للمرة الأولى منذ 5 سنوات حماس تشارك
شهيد ومئات المصابين بمواجهات الضفة وغزة في"جمعة الغضب"
بث إذاعي فلسطيني موحد لنصرة القدس
الأراضي الفلسطينية المحتلة – وكالات
استشهد فلسطيني وأصيب أكثر من ثلاثمئة الجمعة في المواجهات بين الشبان الفلسطينيين الغاضبين من القرار الأميركي بشأن القدس وقوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت مصادر طبية إن فلسطينيا استشهد وأصيب 140، بينهم ثلاثة في حالة خطرة، في المواجهات التي اندلعت في مناطق التماس على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وقال مراقبون إن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز المدمع على الشبان الذين احتشدوا على الحدود، بعد أن خرجت مسيرات جماهيرية في مناطق مختلفة من القطاع تندد بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أعلن الأربعاء الماضي اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومع حلول الظلام، أفاد مراقبون بأن الهدوء عاد نسبيا إلى مناطق المواجهات، لا سيما أن قوات الاحتلال كثفت في اللحظات الأخيرة إطلاق الرصاص الحي والغاز المدمع.
وفي الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، أصيب 220 فلسطينيا بجروح وبحالات اختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المدمع عليهم.
واندلعت المواجهات مع قوات الاحتلال في العديد من مدن وبلدات الضفة بعد خروج مسيرات حاشدة عقب انتهاء صلاة الجمعة احتجاجا على قرار ترمب، بينها مخيم العروب شمال مدينة الخليل، وبلدة قصرة جنوب غربي نابلس، وكفر قدوم بمحافظة قلقيلية، والمدخل الشمالي لمدينة بيت لحم.
وهتف المتظاهرون ضدّ القرار وضد الإدارة الأميركية وسياستها المنحازة لإسرائيل، كما شهدت المدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر مسيرات حاشدة دعت إليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
وأشار مصدر مطلع على المدخل الشمالي لمدينة رام الله التي كانت من أبرز نقاط المواجهة، إلى أن الهدوء عاد نسبيا مع حلول الظلام واشتداد البرودة، بعد مواجهات محتدمة أوقعت عددا من المصابين.
تواجد أمني
وفي القدس المحتلة، أفادت مصادر بأن الأوضاع تشهد حالة من الهدوء، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال كثفت وجودها في جميع محاور القدس، خاصة في البلدة القديمة.
وذكرت المصادر أن مسيرة خرجت من المسجد الأقصى باتجاه باب العامود، ولكن قوات الاحتلال قمعتها ولم تسمح لأي تجمع للشبان طيلة اليوم.
وكان إضراب شامل عمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة، في حين اندلعت مواجهات مع جيش الاحتلال بالضفة الغربية، ودعت القوى والفصائل الفلسطينية لتنظيم مسيرات حاشدة في مختلف محافظات غزة والضفة الغربية، تنديدا بالقرار الأميركي.
حماس تخرج بمسيرات "جمعة الغضب" بالضفة
لأول مرة منذ عام 2012 انطلقت مسيرات بمعظم مدن الضفة الغربية دعت إليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في خطوة رافضة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعزمه على نقل السفارة الأميركية إليها.
وكانت الحركة دعت أمس الخميس إلى إطلاق ما أسمته "جمعة الغضب" من مختلف مساجد المدن بالضفة الغربية رفضا للسياسة الأميركية ومساعيها لتهويد مدينة القدس.
ومن مسجد النصر وسط مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، انطلقت بعد صلاة الجمعة مسيرة ضخمة وجابت شوارع المدينة، حيث شارك بها المئات من المؤيدين للحركة، وسط هتافات ودعوات لنصرة المسجد الأقصى، والرد على قرار ترمب بكل وسيلة وطريقة.
ودعا المتظاهرون الذين حملوا رايات الحركة والعلم الفلسطيني إلى ضرورة رصّ الصفوف وتحقيق الوحدة الوطنية على أساس إنجاز المصالحة لتصل الرسالة الفلسطينية موحدة لإسرائيل وأميركا.
رد مسلح
كما طالب المتظاهرون كتائب القسام (الجناح العسكري للحركة) بالتحرك الجاد والرد على قرار ترمب، وذلك عبر "عمل عسكري" بالبنادق أو العمليات الاستشهادية -وهو المشهد الغائب منذ سنوات عن الأرض- ثأرا للقدس وفلسطين.
وفي كلمة للحركة ألقاها القيادي أحمد عواد وسط نابلس، قال إن فلسطين والقدس أرض إسلامية، وإن استعادتها تتطلب "وحدة وطنية مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية وبقية الفصائل"، كما طالب عواد بتصعيد المقاومة ضد الاحتلال وتصعيد أشكال الاحتجاج خلال الأيام القادمة.
وفي السياق ذاته، قال خطيب مسجد النصر زهير الدبعي إن أي مدينة في التاريخ لم تشهد صراعا أو طمسا لكل معالمها الدينية والتاريخية كما حدث لمدينة القدس التي، استهدفها المشروع الصهيوني على مدى عقود طويلة.
وأضاف أن جرائم أميركا لم تقتصر يوما على مدينة القدس، وإنما العرب بأجمعهم في سوريا والعراق وليبيا وغيرها. وأكد أنه بغير الوحدة لن تقوم للفلسطينيين قائمة، كما دعا للغضب بوجه الاحتلال ومقاطعة أميركا اقتصاديا.
إصابات بالمواجهات
وعلى الأرض، أصيب العشرات من الفلسطينيين الذين خرجوا بمسيرات الغضب، حيث أصيب 27 فلسطينيا، بينهم مصور صحفي وطفل بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والرصاص الحي وقنابل الغاز المدمع في قرى عزون وكفر قدوم شرق مدينة قلقيلية جنوب نابلس، وفق منسق ملف الاستيطان في البلدة مراد اشتيوي.
وكانت فصائل العمل الوطني بمدينة نابلس ومدن الضفة، خاصة حركة فتح، دعت أمس الخميس خطباء المساجد لتوحيد خطبهم نصرة للقدس وللتنديد بقرار ترمب، وطالبت بتعزيز المواجهات عند نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال وقطع الطرق على المستوطنين.
تغريدات المقدسيين.. غضب ضد ترمب ونقد للذات
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات بارزة من نشطاء مقدسيين حاولوا إيصال صوتهم والتعبير عن رأيهم الرافض لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة إسرائيل، لكن الغضب كان واضحا في كثير من التغريدات إزاء ما بات مألوفا فلسطينيا في مثل هذه الموقف كإغلاق المدارس تعبيرا عن الاحتجاج.
وأطلق المغردون المقدسيون عدة وسوم (هاشتاغات) تؤكد هوية القدس العربية والإسلامية رغم القرار الأميركي. وكان أبرز هذه الوسوم والذي وصل إلى المرتبة الأولى عالميا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر (#القدس_ عاصمه_فلسطين_الابديه) وكان من أبرز الوسوم أيضا ( #القدس_عاصمة_فلسطين).
تجاوزت ردود الفعل الغاضبة قرار ترمب إلى ردود الفعل الفلسطينية حيال القرار. فغرد الناشط المقدسي محمد صياد تعليقا على إغلاق المدارس يوم أمس "هذا الذي طلع معكم، إضراب مدارس وترموا الأولاد بالشوارع، كنت أتوقع حل السلطة، انتحار حد من اللي جننونا بالعملية السلمية والدور الأمريكي على مدار 23 سنة بطلع بالآخر عطلة من الخميس للأحد!".
قرار ارتجالي
وغرد الناشط المقدسي عامر عاروري "قرار ارتجالي وغير عملي وليس منطقيا، حرام أن يخسر الأولاد يوما دراسيا، وجريمة أكبر عندما يتم الدفع بالأولاد للشوارع، كان المفترض اليوم أن تكون فعاليات في المدارس حول القدس بدلا من الإضراب".
وعن ترمب، رأى الناشطون في قراره صفعة على وجوه العرب بسبب تخاذل رؤسائهم، لكنهم في المقابل أصروا على التشبث بمدينة القدس رغم قرار الإدارة الأميركية بجعلها عاصمة لإسرائيل.
فعلى موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، غردت الناشطة المقدسية خديجة خويص قائلة "معادلة بسيطة جدا، لهم وعد ترمب، ولنا وعد الله، فليذهب الناس بالدنيا ولنرجع نحن بوعد الله ورسوله في رحالنا، لهم ترمب وحبل الناس، ولنا حبل الله المتين ووعده الذي لا يُخلف أبدا، ليكونوا العبيد وسنبقى العباد أولي البأس الشديد".
وغردت آية عبد القادر على موقع إنستغرام "ستبقى القدس حرة أبية، ستبقى قدسنا مهما تكلموا في وسائل الإعلام، ستبقى القدس قوية وبإذن الله سننتصر على كل من يعاديها، لا يضرنا قراره الأرض تعرف أهلها" وأتبعت تغريدتها بـ وسم القدس عاصمة فلسطين.
هواها فلسطيني
وذهب آخرون إلى الغوص في التاريخ ونقل متابعيهم إلى داخل المدينة وإظهار الغرباء، فغرد الناشط المقدسي محمد قزاز على تويتر "حاليا أنا بتمشى في حارات البلدة القديمة بالقدس، فعلياً ما في شيء إسرائيلي بالقدس غير قواتها وجنودها، حجرها، هواها، ناسها، مبانيها، أكلاتها كله فلسطيني، عن أي عاصمة بحكي!".
لم يتوقف نشاط المقدسيين على شبكات التواصل عند حد الرأي، بل تحول كثيرون إلى صحفيين ينقلون أحداث المدينة. ونقلت الناشطة لواء أبو ارميلة على فيسبوك -بتقنية البث المباشر- مظاهرة قام بها المقدسيون في منطقة باب العامود تندد بقرار ترمب وتؤكد أن القدس ستبقى عاصمة فلسطين.
كما نشرت الناشطة المقدسية رانيا حاتم فيديو على فيسبوك ظهر فيه جنود الاحتلال يحاصرون شبانا فلسطينيين في منطقة باب العامود، وعلقت بصوتها أنهم جاؤوا (الفلسطينيون) ليبايعوا القدس.
وكان هناك تفاعل كبير لمشهد المقدسيين وهم يؤدون صلاة عصر أمس بمنطقة باب العامود، في صورة تعيد للأذهان أزمة البوابات الإلكترونية قبل شهور. وقد نشره عشرات المقدسيين على حساباتهم الشخصية، كما أبرزوا صورا للمظاهرات التي نظمت بالدول العربية مناهضة لقرار الإدارة الأميركية، وتصميمات تعبر عن غضبهم ومواقفهم.
بث إذاعي فلسطيني موحد لنصرة القدس
بدا المذيع الفلسطيني باسل خير الدين متأثراً وهو يستمع لمداخلة هاتفية من عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات الأب مانويل مسلم، غلبت عليها روح الغضب والحماسة والدعوة للالتفاف حول المقاومة لمواجهة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وبينما كان الأب مسلم يتحدث عن استعداد أهالي القدس بمسيحييها ومسلميها لتقديم أرواحهم لإفشال القرار الأميركي، قاطعه المذيع ليسأله عن مدى خطورة هذا القرار، فرد مسلم بغضب "نحن القدس والقدس نحن، إن بقيت بقينا وإن فنيت فنينا".
عندها صمت المذيع الذي يقدم بثا مشتركا بين 17 إذاعة فلسطينية حول نصرة القدس، ليتحدث مسلم عن وحدة الفلسطينيين وطنياً ودينياً بعد قرار ترمب، وتعزيز قناعتهم بأن عملية السلام كانت مجرد أكذوبة بينما المقاومة هي الحقيقة الراسخة.
وتوالت مواقف قادة العمل الوطني والديني المقدسيين، حيث أكدوا هاتفياً أن مصير قرار ترمب الفشل كما حدث مع مشروع البوابات الحديدية حول الأقصى.
في مقابل هذه العزيمة والإصرار على الانتصار التي تحدث عنها المقدسيون عبر الأثير، قال المذيع باسل خير الدين إن المداخلات عكست شعور المقدسيين بأن الدول العربية والإسلامية خذلتهم وتركتهم يواجهون غطرسة أميركا وإسرائيل بمفردهم.
وأد القرار
وتركزت موضوعات الموجة الإذاعية المفتوحة حول دور المقدسيين في التصدي لقرار ترمب وإفشاله، إضافة إلى أهمية المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية في قيادة الشارع وتوجيهه، علاوة على الأدوار المطلوبة فلسطينياً وعربياً خلال الأيام المقبلة لوأد قرار ترمب في مهده.
وقال منسق اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية بفلسطين صالح المصري إن توحيد البث يسهم بشكل مباشر في تعبئة الرأي العام وشحذ همم الفلسطينيين لمواجهة القرار الأميركي، عبر خطاب إعلامي متبلور حول إستراتيجية الحراك الشعبي والمواجهة الميدانية مع الاحتلال.
وهذه الإستراتيجية كانت حاضرة بقوة خلال المشاركات الهاتفية في التغطية الإذاعية، مع إدراك كبير لخطورة القرار الأميركي وأبعاده على الوضع القانوني والسياسي والديني والديمغرافي لمدنية القدس، إضافة إلى استغلال الاحتلال للوضع الجديد لتكثيف تهويد القدس وتوسيع محاولات اقتلاع الفلسطينيين منها.
وفي مداخلة إذاعية، رأى المسؤول بدائرة أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات أن امتلاك المقدسيين زمام المبادرة وعلو همتهم بالمواجهة بالأدوات التي يمتلكونها سيفشل كل محاولات النيل من المدينة المقدسة وأهلها.
ويشدد بكيرات على أن "دماء الشهداء التي سالت بأزقة القدس وتلالها ومقدساتها وأفشلت مشاريع الاحتلال، لن تتوقف هذه المرة".
وعبر الأثير أعادت الأغاني الوطنية التذكير بأجواء انتفاضتي الحجارة والأقصى، بينما عكست حماسة المتحدثين تقدماً في المواقف الشعبية مقارنة بردود الأفعال الرسمية والفصائلية الفلسطينية التي وصفت بعدم مناسبتها لحجم الجريمة الجديدة.
الب المتداخلون بتحرير فلسطين من بحرها لنهرها، وسحب الاعتراف بإسرائيل والانسحاب من اتفاقية أوسلو، ليكون الرد بمستوى الجرأة الأميركية.
واستغرب الأسير المقدسي المحرر والمبعد لغزة فؤاد الرازم استهجان بعض السياسيين هذه المطالب الشعبية، "وكأن الحديث عنها أصبح من الماضي".
ودعا الرازم إلى تجديد روح الانتفاضة والثورة بين الجماهير والاتفاق على إعلام مقاوم يقود المنتفضين ويوجههم، محذرا من الركون للمواقف العربية الهزيلة.