البث المباشر
وزير العمل يلتقي وفدا من النقابة العامة للعاملين بالبترول المصرية 87.8 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية أمانة عمان تعلن الطوارئ المتوسطة منذ مساء اليوم الصفدي يجري مباحثات موسعه مع نظيره الصيني في عمان الزرقاء: ندوة تناقش علم الاجتماع وصناعة الرأي العام فوز خوسيه أنطونيو كاست بالانتخابات الرئاسية في تشيلي ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت البطاينة يظفر بالميدالية الذهبية في بطولة سنغافورة للسكواش تحت سن 17 عمان الأهلية تُوقّع اتفاقية تعاون مع شركة (Codemint) لتطوير مخرجات التعلم الأميرة سمية بنت الحسن تكرّم عمّان الأهلية لتميّزها في دعم الريادة والابتكار المغرب: 7 قتلى و20 مصابا جراء فيضانات مفاجئة ارتفاع أسعار الذهب والنفط عالميا البشير: نجاح عملية زراعة كلية نوعية رغم التحديات المناعية لمريضة تعاني فشلا كلويا مزمنا مصرع 17 شخصا وإصابة 20 في حادث حافلة مدرسية بكولومبيا اطروحة دكتوراة حول أثر التحول الرقمي على الميزة التنافسية للشركات الاردنية "مكافحة المخدرات" تلقي القبض على عصابة إقليمية لتهريب المخدرات وتضبط بحوزتهم 270 كف حشيش وسلاحاً نارياً أوتوماتيكياً منخفض جوي مساء اليوم وطقس بارد وماطر محادثات برلين الأمريكية–الأوكرانية تحقق تقدماً كبيراً تركيا: توقيف شخصين بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها في إسطنبول الارصاد :منخفض جوي يؤثر على المملكة وأمطار متوقعة وتحذيرات.

قراءة سياسية في المقابلة الملكية: الأردن بين إنسانية الموقف وصلابة المبدأ

قراءة سياسية في المقابلة الملكية الأردن بين إنسانية الموقف وصلابة المبدأ
الأنباط -

د. خالد العاص

في لحظة استثنائية من الصراحة السياسية والإنسانية، قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) خطابًا يعلو فوق الدبلوماسية التقليدية، ويعيد تعريف مفهوم القيادة في زمن تتساقط فيه القيم أمام المصالح. لم يكن الملك يتحدث بلغة الشعارات، بل بلغة الإنسان الذي رأى المأساة بعينيه، وعايش حجم الألم الذي يعصف بغزة منذ أكثر من عامين.

تحدث جلالته بصفته جنديًّا سابقًا وقائدًا حاليًا، لا يصف الحرب من وراء المكاتب بل من الميدان الإنساني ذاته. فحين قال إنه صُدم من حجم الدمار الذي شاهده بنفسه خلال مشاركته في عمليات إنزال المساعدات الجوية، كان يتحدث بلسان العالم كله الذي يرى الكارثة ولا يحرك ساكنًا. إن الصورة التي رسمها الملك ليست مجرد مشهد ميداني، بل شهادة سياسية وأخلاقية على فشل النظام الدولي في حماية الأبرياء.

وفي وصفه لما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية"، لم يكن الملك يستخدم تعبيرًا عاطفيًا، بل مصطلحًا قانونيًا مقصودًا يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية الصمت. هذا التوصيف لم يصدر عن زعيم غاضب، بل عن قائد مدرك لخطورة ما يجري، يعرف أن الكلمة في هذا السياق قد تكون أداة مقاومة أقوى من السلاح. لقد وضع الملك النقاط على الحروف حين قال إن السماح باستمرار هذا الوضع "يتجاوز كل الحدود"، في تذكير واضح بأن الصمت لم يعد حيادًا، بل تواطؤًا.

وفي رؤيته لما بعد الحرب، أطلق جلالته تحذيرًا استراتيجيًا للعالم: "إذا مررنا بهذا مرة أخرى، فلن تبقى المنطقة قادرة على البقاء". إنها ليست نبوءة تشاؤمية، بل قراءة دقيقة لواقع متفجر؛ فغياب العدالة في فلسطين يعني بقاء المنطقة رهينة لدورة لا تنتهي من الغضب والعنف. لهذا، شدد الملك على أن السلام ليس خيارًا ثانويًا، بل هو شرط وجود.

أما في الملف الأمني، فقد كان موقف الأردن الذي عبّر عنه الملك حاسمًا وواضحًا: لا دورًا عسكريًا في غزة، ولا انخراطا في فرض الأمن بالقوة. هذا التمييز بين "فرض السلام" و"حفظ السلام" يكشف عمق الفهم الأردني لخصوصية القضية الفلسطينية، ورفضه لأي دور قد يُفهم بأنه وصاية أو بديل عن الفلسطينيين. لكنه في المقابل مستعد لتدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية ودعم قدراتها في حفظ الأمن الذاتي.

إن هذا الخطاب الملكي في جوهره ليس دفاعًا عن موقف سياسيّ فحسب، بل "بيانٌ أخلاقيٌّ صادر عن زعيم يرى أن الإنسانية ليست بندًا في جدول السياسة، بل أصل وجودها". إنه استمرار للنهج الهاشمي الذي جعل من القضية الفلسطينية مبدأً لا ورقة تفاوض، ومن الكلمة الصادقة أداة للمواجهة والتأثير.

لقد تحدث الملك عبدالله الثاني بلسان أردنيّ عربيّ وإنسانيّ واحد، ليقول للعالم إن الأردن، رغم صِغَر مساحته، ما زال يقف في الصف الأول من الدفاع عن الكرامة البشرية. وحين قال جلالته إنه شاهد بعينيه ما جرى في غزة، كان كمن يوقّع شهادة التاريخ: أن من يرى الحقيقة لا يجوز له أن يصمت.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير