المقعد( 138 ) ... تقرير جديد بمكانة قديمة
وليد حسني
لا ادري كيف قرأ البعض معطيات ارقام منظمة مراسلون بلا حدود عن تراجع حرية الصحافة في الأردن مقدار 3 درجات التي وردت في تقريرها الصادر قبيل أيام ليحل في المرتبة 138 من بين 180 دولة تقوم المنظمة برصد مقياس حرية الصحافة فيها.
وللحقيقة فان الأردن احتفظ بمكانته التي احتلها العام الماضي وبالمرتبة 138 وهي ذات المرتبة التي ظل فيها طيلة العام الماضي أو على الاقل في الفترة بين تقريري المنظمة اللذين صدر احدهما في شهر نيسان الماضي، والتقرير الحالي الذي صدر قبيل أيام.
وما أعنيه ان الأردن لم يتقدم أية خطوة للأمام في مؤشرات مراسلون بلا حدود هذا العام( 2017 ) عما كان عليه حاله السنة الماضية ( 2016 )، مما يعني أن حالة الحريات الصحفية في الأردن ظلت على حالها لم تتقدم ولم تتراجع بخلاف ما قالته تقارير صحفية بان الأردن تراجع 3 درجات هذا العام وفقا لمقاييس منظمة مراسلون بلا حدود.
ولست هنا بصدد مناقشة المكانة التي يسكن الأردن فيها في مؤشرات مراسلون بلا حدود، ولكن ما يثير تساؤلاتي هي تلك الأرقام التي حصلت عليها دول عربية احتل الأردن المرتبة 11 من بينها، بما يعني ان عشر دول عربية تتقدم على الأردن في مؤشرات حرية الصحافة وفقا للمنظمة التي تتمتع بخبرة أممية في وضع مثل تلك المؤشرات منذ سنة 2002 وحتى اليوم.
وللحقيقة فلدي ما أقوله هنا في تراتبية الدول العربية وفقا لمؤشرات المنظمة وليس لدي ما اقوله في استمرار تمتع موريتانيا بالمرتبة الأولى عربيا، لكن لا افهم كيف وضعت المنظمة دولة قطر في المرتبة 123 عالميا والسادسة عربيا وهي تمنع هذا الأوان استخدام اية تطبيقات على وسائل التواصل الإجتماعي، وكذلك الحال بالنسبة لدولة الامارات التي احتلت المرتبة 119 عالميا والخامسة عربيا وهي تطبق قوانين تصل الى السجن ثلاث سنوات وغرامات مالية باهظة على كل من يعبر عن رأيه السياسي باية وسيلة من وسائل التعبير.
أدرك تماما أن مسطرة منظمة مراسلون بلا حدود مسطرة صارمة تماما، ونتائج تقاريرها لا تفرح الكثيرين بل وغير مرحب بها، لكنني اكاد اجزم أن هذه التقارير بدا يعتريها نوع من الشك في مدى مصداقيتها، فهناك العديد من الدول العربية نعرف تماما حالة الحريات الصحفية فيها، ونعرف حالة التشريعات الناظمة لحرية الإعلام ومدى قسوتها وجبروتها، ومع ذلك ترى تلك الدول في مرتبات متقدمة في مؤشرات المنظمة، مما يفتح الباب للتساؤل عن مدى التزام هذه المنظمة بمعاييرها الصارمة التي وضعتها وألزمت نفسها بها، سابقا وبدأت بالتراجع عنها لغايات ربما تتعلق بجهات التمويل.
ولست هنا بصدد إنكار حالة الحريات الصحفية في بلدنا وهي حالة مرضية تماما، وتنحو نحو التشدد في سياسة المعاقبة والتجريم، ومحاصرة حرية الرأي والتعبير على منصات التواصل الإجتماعي، وما يمكن ان تجره تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية على هذه الحرية وعلى حرية الإنترنت وما يمكن ان تذهب الحكومة اليه في الرقابة الإلكترونية وفرضهاعلى مستخدمي الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الإجتماعي.
لقد ذهبت التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية الى أبعد مما يمكن تصوره سواء لجهة الملاحقة القانونية، أو لجهة النهج العقابي، في الوقت الذي تتوافر فيه العديد من التشريعات التي تعالج ما ترغب الحكومة بمعالجته في مشروع تعديلات قانونها الجديد.
بذريعة محاربة وحصار خطاب الكراهية، والمحافظة على حقوق الناس وحياتهم الشخصية تذهب الحكومة الى التجاوز على ما ضمنته المادة 15 من الدستور الأردني والمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما اباحه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للحكومات بفرض قوانين في ظروف قاهرة وضاغطة ومحددة ولا يجوز للحكومة تجاوزها.
هذه المعطيات لن تسمح لنا بالتقدم مستقبلا في مؤشرات مراسلون بلا حدود او في مؤشرات أية منظمات دولية اخرى..
وتلك معضلتنا لوحدنا وليست معضلة الآخرين..//