وبعد مرورِ زمنٍ طويلٍ مع القراءةِ ومحاولاتٍ للإجابةِ عن سؤال "لماذا نقرأ؟"، رغم توفّرِ كلِّ أشكالِ المعرفةِ، إذ بكبسةِ زرٍّ واحدةٍ يمكنك أن تصبحَ سائحًا في قلبِ الصين، تتجوّلُ في شوارعِها، وتسمعُ قصصَ شعبِها، وإن شئتَ، بكبسةِ زرٍّ أخرى، تتسلّقُ أعلى قمةِ جبل، وتأكلُ من المطبخِ العربيِّ أو الغربيِّ أشهى المأكولات، وتشاهدُ بالصوتِ والصورةِ أغربَ العاداتِ والتقاليدِ حولَ العالم... ومع ذلك، لم يرقْ لي كثيرًا...
جاؤوا بالكتاب الإلكتروني، وهو تجربة طموحة لم ترقَ إلى مستوى النجاح المنشود، لكن مهما حاولوا الاستغناء عن الكتاب الورقي، فإنه سيظل صامدًا لا يُضاهى.
وأخيرًا، كنتُ أقول لنفسي: ربما توصلتُ لإجابةٍ واحدةٍ فقط... في زمنِ العلمِ الدفّاق، نحن بحاجةٍ إلى فسحةٍ سماويةٍ نهربُ إليها، نفرُّ من عالمِنا هذا إلى عالمِ الكتاب، عالم يشبهُ فطرتَنا السليمة. لهذا نحن نقرأ...
عالمٌ أقلُّ دمويةً... وأكثرُ إنصافًا... في زمنٍ ضاقت فيه أرواحُنا، وانحنتْ به ظهورُنا، واكفهرّتْ به وجوهُنا...