تفعيل الغرف البرلمانية وتجويد الأداء الحكومي رسائل اللقاءات
الملك صوت المواطن وسوطه
الموقف الأردني الخارجي على عهده مع التحالفات العربية والاستدارة ليست انقلابا
الملف الداخلي يحتاج الى اشتباك ايجابي وحلول ابتكارية وعمل ميداني
رسائل ملكية هادئة قبل اعصار التغيير
الأنباط : قصي أدهم
بحكم السيرورة التاريخية لفلسفة الحكم الهاشمي، اعاد الملك عبد الله حالة التموضع السياسي في سياقها الطبيعي، مع انفراجة يبدو بأنها حققت غاياتها المرحلية، حين ترك فعاليات برلمانية وسياسية تشـطح بعيدا، حد اعادة تدوير الزوايا في السياسة الخارجية، وترك مخيال كثيرين يذهب بعيدا في ترتيب الساحة الداخلية حسب القادم خارجيا، فبدأت بعض الشخصيات السياسية بطرح انفسها جسرا للمرور الى سوريا. واسرفت كثيرا في ذلك بتصريحات تضامنية تفوق المطلوب سوريا، وأسرف رئيس مجلس النواب بدوره في التقارب مع ايران حد اعادة تشكيل الوفد المشارك باجتماعات برلمانية فيها، لكن الملك اختار ايصال رسالته حول البقاء في الاطار الواقعي لعلاقات الأردن الخارجية وتحالفاته من خلال اجتماع مع رؤساء الغرف البرلمانية ورئيس المجلس، حين المح الى ان الأردن يجب ان يحافظ على علاقاته مع واشنطن وان العلاقات مع المحيط العربي التقليدي ما زالت هي الأساس الأردني.
الملك اعاد بناء المشهد الداخلي في شطحاته الخارجية الى دائرة التعقل وعدم التسرع، ولكنه ارسل اشارات بقرب اجراء مراجعة جذرية لسلوك الدولة الداخلي، واعادة الاعتبار لهيبة الدولة ودور السلطة في المشهد المحلي، بعد ان اوجع النواب بانتقادات ساخنة عن التدخل في القضاء و اعمال السلطة التنفيذية واوجع حكومته بانتقادات اسخن عن الترهل والفساد والتلكؤ، وأوجع السلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال عدم ايلائهم الاهتمام اللازم لاوراق الملك النقاشية والتفاعل معها بعصرنة ومنهجية بحيث يتم تحويلها الى خارطة طريق للعمل العام الذي شاخ وتكلست اوصاله.
لقاء الملك مع الغرف البرلمانية واختياره هذه الغرف لايصال رسائله الى الجميع بمن فيهم حكومته، تبعه بلقاء مع المتقاعدين العسكريين، وهذا يجعل دوائر كثيرة في الدولة تستعيد ذاكرتها بأن مجمل القرارات الكبيرة كانت تأتي بعد جولات ملكية على مجسات الملك الشعبية من متقاعدين وأبناء محافظات وعشائر، ويبدو ان زيارة الملك الأخيرة وغموض وجهتها، تجعل اكثر من جهة «تحك رأسها» قبل ان تجلس على مقاعد المتفرجين، فاللحظة صعبة على المستويين السياسي والاقتصادي، وادوات المواجهة يجب ان تكون على مستوى المهمات الصعبة، لذلك اختار الملك ان يصدم الحالة المتكلسة بمطالبة تلك الجهات بالرحيل الطوعي قبل ان يأتي الاعصار الملكي فيقتلع جذور التكلس والتردد والجبن الاداري والفساد الصغير المستشري.
الملك ماهر في قراءة اللحظة واستشراف تعقيداتها وادواتها، ومشهد عودة الجماهير الى الشوارع في تونس والسودان وطهران يرسل اشارات لاسلكية تستطيع أدوات استشعار العسكري المحترف التقاطها قبل الجميع، ولذلك بادر الى التعبير عن وجدان الشارع والمواطن، فهو ضمانة المواطن الوحيدة وهو الذي يتحدث باسمه وربما يجب قراءة زيارة ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الى المركز الوطني لادارة الأزمات في هذا السياق.
الرسائل اوصلها الملك بهدوء ودون صدمات، لكنه لن يقف عن هذا الحد تحديدا في المسار الداخلي، فاعادة التذكير بالاوراق النقاشية وبضرورة اعتماد مبدأ الغرف البرلمانية وليس الضجيج تحت القبة رسائل للسلطتين لمراجعة مواقفهما وافعالهما، اما الملف الخارجي فهو بيد الملك والفريق الذي يختاره، وعلى الحكومة والبرلمان سرعة الاستجابة والالتقاط قبل ان يتحول الهدوء الملكي الى اعصار.