علم النفس الغربي ... وعلم النفس الشرقي !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
النفس البشرية ليست كياناً مستقلاً عن ظروف المجتمع الذي تنشأ فيه بل تتشابك وتتفاعل معه بعلاقة التأثير والتأثر فالنفس البشرية لأي شخص في مجتمع متدين تتأثر فيه وفي مجتمع متحرر تتأثر فيه اي ان ذلك يعتمد على حسب نوع ومستوى المجتمع حيث تتأثر فيه فلا يمكن تعميم النفس البشرية لأنسان يعيش في المجتمع الغربي على انسان يعيش في المجتمع الشرقي فلكل مجتمع خصائصه وميزاته وعاداته وتقاليده حيث ان النفس البشرية لاي شخص يعيش في المجتمع الغربي تركز على الجوانب المادية والنفسية والشهوات والملذات والرفاهية وتهمل الدين كمؤثر نفسي وفكري قوي يؤثر في تكوين النفس بينما نجد ان مجتمعاتنا في الشرق متأثرة في الدين وبالقيم والمباديء والعقيدة فهناك علم نفس غربي يواكب التطور والحداثة في سياساته التعليمية والثقافية والمجتمعية والسياسية وكحقوق الانسان وفق قوانين وانظمة تحكم ذلك خارج ما ورد بالكتب السماوية فالعلاقة علاقة مادية بحتة ونفسية بينما نجد ان هناك علم نفس شرقي متأثر بالدين وبالقيم والمباديء وكل ما ورد بالقرآن الكريم وسنة نبيه لا يحيد عنه احد ولاعن مضمونه ومعناه اي ان هناك علم نفس غير اسلامي ( غربي ) وهناك علم نفس اسلامي ( شرقي ) حيث قامت الدول الاجنبية الغربية بفرض اتفاقيات على الدول العربية من اجل تطوير المفاهيم والقيم والعادات والسلوكيات بموجب قوانين وحريات تتجاوز النصوص الدينية من مبدأ تطوير المجتمعات وتحررها من اي تزمت او التزام ديني لتصل هذه المجتمعات الى نقاط ومفاهيم مشتركة اقرب الى المجتمعات الغربية حتى تكون هذه المجتمعات متجانسة بالعادات والتقاليد والقيم والمباديء وبالتالي اقرب الى التسامح والاحترام المتبادل والحوار البناء سواء شئنا ام ابينا او وافقنا او اعترضنا فالمركب في هذا الاتجاه سائر وفق البوصلة المبرمجة من اجل تحديد المسار سواء تعديل المناهج الدراسية او تعديل القوانين والانظمة والتشريعات المتعلقة بذلك فهناك مدارس اجنبية متخصصة ايضاً بتطبيق فحوى هذه الاتفاقيات فكراً ومضموناً كذلك مراكز الدراسات المتعلقة بشؤون المرأة في الجامعات او التي تعمل على اعداد دورات تدريبية لابناء المجتمع المحلي من خلال الجمعيات والمراكز الشبابية وغيرها لتبقى الفئة الملتزمة دينياً في فارق طبقي ملموس وملحوظ فالاسرة الملتزمة تبقى على التزامها فكراً ومضموناً وسلوكاً اذن التركيز الاساسي وراء كل ذلك هو النفس البشرية والتي تعمل عليها الدولة من اجل تقارب وجهات النظر وتجاوز اوجه الاختلاف على اعتبار ان النقاط المشتركة هي الاقرب للتعايش السلمي بين المجتمعات في حياتنا وثقافتنا وفكرنا وديننا فكثير من الدول الاوروبية فتحت باب الهجرة للشباب الى بلدانها وعند عودتهم الى اوطانهم سيكون لهم فكر وسلوك اكثر تحرراً واقرب الى المجتمعات الغربية التي يعتبرها اكثر تحضراً وعلى رجال الدين الوصول الى طبيعة النفس في الاسلام ووضع معالم النفس في كل دين للوصول مع كافة الجهات المعنية الى ما نسميه علم النفس الديني حتى يتم ابعاد الكثيرين عن التشدد والتزمت الديني او الانحراف الفكري وابعاد الكثيرين خاصة الشباب عن تبعية التنظيمات المتطرفة وفق الاتجاهات الفكرية التي تروج لها بطريقة عدائية وصدامية خاصة بالمجتمعات المنغلقة والمنعزلة والمهمشة فهناك قواسم مشتركة مع بقية الاديان تدعو الى التعايش السلمي والحوار المتبادل المبني على التفاهمات وحتى لا نغفل هذا الجانب ونكون قد ارتكبنا جريمة مركبة بحق الاجيال وحتى لا يكونوا عرضة للمتشددين ضد هذه الاديان الاخرى بل علينا وضع استراتيجية وطنية لنملأ الفراغ الفكري لديهم فغالبيتهم بسبب العالم الافتراضي والتواصل الاجتماعي وتطور تكنولوجيا الاتصال والتواصل وما تحويه من افكار متشددة اصبحوا في حالة تيه وتوهان فلكل مجتمع لدينا شكلة المنفرد وجماله الخاص لكن العيب ان تركنا شبابنا يسلكون طريق الضلال ويبتعدون عن الصواب بسبب تهميشهم وعدم الاهتمام بهم فكثير من الحقائق تعمي العين عمّا تراه ولا تفهم الصورة بوضوح فتنعدم بالتالي بصيرة العقل ويعمي القلب عن الحق ويمتليء بالباطل والحقد والكراهية ويصبح الواقع لديه مزيفاً وينغمس الكثيرون في المكارة وما تحمله معها كما وان الجهل بالشيء معدٍ لبقية الناس ويستثنى البعض بقدر وعيهم ونضجهم والذي ينتج عنه السلوك والفكر النير ومدى صلاحية افعالنا بالرشد والاعتدال والوعي مفتاح الصلاح والنجاح والتعايش السلمي ولا ناجح بدون اخطاء فمن المهم الاعتراف بالخطأ وتقبله وبعده يبدأ بالتغير والتصحيح وهنا يكمن الفرق بين من يتحدث ويتشدد في الامور ويعيش ويستمر في عالم الحقد والكراهية ومن يصوب مسيرته بالفكر والوعي والتصحيح ولا بد من التطور والتقدم لتحقيق الهدف في الحياة لتجنب السقوط في الهاوية عندما لا يعرف معنى الثبات فالناجح له اهداف متجددة ويتأقلم مع الظروف والمتغيرات بينما المتشدد يبقى في محور التشدد وما يحمله من حقد وكراهية تتزايد من حين لآخر والناحج يملك حريته واستقلاليته والمتشدد لا يملك امره لانه تابع مسير وليس مخير فهو عبد مأمور ولا يملك عقله ولا قراره فهناك من يتحكم بافكاره لذلك علينا ان نبحث عن انفسنا ونتعمق ونصبر ونتعلم من الغير ما هو مفيد وصحيح ولا ضير حتى لو قلدناهم بما هو علمي ومفيد حتى تتكون لدينا شخصية مستقلة مبنية على اسس معرفية ولنتجنب قساوة العيش في الانحسار في محور التقوقع والتشدد والحياة الطيبة اختيار وقرار وليست شيئاً يفرض عليك وكل اختيار وقرار له ادواته التي يمكن تحصيلها فهناك مفاتيح يمكن استعمالها من اجل تحسينه وتخلي الناس عن تلك المفاتيح تجعله مسؤولاً عن بؤس واقعه وتعاسة مصيره خاصة ان الكثيرين يصفون الصورة الكاملة لمفهوم العيش اصبح لا يطاق وهو قرار سيء خاصة لمن يتعايش في عالم افتراضي مع مجتمعات غربية اكثر رفاهية فهناك استجابات سيئة وقرارات خاطئة وهناك استجابات سليمة وقرارات صائبة وذلك هو الميزان الذي نقيّم من خلاله ما نريد وكيف الحصول على ما نريد متجنبين التعارضات التي تطلب من الشخص ان يسلك طريقاً واحداً من طرق متعددة او خياراً واحداً من عدة خيارات وليكن قرارنا سليماً في مسلكنا للحياة وفي المعيار السليم والاقل مشقة وهو مفتاح العيش والحياة فهناك قيم دينية واخلاقية ضابطة حتى لا نقع في المسار الخطأ فالعلاقة المتبادلة مع المجتعات الاخرى جهاداً في الفهم وجهاداً في التفعيل والتطبيق السليم وهو في حقيقة الامر لب الحياة التي يحبها الله وهو بكل شيء عليم فهناك الاجتهاد على الراجح كذلك اقر الرسول صلى الله عليه وسلم الاجتهاد على الصحابة وكتب الاجر على المجتهد وفق قيم ضابطة معيارية في هذه الحياة . //
hashemmajali_56@yahoo.com