الأنباط -
إرشيد لـ الأنباط : السوق الشعبي ملاذ للأسر ذات الدخل المحدود في ظل ارتفاع الأسعار
د. معالي : سوق الجمعة مكانٌ يجمع بين التجارة وتخفيف الأعباء المالية على الأسر
الانباط :فرح موسى
يُعد سوق الجمعة في محافظة إربد من أبرز الأسواق الشعبية في الأردن، وأحد المعالم الثقافية التي تجمع الناس من شتى أنحاء المملكة لبيع وشراء تشكيلة واسعة من السلع والمنتجات، ويتميز بأجواء نابضة بالحياة، إذ يمكن للزوار العثور على كل ما يخطر ببالهم من ملابس وأدوات منزلية وأطعمة طازجة، وصولاً إلى الطيور والحيوانات الأليفة.
ولا يقتصر دور سوق الجمعة على كونه مكانًا للتجارة، بل هو أيضًا مساحة مثالية للتفاعل الاجتماعي وتبادل الثقافات، حيث يلتقي فيه أشخاص من مختلف الطبقات والفئات، ما يعزز الروابط الاجتماعية ويضيف إلى التجربة روحًا مميزة تعكس تنوع المجتمع الأردني.
في السياق قال رئيس بلدية إربد الدكتور المهندس نبيل الكوفحي : أن سوق الجمعة الواقع على طريق الرمثا بعد منطقة حوارة، يشكل بعض التحديات، منها ازدحام حركة المرور ومظاهر سلبية على البيئة نتيجة عدم التزام بعض البائعين والرواد بالنظافة.
وأكد في حديث له مع "الأنباط"، أن البلدية مستمرة في تنظيف الموقع منذ فترة طويلة، لافتًا إلى أنه وبـ الرغم من كل هذه التحديات إلاّ أن السوق يسهم في تنشيط الحركة التجارية، ويُعَد ملاذًا لذوي الدخل المحدود، إضافة إلى جذب الأفراد من الطبقتين الغنية والمتوسطة نظرًا لتنوع المنتجات المعروضة.
وأضاف أن البلدية تثمن أي جهود تسهم في تنظيم هذا السوق، مشيرًا إلى إنشاء سوق شعبي في منطقة البياضة بهدف تنظيم عمل التجار، مبينًا أن السوق الحالي يتسع لعدد كبير من الزوار، ومعربًا عن أمله في أن يلتزم البائعون والرواد بنظافة المكان والحد من الآثار السلبية، الأمر الذي يعزز من جاذبية السوق كوجهة تسوق مميزة للجميع.
إلى ذلك، أكد أستاذ الدراسات التاريخية في جامعة جدارا الدكتور عاطف محمد أبو معالي، أن "سوق الجمعة" يُعد من أبرز الأسواق الشعبية المنتشرة في المملكة الأردنية، موضحًا أن ظاهرة الأسواق الشعبية ليست مقتصرة على الأردن أو منطقة معينة، بل هي موجودة في مختلف أنحاء العالم.
وبيّن، أن "سوق الجمعة" يمثل أحد ركائز تنشيط التنمية المحلية، ويعكس عادات وتقاليد المجتمع، إضافة إلى تقديم الحرف اليدوية، ويعد وجهة جاذبة للسياح، حيث يتيح لهم التعرف على الحرف والمهن التقليدية، والمأكولات والملابس التي تعبر عن الموروثات الشعبية، مؤكدًا على أهمية تحسين مظهر هذه الأسواق وتطوير بنيتها التحتية لتلبية احتياجات المجتمع والسائحين والتجار والحرفيين، حتى تؤدي دورها بشكلٍ فعال، وتتيح تجربة تسوق مريحة وجذابة للزوار.
وأضاف أن السوق يشكل وجهة مفضلة لذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، نظرًا لانخفاض أسعاره مقارنةً بالمولات والمحلات الفاخرة، حيث يتفاوت السعر بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30% أقل من الأسواق التجارية الأخرى، مشيرًا إلى أن تنوع المنتجات والتجار والحرفيين في هذا السوق يعزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويُعد مصدر رزق لهم ولعائلاتهم، مما ينعكس إيجابًا على تطور المجتمع بجوانبه المختلفة.
بـ المقابل، قال المحلل الاقتصادي مازن إرشيد : أن الأسواق الشعبية، مثل سوق الجمعة في الأردن، تعد من أهم الركائز الاقتصادية التي تساهم في الحد من الفقر والبطالة، حيث توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لعدد كبير من الأفراد، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة التي بلغت نحو 23% في النصف الأول من عام 2024.
وأشار في حديثه مع الأنباط، إلى أن هذه الأسواق تمكن الباعة من عرض منتجاتهم دون تكاليف باهظة، ما يساعد في توفير مصدر دخل ثابت للأسر ذات الدخل المحدود، وبالتالي يسهم في تحسين مستوى معيشتهم وتقليل معدلات الفقر، مبينًا أن الأسواق الشعبية تدعم الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع الإنتاج المحلي والحرف اليدوية، حيث تتيح للحرفيين والمزارعين بيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، ما يزيد من أرباحهم ويقلل من الاعتماد على الوسطاء.
وأكد إرشيد على أن هذه الأسواق تشكل وجهة مفضلة للمستهلكين الباحثين عن سلع بأسعار معقولة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث توفر السلع بأسعار تنافسية، ما يخفف من الأعباء المالية على الأسر ويعزز من قدرتهم الشرائية، لافتًا إلى أن 35% من السكان في الأردن، أي ما يقارب 3.9 مليون شخص، يعيشون تحت خط الفقر، مما يجعل هذه الأسواق ضرورية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، إضافة الى أن الأسواق الشعبية تساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي وتوفير بيئة تفاعلية بين فئات المجتمع المختلفة، مما يسهم في تقوية الروابط الاجتماعية وبناء مجتمع متماسك ومتعاون.
وختم إرشيد بالقول إن الأسواق الشعبية تمثل عنصرًا حيويًا في الاقتصاد الأردني، لما تقدمه من فرص عمل، ودعم للإنتاج المحلي، وتخفيف للأعباء المالية على الأسر، وتعزيز للتماسك الاجتماعي. ودعا إلى تطوير هذه الأسواق ودعمها كجزء من الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى الحد من الفقر والبطالة.