البث المباشر
صحفيون جدد يؤدون قسم النقابة مدير الأمن العام يزور إدارة الدوريات الخارجية ويثمّن جهودهم مجلس النواب يناقش تعديلات قانون الجمارك لعام 2025: تبسيط الإجراءات وتشديد الرقابة حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام بورصة عمان تغلق على انخفاض "طاقة الأعيان" تبحث استراتيجية ومشاريع المصفاة هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تصدر قرارات تنظيمية جديدة بشأن ضوابط استخدام المركبات والدراجات الآلية في توصيل الطلبات وتقديم خدمة التوصيل عبر المنصات الإلكترونية الملك يصل قصر الإليزيه في باريس فهم الكليات العامة للحياة ... مصر تدين محاولة اغتيال الرئيس الصومالي والغارات الإسرائيلية على سوريا المستشفى الميداني الأردني جنوب غزة 5 يستقبل 24 جريحا أصيبوا بالقصف الاسرائيلي وزير التربية يبحث العلاقات التعليمية مع السفير العراقي بعمان مستوطنون يقتحمون الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيمات نابلس وزير الصحة يفتتح 6 مستودعات أدوية ومركز مطاعيم بإقليم الشمال الجامعة العربية والبرلمان العربي يدينان محاولة اغتيال الرئيس الصومالي رئيس مجلس النواب يطالب بوقف العدوان وفتح المعابر لتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة زيارة ولي العهد لإدارة مكافحة المخدرات: تقدير ودعم وثقة وزارة المياه والري توقع مع شركة مشروع الناقل الوطني اتفاقية الاعمال المبكرة "المياه" تواصل جلسات التوعية المائية في المدارس خلال شهر رمضان

لينا جرادات تكتب:المغالطات الإعلامية...حرب الكلمات في مواجهة القوة

لينا جرادات تكتبالمغالطات الإعلاميةحرب الكلمات في مواجهة القوة
الأنباط -
المغالطات الإعلامية...حرب الكلمات في مواجهة القوة الناعمة
لينا جرادات
لم تكن المغالطات الإعلامية التي رافقت لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجرد سوء فهم أو خطأ في الترجمة، بل شكلت نموذجًا صارخًا لحرب إعلامية تهدف إلى تشويه الحقائق وصياغة سردية زائفة تخدم أجندات محددة، ففي المشهد السياسي المعقد، لا تكون المواجهة فقط بين القادة والسياسيين، بل تمتد إلى ساحة الإعلام، لتصبح الكلمة أداة للتحكم في الرأي العام وتوجيهه.

أحد أخطر المغالطات الإعلامية التي استخدمت كان الاجتزاء المتعمد، إذ تم اقتطاع عبارات من حديث الملك وإخراجها من سياقها، لتبدو وكأنها تعكس موقفًا مختلفًا عن الواقع، فعندما تحدث الملك عن وجود "خطة عربية قيد المناقشة”، تم تحريف ذلك ليبدو وكأنه يشير إلى خطة تهجير قائمة، بينما كان في الواقع يؤكد ضرورة إيجاد حل عربي مشترك يحول دون تنفيذ أي مخططات خارجية تمس أمن المنطقة.

إلى جانب الاجتزاء، برزت مغالطة التلاعب بالترجمة، إذ تم نقل بعض العبارات بصياغات مختلفة عن معناها الأصلي، مما أدى إلى قلب المعنى بالكامل، فعندما أشار الملك إلى أهمية العمل الجماعي العربي في مواجهة التحديات، نقلت بعض القنوات تصريحاته بطريقة توحي بأنه يعترف ضمنيًا بخطة التهجير، وهو تحريف ممنهج يهدف إلى إثارة الجدل وإضعاف الموقف الأردني أمام الرأي العام.

كما لجأت بعض الوسائل الإعلامية إلى الخلط بين الحقائق والتأويلات، وهي مغالطة تُستخدم لإضفاء شرعية على روايات مزيفة عبر مزجها بجزء من المعلومات الصحيحة. في هذه الحالة، تم تقديم تصريحات الملك ضمن تحليلات سياسية منحازة، ربطت كلامه بمواقف لم تصدر عنه، مما جعل الجمهور يتلقى المعلومات بطريقة منحرفة عن جوهرها الحقيقي.
أما التضليل عبر الصورة والسياق، فقد كان أحد الأساليب البارزة في هذه الحملة، حيث تم التركيز على لقطات أو تعابير وجه معينة للملك أثناء اللقاء، في محاولة لإضفاء انطباع معين يخدم الرواية المزيفة.
 
الإعلام الموجه لا يكتفي بتشويه الكلمات، بل يستخدم الصورة أيضًا لإيصال رسائل مبطنة، وهو ما ظهر في إعادة نشر مقاطع منتقاة من اللقاء، متجاهلة اللحظات التي أظهر فيها الملك موقفه الحازم.

إن هذه المغالطات الإعلامية ليست مجرد أدوات للتضليل، بل هي سلاح يستخدم في حرب الكلمات، إذ يصبح الإعلام قوة مؤثرة قادرة على توجيه الأحداث وصناعة رأي عام يتبنى وجهات نظر خاطئة.
 
في ظل هذه البيئة، لا يكون الخطر في المغالطات نفسها، بل في سرعة انتشارها وتأثيرها على الجمهور قبل أن يتم تصحيحها فوفقًا لدراسة سابقة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، فإن الأخبار الكاذبة تنتشر بنسبة 70% أسرع من الأخبار الصحيحة، مما يجعل من أي تأخير في الرد الإعلامي فرصة ذهبية لترسيخ التضليل في العقول قبل تصحيحه.

المعركة الإعلامية اليوم لم تعد تقتصر على نقل الأخبار، بل أصبحت ساحة لإعادة تشكيل الواقع وفقًا لمصالح القوى المسيطرة على الماكينة الإعلامية.
إن التصدي لهذا النوع من التضليل لا يكون بردود فعل متأخرة، بل باستراتيجية إعلامية استباقية قادرة على كشف المغالطات قبل أن تصبح حقيقة في أذهان الجمهور، فتباطؤ التصدي للمغالطات، يؤدي إلىترسيخ المعلومات المضللة قبل أن يأتي الرد الرسمي متأخرًا، فاقدًا للزخم المطلوب.

هذا الواقع يفرض ضرورة تطوير استراتيجية إعلامية تواكب المتغيرات، بحيث لا يقتصر دور الإعلام المحلي على التغطية التقليدية، بل يمتلك القدرة على التحليل الفوري والتدخل الاستراتيجي في الأزمات الإعلامية.

إن ما حدث خلال هذا اللقاء مؤشر على الحاجة إلى إعادة النظر في البنية الإعلامية، بحيث تكون هناك وحدة متخصصة في التعامل مع الأزمات الإعلامية، تمتلك الأدوات والخبرات اللازمة للرد الفوري والتصدي لأي حملة تشويه تستهدف المواقف الوطنية.
 
الإعلام في عصر اليوم بات ساحة معركة تُخاض فيها الحروب الناعمة، ومن لا يمتلك أدوات المواجهة سيجد نفسه دائمًا في موقع الدفاع، بينما الآخرون يصوغون له روايته كما يريدون.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير