لقد طالعتنا وسائل التواصل الاجتماعي صباح هذا اليوم بخبر تعرض البنك العربي الاسلامي فرع خلدا الى عمليه سطو مسلح من قبل أحد الاشخاص وتمكنه من سلب ستون الف دينار والهرب بها بسياره لا تحمل لوحه ارقام .
وما هي الا لحظات حتى انتشرت على وسائل التواصل الاحتماعي اسم عائله المشتبه به بارتكاب هذه العمليه وانه من عائله احد كبار المسؤولين في الاردن . ثم تم نشر اسم المشتبه به كاملاً وارقام هواتفه وسيارته ومواصفاته وتاريخ حياته . الا انه من الملاحظ ان بعض المعلقين لم يكونوا يتحدثون عن مرتكب عمليه السطو او عن العمليه بحد ذاتها ، ولكن كان الحديث عن رئيس الوزراء كونه تبين ان المشتبه به في عمليه السطو من نفس عائلته .
وقد كالت الكثير من التعليقات الهجوم على رئيس الوزراء بأقذع العبارات والسباب . ولم يكتفى بذلك بل انهالت عبارات السباب والشتائم على عائلته بأكملها واطلقت عليها ايضاً اقذع الشتائم والسباب .
قد يكون هناك مليون مليون سبب لمهاجمه رئيس الوزراء لسياساته الاقتصاديه ولأعماله . قد يكون لدينا ملايين الاسباب لانتقاد الرئيس وحتى التهجم عليه . ولكن ما علاقه عمليه السطو به ثم ما علاقه عائلتهما بهما . اليس كل واحد منا وبينما هو جالسُ إمن في بيته معرض ان يرتكب احد اقاربه عملاً مشيناً او اجرامياً فهل هذا يجعل منه مرتكباً لهذا العمل يستحق الهجوم والشتائم من قبل للآخرين وبمثل هذه الطريقه ؟ .
انا لا ادافع عن الرئيس ولا عن عائله الرئيس ولكن ادافع عن القيم التي تربينا عليها وبأن لا تزر وازره وزر أخرى كما امرنا بذلك ديننا الكريم . ولنحافظ على موضوعيتنا في النقد والهجوم .
واكثر من ذلك فقد تردد على السنه البعض ادانته لجهاز الامن العام لعدم اعلانه اسم مرتكب عمليه السطو موعزين ذلك لكونه من عائله الرئيس متناسين ومتجاهلين الوقائع والحقائق القانونيه . فأن مرتكب اي فعل مخالف للقانون هو شخص مشتبه به بارتكاب هذا الفعل ولا يصبح متهماً الا بعد احالته للمدعي العام والتحقيق معه وتوجيه الاتهام له . ولا يعتبر المتهم مدان او مجرم الا بصدور قرار من المحكمه بالادانه والتجريم او البرائه او عدم المسؤوليه . واريد ان اوضح الاختلاف ما بين البرائه وعدم المسؤوليه . فالبرائه تعني عدم كفايه الادله وبمعنى آخر فقد يكون المتهم قد ارتكب الفعل ولكن لم يتم اثبات ذلك بالادله . اما عدم المسؤوليه فهي تعني عدم ارتكاب المتهم لأي ركن من اركان الجريمه . وبهذا فليس كل مشتبه به يتم اثبات التهمه عليه وادانته بها وقد يثبت عدم مسؤوليه بعضهم عن هذا الفعل . وفي الدول التي تتبع القوانين والاعراف فأنه لا يحق للظابطه العدليه الاعلان عن اسم المشتبه به بارتكاب الفعل بل عليها ملاحقته والقاء القبض عليه وتسليمه للجهه التي يحق لها ذلك وهي الادعاء العام والتي قد تسمح بالنشر حول القضيه او عدم النشر وحسب الظروف ثم السير بالقضيه والتي قد تنتهي بالادانه او البرائه او عدم المسؤوليه . بينما يعتبر اعلان الظابطه العدليه اسم المشتبه به فور القاء القبض عليه هو اصدار قرار بألادانه المسبقه بحقه وبطريقه غير قانونيه وكما يشكل اسائه لعائلته .
وقد علق البعض بالقول انه في حالات سابقه تم الاعلان عن اسم المشتبه به فور القاء القبض ، عليه ، وارد على ذلك واقول ان هذا كان بنائاً على امر اداري من قبل مدير الامن العام السابق في اجتهاد منه بأن ذلك قد يقلل من حالات ارتكاب الجرائم . ولكن يبقى هذا الأجراء غير قانوني ولم يحقق النتائج المرجوه منه وكان محل نقد من الكثيرين . ولقد طلب عطوفه مدير الامن العام الحالي اللواء فاضل الحمود بعدم ذكر الاسم الصريح للمشتبه بهم والالتزام بالطرق القانونيه .
هذا وقد قام الكثيرين من المعلقين بالاشاده بجهاز الامن العام لدينا وحرفيته وتمكنه من الامساك بالمشتبه بهم بارتكاب الجرائم بسرعه قياسيه ، الا ان البعض اراد ان يسبح بعكس التيار وان يحول كل حسنه في هذا الوطن الى سيئه بالقول ان هذه العمليه وتوقيتها وسرعه حل اسرارها وتوقيف فاعلها ليست الا مسرحيه للتغطيه على ارتفاع اسعار المحروقات الاخير . ان من يقول بذلك من المؤكد انه ليس الا شخص قد فقد التوازن واصبح سلاحاً على الوطن بدلا من ان يكون سلاحا له .