الأنباط -
السباعي: اطلاق حملات لتسليط الضوء على قدرة المرأة وكفاءتها
النعيمات: يوجد نساء يرفضن العمل بمهن مخصصة للرجال لصعوبتها
الدهون: عمل المرأة بمهن الرجال يمكن أن يعتبر تحديًا للصور النمطية
أبو معالي: الاسلام لا يمنع عمل المرأة ولا تجارتها
الأنباط - فرح موسى
بضغط من التغيرات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية، كسرت المرأة حواجز كثيرة في عدة مجالات وصولاً إلى العمل بمهن كانت حكرًا على الرجال.
مهن تحتاج إلى قوة جسدية ومهارات خاصة خاضت غمارها المرأة رغم التحديات والصعاب، ما يطرح تساؤلاً حول إمكانية المجتمع لدعم المرأة في هذه المجالات لتحقيق النجاح.
من عاملة في محطة محروقات، إلى قيادة باصات صغيرة لتوصيل طلاب مدارس، إلى توصيل الطلبات إلى المنازل، وصولاً إلى قيادة شاحنات بضائع، جميعها مهن اخترقتها المرأة بعد أن كانت محصورة بالرجال، مدفوعة بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة فرضت واقعًا مختلفًا عمّا كان معتادًا في مجتمعنا، لتثبت المرأة قدرة وكفاءة في مختلف المجالات.
"الأنباط" استطلعت آراء سيدات يعملن في مجالات عدة كانت حكرًا على الرجال وتخوض هنا في التحديات والعقبات التي تواجههن، في بحث للوصول من خلاله إلى سبل وأدوات قد تمكن المرأة وتعزز تواجدها في هذه المهن.
المواطنة "ا.ع" تقول إنها تعمل في محطة محروقات لمدة اثني عشر ساعة يوميًا، مثلها مثل باقي الموظفين في المحطة وانها اضطرت للعمل في المحطة لأنها لم تستطع أن تجد عملاً بديلاً وأنها كانت تعاني من نظرات الاستهجان التي كانت تلاحظها في عيون الناس، وتابعت، نعم إنه عمل صعب وشاق وأتمنى أن أجد عملاً آخر وحينها لن استمر في هذا العمل.
أما "س ح" فتعمل على توصيل طلاب مدارس، حيث أنها تملك باص هونداي "h 100"، وتقول أنها تعين زوجها، الذي يعمل على بسطة في السوق، على متطلبات الحياة.
وتتابع أنها تشعر بسعادة في عملها البسيط الذي لا يستمر لأكثر من ثلاث ساعات يوميًا وانها لا تبالي من نظرات الناس إليها.
من جهتها، تعمل "م ح" على سيارتها الخاصة في توصيل طلبات من بعض المطاعم وأنها أيضًا متعاقدة مع سيدات في نقلهن إلى أماكن عملهن، وتقول أن فترة عملها طويلة وأنها تورطت حسب قولها بأقساط سيارة ومبالغ كثيرة، وتقول أنها أحيانًا تشعر بالخوف وخاصة عندما يطلب منها بعض الزبائن إيصال الطعام إلى داخل البنايات وعلى أبواب الشقق.
أما المواطنة "ت ا" فتقول أنها مع عمل المرأة حيث أنها تعمل مهندسة معمارية ولكن هذا العمل يتطلب عملاً ميدانيًا متواصلاً وهو مناسب أكثر للشباب من الإناث، مبينة أن هذا العمل يبقى أفضل من كثير أعمال أصبحت تمارسها المرأة حديثًا.
بدورها، قررت "ع ط" أن تعمل سائقة شاحنة لتوزيع البضائع، وتقول أنها واجهت الكثير من الانتقادات في البداية ولكن الآن أصبحت مضربًا للمثل في قوتها وتحديها للواقع وتقول أنها كانت تتمنى أن تعمل في تخصصها الجامعي ولكن للأسف لم تجد سبيلاً للتعيين وهي تعمل كي تساعد زوجها في مصاريف البيت الكبيرة.
النظرة النمطية
والمرشدة التربوية هند محمد السباعي إن هناك عدة طرق لتغيير نظرة المجتمع لعمل المرأة في المجالات التي كانت حكرًا على الرجال وهي:
أولاً: التوعية والتعليم، من خلال حملات توعية تسلط الضوء على قدرة المرأة وكفاءتها في مختلف المجالات، يمكن تغيير المفاهيم القديمة التي تقتصر على فكرة "أعمال الرجال".
ثانيًا: دعم الأدوار النموذجية، بتسليط الضوء على النساء الناجحات في مجالات كانت تُعتبر حكرًا على الرجال يمكن أن يكون له تأثير قوي. قد يشمل ذلك رياديات أعمال أو خبراء في المجالات الفنية، الهندسية، أو العسكرية.
ثالثًا: القوانين والتشريعات، من خلال سن قوانين تشجع المساواة في الفرص بين الجنسين في جميع المجالات. مثل قوانين منع التمييز في التوظيف، وكذلك تشجيع الشركات على التوسع في توظيف النساء في المجالات غير التقليدية.
رابعًا: المشاركة في الحوار المجتمعي، من خلال المشاركة الفعالة في النقاشات العامة حول أدوار المرأة في المجتمع، ويمكن تغيير التوجهات التقليدية وإظهار الفوائد المتنوعة التي يمكن أن تجلبها مشاركة المرأة في مختلف الصناعات.
خامسًا: دعم الرجل للمرأة في العمل، يشمل هذا تعزيز ثقافة الدعم بين الرجل والمرأة في العمل وتحدي الأفكار السلبية المرتبطة بقدرة المرأة على النجاح في مجالات كانت تُعتبر حكرًا على الرجال.
نصائح
وتضيف السباعي "إذا كانت المرأة تعمل في مجالات مثل محطات الوقود (كازية) أو في المقاهي (قهوة) وتعتقد أن هذا العمل لا يناسب طبيعتها أو أنها تشعر بعدم الارتياح له، يمكن أن نقدم لها بعض النصائح لمساعدتها في التعامل مع الوضع أو اتخاذ خطوات نحو تغيير مهنتها وأولها التقييم الشخصي والمشاعر، فيجب على المرأة أن تقيم مشاعرها تجاه العمل الحالي، بمعنى هل هو عمل يسبب لها توترًا أو عدم راحة جسدية أو نفسية؟ إذا كان العمل في محطات الوقود أو المقاهي لا يناسب شخصيتها أو رغباتها، قد يكون الوقت مناسبًا للتفكير في التغيير.
نصيحة أخرى وجهتها السباعي، وهي البحث عن فرص تدريبية أو تعليمية، في حال كانت تشعر بأنها محاصرة في هذا العمل، يمكنها التفكير في اكتساب مهارات جديدة أو تحسين مهاراتها الحالية، وتضيف على سبيل المثال، إذا كان لديها رغبة في العمل في مجال آخر، مثل التسويق، الإدارة، أو التكنولوجيا، يمكنها البدء في التعلم للحصول على شهادة أو تدريب يمكن أن يساعد في انتقالها إلى وظيفة أخرى.
كما تنصح السباعي المرأة بإيجاد بيئة عمل مرنة ومريحة إذا كانت الظروف المحيطة بالعمل هي السبب الرئيسي لعدم الراحة، مثل ساعات العمل الطويلة أو الإجهاد البدني، يمكنها البحث عن أماكن تقدم بيئة عمل أكثر مرونة، مثل العمل في محلات قهوة صغيرة أو محطات وقود أقل ازدحامًا.
إضافة إلى التواصل مع المسؤولين، فإذا كان هناك جوانب معينة من العمل تؤثر على راحة المرأة أو راحتها الجسدية، يمكنها التواصل مع الإدارة لطلب تحسينات. قد تشمل هذه التحسينات تعديل ساعات العمل أو توزيع المهام بشكل يتناسب مع قدراتها، كما يمكنها إعادة التفكير في الخيار المهني، فإذا كان العمل في المحطة أو المقهى غير مرضٍ من الناحية الشخصية أو المهنية، فقد يكون من المفيد التفكير في تغيير المجال تمامًا. ويمكنها البدء بالبحث عن وظائف أخرى في مجالات تناسب اهتماماتها أو تتطلب مهارات أخرى، مثل التعليم، البيع عبر الإنترنت، أو العمل في القطاع الصحي أو الاجتماعي، بحسب السباعي.
نصيحة أخرى وجهتها السباعي، وهي التمسك بالاستقلالية المالية، فمن المهم أن تدرك المرأة أن العمل في محطات الوقود أو المقاهي يمكن أن يكون خطوة مبدئية لتحقيق الاستقلال المالي. إذا كان هذا العمل يمنحها دخلاً ثابتًا، يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتحقيق طموحات أكبر أو العمل على تطوير مهارات إضافية لمستقبلها المهني. إضافة إلى ضرورة الحديث مع الأشخاص المقربين، فيمكن للمرأة أن تتحدث مع الأصدقاء أو العائلة للحصول على دعم معنوي أو نصائح عملية. وأحيانًا يكون الحوار مع الآخرين مفيدًا لفهم الخيارات المتاحة لها.
وأكدت ضرورة التفكير في المدى الطويل، فإذا كان العمل الحالي مؤقتًا أو لا يتناسب مع طموحاتها على المدى الطويل، يمكنها أن تحدد هدفًا واضحًا في الانتقال إلى مجال آخر في المستقبل القريب، مع التخطيط لكيفية الوصول إلى هذا الهدف بشكل تدريجي.
وأشار السباعي إلى أن عمل المرأة في الأعمال المنزلية يمكن أن يساهم بشكل كبير في نجاح الأسرة، ولكن هذا يعتمد على عدة عوامل تشمل توزيع الأدوار داخل الأسرة، وتقدير العمل المنزلي، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
التوازن بين العمل الخارجي والمنزلي
واستعرضت السباعي كيف يمكن أن يؤثر عمل المرأة على المنزل وعلى نجاح الأسرة، وبينت عدة فوائد للأمر وهي دعم الاستقرار العاطفي والنفسي، فعمل المرأة في الأعمال المنزلية يساهم في خلق بيئة منزلية مريحة ومستقرة، مما يعزز الراحة النفسية لجميع أفراد الأسرة. الاهتمام بنظافة المنزل، وتنظيم الأمور اليومية، والطهي، قد يساعد في تقليل التوتر والضغط النفسي على جميع أفراد الأسرة، بالإضافة الى (تعزيز الترابط الأسري) عندما تقوم المرأة بدورها في المنزل يمكنها توفير بيئة دافئة تساعد على تقوية الروابط الأسرية.
إضافة إلى إدارة الوقت والموارد، فالمرأة التي تدير الأعمال المنزلية بشكل جيد تسهم في تخطيط وتنظيم الوقت بشكل فعّال. كما أن إدارة الميزانية المنزلية، سواء كانت تقوم بها المرأة أو تشارك فيها مع الزوج، يمكن أن تساهم في تحسين الوضع المالي للأسرة من خلال تنظيم النفقات وتخصيص الموارد، بحسب السباعي.
وأضافت أيضًا أن على المرأة التي تعمل خارج المنزل، إيجاد توازن بين عملها المهني ودورها في المنزل. وهذا التوازن قد يتطلب توزيع المهام بشكل عادل بين الزوجين، مما يساهم في نجاح الأسرة. وقد لا يكون من السهل على المرأة أن تقوم بكل الأعمال المنزلية بنفسها، ولذلك فالتعاون مع الزوج أو أفراد الأسرة الآخرين يعتبر أمرًا أساسيًا لضمان النجاح الأسري.
التقدير والمساواة في الأدوار، ترى السباعي أنه من فوائد عمل المرأة، مبينة "إذا كانت المرأة تشعر بالتقدير لعملها في المنزل، فإن ذلك يعزز من رضاها النفسي ويسهم في تحقيق نجاح الأسرة. في بعض الثقافات أو الأسر، قد يكون العمل المنزلي غير معترف به أو لا يُقدّر بما يكفي، وهو ما قد يؤدي إلى الشعور بالإحباط".
بالإضافة إلى دور المرأة في تربية الأبناء على القيم والأخلاق، فالمرأة التي تهتم بالأعمال المنزلية قد تلعب دورًا كبيرًا في تعليم الأطفال القيم الأساسية مثل التعاون، الاحترام، وتحمل المسؤولية. هذه القيم يمكن أن تساهم في تشكيل شخصيات الأبناء بشكل إيجابي، مما يعزز من نجاح الأسرة على المدى الطويل.
وختمت السباعي أن عمل المرأة في الأعمال المنزلية يمكن أن يساهم بشكل كبير في نجاح الأسرة إذا تم بشكل منظم ومشترك مع جميع أفراد الأسرة. النجاح لا يتعلق فقط بالأعمال المنزلية، بل بتوزيع المسؤوليات بشكل عادل، وتقدير دور كل فرد في الأسرة.
من جهتها، تقول المرشدة التربوية سجود النعيمات أنه وفي ظل الظروف الصعبة التي نعيشها لجأت بعض النساء ومن باب الشعور بالمسؤولية للعمل في بعض المهن والأعمال التي كانت حكرًا على الرجال بسبب طبيعة هذه الأعمال الشاقة والتي بحاجة لمجهود بدني وتحتاج أيضًا لأوقات عمل طويلة فأصبحنا نشاهد نساء تعملن في صيانة المركبات، ومنهن من تعمل سائقة تطبيقات، ومنهن من تعمل في مجال توصيل الطلبات، وشاهدناهن أيضًا في المطاعم، ومحلات بيع القهوة، ومحطات الوقود.
تتابع النعيمات "نعم يوجد نساء ترفضن العمل في هذه المهن لصعوبتها بالرغم من الحاجة فتوجهن للمصانع منهن من فتح مخيطة في منزلها ومنهن من حولت بيتها لمطبخ إنتاجي ومنهن من تذهب إلى البيوت للتنظيف.
أما المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون فيقول إن علم النفس ينظر إلى عمل المرأة في مجالات كانت تعتبر من المجالات الخاصة بالرجال من زوايا متعددة فمن جهة يمكن أن يعتبر هذا العمل تحديًا للصور
النمطية التقليدية للجنسين وهذا يعزز من مفهوم المساواة بين الجنسين والذي تطالب به المرأة ومن جهة أخرى قد يكون سببًا في زيادة الضغوط النفسية على المرأة وذلك بسبب التوقعات الاجتماعية والتمييز المحتمل في بيئات العمل.
ويقول أنه في حال عملت المرأه في مثل هذه المجالات لا بد من توفير الدعم وتوفير بيئة عمل إيجابية تشجع على التنوع والشمولية.
بدوره، قال الدكتور في كلية الآداب بجامعة جدارا عاطف أبو معالي "لا يمنع الإسلام عمل المرأة ولا تجارتها فالله تعالى شرع للعباد العمل وأمرهم به في عدة مواضع في القرآن الكريم. وهذا يعم الجميع رجالاً ونساء وشرع التجارة فالإنسان مطلوب منه العمل والإنجاز والعمل للمرأة هنا مسموح على وجه ليس فيه ما يسبب التعرض لدينها وعرضها ولا يسبب الفساد والفتنة للرجال".
وبين أبو معالي أن عمل المرأة مرتبط بالحاجة إلى زيادة الدخل ومساعدة الرجل في توفير متطلبات الحياة.