حكومي سوري على أراضيها، وكذا الحال بالنسبة للحكومة؛ فإنها ليست مستعجلة للعودة إلى مقعدها في هذا الظرف تحديدا الذي تعقد فيه القمة بالرياض.
من المؤكد أن الحكومة السورية ستعود لتشغل مقعدها في الجامعة، وربما في القمة التي تلي قمة الرياض، تحديدا إن عُقدت في دولة من الدول التي ظلت علاقاتها بسوريا قائمة طوال سنوات الأزمة.
لكن، سواء عادت سوريا لتشغل مقعدها أو لم تعد، فإن سؤالا يخطر في البال من واقع الجامعة وحال العرب؛ ومفاده، ما الفائدة من عودة سوريا إلى الجامعة العربية؟، بل وما فائدة الجامعة من أساسه؟، وهل تتأثر أي من الدول سلبا لو قررت الانسحاب من الجامعة؟.
الواقع العربي في أسوأ حالاته، وما أن تلبث أزمة "عربية عربية" أن تخمد حتى تندلع أخرى، تقف منها الجامعة العربية موقف المتفرج، إن كانت أطرافها دولا عربية غنية، كما راقبنا مؤخرا، وموقف المتآمر إذا ما استحكمت أي من دول "القرار العربي" على الجامعة كما حدث مع الأزمة الليبية والسورية.
العمل العربي المشترك، ليس مشتركا، بل أحادي في غالبه الأعم، بالتالي، دور التنسيق المناط بالجامعة العربية معطل، وهو ما يفقدها دورها وحضورها وربما مبرر وجودها.
لذلك، عودة سوريا للجامعة لن تضيف لها شيئا، حالها في ذلك كحال بقية الدول المغلوبة على فقرها، فالجامعة ليست قادرة على إفادة أي من الدول، لكنها قادرة أن تكون أداة لتدمير أي منها، لذلك الفائدة منها معدومة طالما لا تمارس دورها في التنسيق والدفاع المشترك وفي التعاطي الحيادي مع مختلف القضايا والأزمات العربية.//